في أحدث محادثات رفيعة المستوى لإعادة التفاوض على العلاقات الثنائية، التقى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، مع السفير الصيني لدى دمشق، شي هونغ وي، وسط تعقيدات تحيط بملف دمج المسلحين الأجانب في قوات الأمن الجديدة، رغم معارضة بكين.
وخلال اللقاء، ناقش الشيباني مع السفير الصيني "التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى العلاقات بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات"، وفقاً لوكالة الأنباء السورية الرسمية، فيما أكد هونغوي، بحسب سانا، أهمية استمرار التنسيق بين الجانبين.
والاجتماع الذي عُقد يوم الأحد هو الأحدث بين البلدين، اللذين يمران بعلاقة حساسة بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
ووفق تقرير لموقع "المونيتور" لا تزال العلاقات بين الصين وسوريا في طريق مسدود، حيث تظل بكين حذرة بشأن اندماج المسلحين الأجانب في القوات الجديدة، في حين تسعى دمشق التي تشعر بالقلق من تنفير المقاتلين الذين ساعدوا في تأمين انتصاراتها العسكرية الأخيرة، إلى التوصل إلى حل وسط لا يقوض استقرار نظام الحكم الجديد.
وتمثّل اللقاءات المتعددة بين بكين ودمشق محاولة لتحقيق اختراق وسط الملفات الشائكة، ففي مارس/ آذار، استضاف الشيباني وفداً صينياً برئاسة هونغوي في دمشق، الذي كان قد التقى قبلها بالرئيس السوري، أحمد الشرع، في فبراير/ شباط الماضي.
ورغم التباعد بين دمشق الجديدة وبكين، إلا أن الصين تضع نصب عينيها الاستفادة من مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، والذي تقدّر بحسب الأرقام الدولية بأكثر من 400 مليار دولار.
وتحتاج سوريا إلى موارد أكبر كثيراً لتغطية احتياجات إعادة الإعمار، ولكن مع تدخّل الغرب والجهات الفاعلة الإقليمية، بقيت الصين "في موقف الانتظار"، وفق "المونيتور".
وهناك طريقتان لتدفق رأس المال الصيني إلى سوريا، بحسب جيسي ماركس، الرئيس التنفيذي لشركة "رحلة للأبحاث والاستشارات"، واشنطن، الأولى هي "الشركات الخاصة، ورواد الأعمال الصينيون"، والثانية "رأس المال الحكومي".
ويشير ماركس إلى أن الطريقة الثانية ستُتيح "صفقات كبرى"، لكن "من غير المرجح أن يحدث ذلك حتى ترضخ السلطات السورية لمطالب بكين أو تُبدي ارتياحاً أكبر للموقف أو نوع السياسات التي قد تتبناها السلطات السورية الجديدة لإدارة هذا الملف الأمني القومي".
وتمتلك الصين القدرة المالية، ولطالما كانت حريصة على تقديم الدعم للدول المحتاجة للبنية التحتية والتنمية الاقتصادية، وهو دعم غالباً ما يصاحبه نفوذ سياسي أو تجاري موسع، لكنها مترددة في حالة سوريا بسبب مخاوفها الأمنية.
ويعتقد ماركس أنّ الصين لن تتسرّع في الانخراط بشكل واسع في خطط إعادة الإعمار، مؤكداً أنها تشدد أولاً على سبل المضي قدماً في مجالات الأمن القومي ومكافحة الإرهاب ذات الاهتمام.
ويبدو أن بكين عاجزة حتى الآن عن تخطي المخاوف الأمنية في دمشق، وكما يضيف ماركس أن الصين ستواصل "التعاون مع حكومة دمشق حتى تتمكن من إيجاد طريقة للمضي قدماً".
وتكمن الصعوبة، كما يقول ماركس، في أن الصين وسوريا لا تزالان تحاولان تحديد ما يرضي كل طرف، ولذلك فإن الجانبين ما زالا يتصارعان حول "ما هو الحد الأدنى المشترك من التنازلات التي تكون الصين على استعداد لتقديمها والتي تستطيع الحكومة السورية، في إطار بقائها، الوفاء بها".