logo
العالم العربي

خبراء: "الكتل الصغيرة" تعقّد مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية

فرز الأصوات في الانتخابات العراقية الأخيرةالمصدر: أ ف ب

مع تقارب أوزان أغلب الكتل الفائزة في الانتخابات البرلمانية العراقية، تتعقد مهام تشكيل الحكومة الجديدة، حيث لم تفرز النتائج كتلة مهيمنة قادرة على حسم الاستحقاق بمفردها؛ ما جعل مسار التفاوض مفتوحاً على تحالفات متحركة وحسابات دقيقة. 

أخبار ذات علاقة

أجرى العراق انتخابات في 2025

انتخابات عاصفة ونزع سلاح الميليشيات.. العراق يختبر توازناته في 2025

وفي هذا السياق، برزت خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة أدوار متنامية للقوى الصغيرة والمتوسطة، التي باتت تمثل عنصراً مؤثراً في معادلة توزيع السلطة، رغم محدودية تمثيلها العددي داخل مجلس النواب.

وتشير نتائج الانتخابات إلى صعود لافت لعدد من التحالفات التي حصدت ما بين 4 و10 مقاعد؛ وهو ما أسهم في إعادة رسم خريطة التوازنات داخل البيت السياسي العراقي، وأثر بصورة مباشرة على آلية تقاسم الحقائب الوزارية ضمن منظومة المحاصصة المعتمدة منذ عام 2003.

ووفقاً للنتائج، حصل تحالف "الأساس العراقي" بزعامة محسن المندلاوي على نحو 8 مقاعد، فيما نال تحالف "الخدمات" التابع لميليشيا كتائب الإمام علي بقيادة شبل الزيدي قرابة 10 مقاعد، وحصل تحالف "أبشِر يا عراق" برئاسة همام حمودي على 4 مقاعد، كما حصلت كتلة "حقوق" التابعة لميليشيا حزب الله على 4 مقاعد، فضلاً عن قوى أخرى متوسطة وصغيرة الحجم. 

أخبار ذات علاقة

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني

العراق.. مبادرة جديدة لحسم الصراع على رئاسة الحكومة المقبلة

وبحسب مختصين، أفرز هذا التوزيع واقعاً سياسياً جديداً يتمثل بزيادة عدد القوى المطالبة بحصص حكومية، ضمن معادلة تقوم على توزيع المناصب بين المكونات الثلاثة الرئيسة: الشيعة والسنة والأكراد، عبر ما يُعرف بـ"نظام النقاط"، الذي يمنح لكل مقعدين برلمانيين نقطة واحدة، تُحتسب لاحقاً في تحديد الوزارات والهيئات والإدارات العليا التي تحصل عليها كل كتلة.

بدوره، قال الباحث السياسي عبد الله الركابي إن تقارب نتائج الكتل الفائزة حوّل عملية تشكيل الحكومة إلى مفاوضات تفصيلية على المواقع والصلاحيات، لا على شكل البرنامج الحكومي وآليات إدارة المرحلة المقبلة.

وأوضح أن "أي كتلة لم تعد قادرة على الذهاب إلى خيار أحادي من دون تفاهمات مسبقة مع بقية الأطراف".

 وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "القوى المتوسطة والصغيرة باتت تمتلك قدرة تعطيل أو تمرير الاستحقاقات الدستورية، سواء عبر كسر النصاب أو ربط مشاركتها بالحصول على حقائب ومواقع محددة؛ ما جعل عملية التشكيل قائمة على منطق المقايضة السياسية أكثر من اعتمادها على الاستحقاق الانتخابي أو حجم التمثيل البرلماني".

وبرغم قرب عقد الجلسة الأولى للبرلمان، المقررة في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، فإن قوى الإطار التنسيقي لم تتمكن حتى الآن من التوصل إلى اتفاق بشأن المنصب الثاني في هيئة رئاسة مجلس النواب، المخصص للمكون الشيعي، في ظل تباين الصراعات داخل البيت السياسي الشيعي، واستمرار الخلافات حول الأسماء والتمثيل.

من جانبه، قال رئيس مركز الإعلام العراقي في واشنطن نزار حيدر لـ"إرم نيوز"، إن "التجارب الديمقراطية في النظم السياسية تعتمد عادة على منطق الأغلبية والأقلية، وعندما لا تحصل أي قوة سياسية على نسبة 50 +1 من مقاعد البرلمان، تلجأ إلى التحالف مع قوى أصغر لاستكمال النصاب المطلوب لتشكيل الحكومة".

وأوضح أن "الحالة العراقية تختلف من حيث الشكل، إذ لا يمكن الحديث عن قوى كبيرة وأخرى صغيرة بالمعنى التقليدي، بقدر وجود ثلاث كتل نيابية كلاسيكية، شيعية وسنية وكردية، تتقارب أوزانها السياسية عند مرحلة تشكيل الحكومة، بغض النظر عن الفوارق العددية في المقاعد".

وأشار إلى أن "تشكيل الحكومات في العراق يجري غالباً عبر إشراك معظم القوى والكتل؛ ما ينعكس لاحقاً على آلية اتخاذ القرار داخل مجلس الوزراء، حيث يمتلك كل وزير صوتاً واحداً، بمن في ذلك رئيس الوزراء، وهو ما يؤدي إلى اختلالات في فرض الإرادات داخل السلطة التنفيذية".

وتكشف تجربة الحكومات المتعاقبة أن القوى الصغيرة والمتوسطة لم تعد مجرد أرقام ضعيفة داخل البرلمان، بل تحولت إلى عنصر مهم في إعادة إنتاج السلطة، عبر قدرتها على ترجيح كفة هذا التحالف أو ذاك، ضمن منظومة سياسية تقوم على التوازن.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC