ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
تسير قوى سياسية بارزة في لبنان، تجاه إحياء تحالفات داخلية، لدعم قرارات الدولة في مواجهة التهديدات القائمة، وهو ما ظهر في تحرك شخصيات سياسية، وإعلانهم مساندة الحكومة في عملية التفاوض مع إسرائيل.
وانعكس ذلك في الجلسة التي جمعت رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل، نبيه بري والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط مؤخرًا، والتي قد ترسم معها تحالفات سياسية جديدة، لمساندة توجه الدولة بما يخدم حماية الداخل من شن أي هجوم إسرائيلي مع العمل على تنفيذ عملية نزع السلاح، وذلك في ظل ارتباك حزب الله، المرهون قراره بمصالح طهران.
وتعمل الحالة التوافقية لمثل هذه التحالفات على "شرعنة" الأكثرية الداعمة للدولة التي طورت مستوى التفاوض مع إسرائيل، بإدخال عنصر مدني على "الميكانيزم"، ولكن ضمن أطر معينة، في طليعتها تأمين الانسحاب الإسرائيلي من النقاط المحتلة الحدودية وتسوية الـ6 نقاط الحدودية على الخط الأزرق وعودة الأسرى اللبنانيين، ووقف الاعتداءات على الداخل، وبالتأكيد يرتبط كل ذلك، بنزع سلاح ميليشيا حزب الله.
وقال خبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إنه في ظل ظهور دور بري وجنبلاط مجددًا لدعم الدولة مع تطور مسألة المفاوضات والصراع مع إسرائيل، يسعى حزب الله من تحت الطاولة ووراء الكواليس إلى أن يكون هو المؤثر الأساسي في القرار السياسي للتفاوض وأن يستفيد من أي لحظة يضعف فيها موقف الدولة وأي حالة يسد فيها آفاق الحلول حتى يستطيع بعد ذلك تقديم عروضه، ليجد له دور ينقله إلى الضفة الأخرى ومرحلة جديدة.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية، وليد صافي، أن التوافق بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، هو عامل قوة للبنان في هذه المرحلة الشديدة التعقيد حيث يتفق الرجلان على إبعاد شبح الحرب عن لبنان وتعزيز الاستقرار في لبنان بشكل عام والجنوب بشكل خاص.
وأضاف صافي لـ"إرم نيوز"، أن هذا التوافق الكبير من شأنه أن يعطي ورقة مهمة للبنان في المفاوضات ويقوي موقفه ويؤثر بشكل إيجابي، مشيرًا إلى أن تعيين رئيس الجمهورية للسفير سيمون كرم، كممثل مدني للوفد اللبناني في الميكانزم، كان قرارًا سياديًّا مهمًّا وجرى توافق عليه بين الرؤساء الثلاثة والزعيم وليد جنبلاط قام بتأييد هذا الموقف باتجاه السير بالمفاوضات.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية أن النقطة المهمة اليوم أن تذهب الدولة اللبنانية في إطار تفاوضي واضح تحدد فيه الأهداف وفي الطليعة من ذلك، تأمين الانسحاب الإسرائيلي من النقاط المحتلة الحدودية وتسوية الـ6 نقاط الحدودية على الخط الأزرق وعودة الأسرى اللبنانيين.
وشدد صافي على ضرورة تركيز المفاوضات على الشق التقني الأمني ولا سيما أنها حتى الآن لا تعتبر مفاوضات سياسية في وقت تحاول فيه تل أبيب جر بيروت لذلك بطرحها التفاوض حول إقامة منطقة اقتصادية على الحدود أو الذهاب إلى تطبيع العلاقات بين البلدين، الأمر الذي يعتبر لبنان غير مستعد له في هذه المرحلة، منبهًا إلى أهمية استمرار المفاوضات بطابع تقني قانوني محدد الأهداف.
ولفت إلى أن موقف أمين عام حزب الله خلال الأيام الأخيرة من المفاوضات كان مترددًا بين نعم ولا، في آن واحد، ولكن لا يبدو أن الحزب اليوم في موقع يمكنه من تعطيل المفاوضات، موضحًا أن تصريحات نعيم قاسم كانت واضحة، حتى لو انتقد الدولة اللبنانية ولكنه لا يبدو أنه بصدد أيّ إجراءات عملية لنسف هذه المفاوضات، لأنه يعلم مقدار موازين القوى الحالية، وهو ما انعكس في عدم الرد على اغتيال رئيس أركان التنظيم، هيثم الطبطبائي، في ظل اداركه جيدًا ما ستؤول إليه الأمور في حال القيام بأي رد فعل على هذه العملية.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية أن المفاوضات ستسلك طريقها في ظل وجود شبه إجماع وطني وموافقة الأكثرية الحكومية بما يزيد على ثلثي الوزراء عليها، بجانب موافقة الرؤساء الثلاثة على ذلك، ولكن في الوقت ذاته تساءل صافي قائلًا :"لبنان قام بما هو مطلوب منه بتعيين مدني بالمفاوضات.. هل ستتجاوب إسرائيل بالانسحاب وتوقف الأعمال العدائية وتنفذ اتفاق وقف إطلاق النار؟!"
بدوره، يقول السياسي اللبناني، زياد ضاهر، إن الرجلين بري وجنبلاط، لديهما طريق طويل من التحالف وصناعة المشهد السياسي والتعامل مع التطورات الإقليمية والدولية، ليظهر دورهما مجددًا مع تطور مسألة المفاوضات والصراع مع إسرائيل، ولا سيما دور الرئيس بري المحاط باهتمام عربي وإقليمي ودولي، لما يسهم به من توفير الشروط الخارجية الخاصة بنزع السلاح والملفات العالقة.
وأوضح ضاهر لـ"إرم نيوز"، أن تعيين السفير سيمون كرم كانت خطوة متقدمة ولا سيما أن هذا القرار بالتشاور بين الرئاسات الثلاث؛ ما وفَّر موقفًا لبنانيًّا متماسكًا أبعد شبح الحرب التي كانت تهدد لبنان مع أن ذلك لا يمنع إمكانية التلويح بها مجددًا ولا سيما أن العدو الإسرائيلي لديه أجندته الخطرة، مشيرًا إلى أن هذا القرار يحتاج إلى تضافر الجهود الداخلية اللبنانية في ظل مشهد يجمع توافقات داخلية منها ما ظهر بين بري وجنبلاط، في وقت مطلوب فيه من حزب الله أن يكون تحت سقف لبنان الدولة وحماية السيادة من أي أضرار.
ونبّه ضاهر إلى ضرورة إدراك أن التحالفات الداخلية لا تؤثر في القرارات الدولية بل على العكس، مشيرًا إلى أن الأخيرة هي التي تصنع المشهد وتؤثر في مواقف القوى الداخلية خاصة في وقت يعيش فيه لبنان مرحلة شلل محلي دخل فيه على يد حزب الله، ليصبح القرار الوطني دون التأثير المتوقع، في ظل تسليم الحزب كافة الأوراق إلى إيران؛ ما استدعى تدخل قوى دولية كبرى بشكل حاسم لتحدد التوجهات التي يجب أن يسير عليها الآخرون في لبنان.
وأوضح ضاهر أن المفاوضات هي التي تصنع المشهد وليس التحالفات بين القوى الداخلية في لبنان، وذلك في وقت تعامل فيه حزب الله مع عملية التفاوض بردود فعل وتصريحات جعلته يظهر كما يحرص دائمًا بتقديم خطاب شعبوي لحاضنته الداخلية ومرجعيته الإقليمية في إشارة إلى طهران، بالشكل الذي يتناسب مع الصورة التي يرسمها لنفسه، في ظل استغلاله تطلعات البيئات الشعبية الفقيرة معدومة الموارد والقدرات في لبنان وإشعارهم بالخوف ليستثمر في ذلك، ليكون هو ملاذهم الدائم من الناحية الاقتصادية والأمنية.
وذكر السياسي اللبناني أن حزب الله يعمل ضمن مصلحته بتعزيز الخوف داخل الشرائح الفقيرة بلبنان وبيئته الحاضنة من التطورات الإقليمية وأن ينشر بينهم شعورًا أنهم مهدوون، لذلك انتقل التنظيم من مرحلة كان يقدم فيها نفسه وسلاحه لحماية لبنان، لتتحول ترسانته لحماية الطائفة والمشروع الإقليمي لإيران، ليصل الحال إلى أنه بات يحتمي هو وسلاحه بالطائفة.
واستكمل ضاهر أنه بناءً على هذا المشهد، يسعى حزب الله من تحت الطاولة ووراء الكواليس إلى أن يكون هو المؤثر الأساسي في القرار السياسي للتفاوض ويستفيد من أي لحظة يضعف فيها موقف الدولة وأي حالة يسد فيها آفاق الحلول حتى يستطيع بعد ذلك تقديم عروضه، ليجد له دورًا ينقله إلى الضفة الأخرى ومرحلة جديدة.