أربكت موافقة الولايات المتحدة "السريعة" على خطة طرحتها القيادة السورية للسماح للآلاف من المتشددين الأجانب الذين كانوا في السابق ضمن المعارضة بالانضمام إلى الجيش الوطني، ملف المقاتلين الأجانب الشائك.
وبحسب مراقبين، فإن الإرباك جاء من اقتصار الدمج على فئة واحدة من المقاتلين، وهي الأويغور القادمون من الصين، مستثنية المقاتلين العرب والأوزبك والشيشان والذين يعدون "العُقدة" الأساس للملف.
وأثارت الموافقة "السريعة" تساؤلات عديدة للمراقبين، وقراءات في تفسير تفاصيل القرار الذي نصّ على انضمام نحو 3500 مقاتل أجنبي، معظمهم من الأويغور من الصين والدول المجاورة، إلى وحدة مشكلة حديثاً، وهي الفرقة 84 من الجيش السوري، والتي ستضم سوريين أيضاً.
وجاءت الموافقة الأمريكية، بحسب ما ذكر ثلاثة مسؤولين دفاعيين لوكالة رويترز، مشروطة بـ "الشفافية وعدم استلام مناصب قيادية أو رفيعة في الدولة أو الجيش"، وهو ما اعتبره الخبير العسكري، أحمد رحّال "أمراً يبعث على الريبة".
ويستشعر أحمد رحّال في تصريح لـ "إرم نيوز" وراء الموافقة السريعة "حقل ألغام"، خصوصاً أن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب "خفّفت وبشكل مفاجئ شرطها الأساس لرفع العقوبات، إلى تساهل وقبول لدمج فئة دون غيرها من المقاتلين في الجيش السوري".
وفي تساؤله عن السبب وراء استثناء مقاتلين عددهم أكبر ومن جنسيات مختلفة من القرار الأمريكي، يصف الخبير العسكري، القرار بأنه أشبه بـ "فخ".
ولا يستبعد مراقبون أن يكون استثناء الجنسيات الأخرى التي يزيد تعداد مقاتليها عن 9 آلاف، بهدف دفعهم إلى تنظيمات أخرى متطرفة ومن ثم محاربتهم ضمن ما عُرف سابقاً بـ "الحرب على الإرهاب" والتي استهدفت تنظيم داعش.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي، علي حمادة، إن المحتمل أن تطلق الحكومة السورية النار "على من كانوا في وقت من الأوقات معها في الخندق نفسه"، معتبراً أنه مهما كان مصير المقاتلين العرب والشيشان، فإنه لن تبقى هناك فصائل منفلتة من الضوابط، متوقعاً أن يتعرضوا للاستهداف السوري الحكومي أو الدولي أو الإسرائيلي.
وبينما يتوقع علي حمادة في تصريح لـ "إرم نيوز" أن يتم ترحيل المقاتلين الذين لم تشملهم الموافقة الأمريكية على الدمج إلى أفغانستان وغيرها، فإن الخبير الاستراتيجي، الدكتور عامر السبايلة، يرجح أن داعش ربّما يستفيد من تلك العناصر من عرب وشيشان وأوزبك، لكنه استدرك أن المقاتلين المستبعدين من الضم سيكونون "تحت المجهر"، خصوصاً مع بدء عملية محاربة التنظيم الإرهابي في المرحلة القادمة.
ويضيف السبايلة لـ "إرم نيوز" أن تنظيم داعش في المقابل لن يُرحّب تماماً بانضمام هؤلاء المقاتلين إليه على اعتبار أنهم "تغيّروا أيدولوجياً" مع التغييرات التي أصابت قادتهم، والذين أصبحوا الآن في إدارة الحكم الجديد في دمشق.
وبينما شمل القرار الأمريكي نحو 3500 مقاتل أجنبي لضمهم إلى المؤسسة العسكرية السورية الجديد، ترجح تقارير أن تكون هناك دفعة أخرى، وهو ما يعلّق عليه المحلل السياسي مازن بلال، بأنه "تغيير ثقافي وديمغرافي"، لتأثير هؤلاء المقاتلين فيما بعد على "هوية الدولة".
ويقول في تصريح لـ "إرم نيوز" إنه "يصعب اليوم رؤية مستقبل سوريا في ظل هذا الكم من المتشددين الذين يتواجدون داخل مؤسسات الدولة وليس فقط مجموعات مسلحة، ولا يمكن إبعادهم بجهود سورية".
ويضيف أنه "حتى لو توفرت الإرادة للسلطة في دمشق، فإن إبعاد هؤلاء المقاتلين سيكون قراراً إقليمياً بالدرجة الأولى"، معتبراً أن "التساهل الأمريكي تجاه الحزب الإسلامي التركستاني عبر الموافقة على ضمه للجيش الجديد، سيهدد الأمن الإقليمي، وليس سوريا فقط".
لكن علي حمادة يرى أن الحكومة السورية ما كانت لتأخذ هذا القرار وتقدم تعهدات للإدارة الأمريكية "لولا أنها لم تتأكد من قدرتها على ضبط هؤلاء المقاتلين"، ضمن تشكيلات منضبطة تابعة لوزارة الدفاع الجديدة.