برغم قرب انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي، فلا تزال الخلافات داخل قوى الإطار التنسيقي تلقي بظلالها على مسار تشكيل الحكومة الجديدة، في وقت تتصاعد فيه الضغوط السياسية والدستورية للإسراع بحسم الاستحقاقات.
وخلال الأيام الماضية، برزت دعوات متزامنة من الرئاسات الثلاث إلى تشكيل حكومة قائمة على الشراكة الوطنية وتغليب المصلحة العامة، في مؤشر على تصاعد القلق من استمرار الانسداد السياسي، ولا سيما بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، وبدء العد التنازلي للمواعيد الدستورية المتعلقة بتشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وبحسب سياسي مطلع على أجواء الإطار، فإن "قوى الإطار التنسيقي عقدت منذ إجراء الانتخابات الأخيرة ما لا يقل عن خمسة اجتماعات متتالية، بهدف التوصل إلى توافق بشأن مرشح رئاسة الوزراء، غير أن هذه الاجتماعات لم تنجح حتى الآن في حسم الملف".
وقال السياسي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه إن "الخلافات داخل الإطار لا تتعلق باسم المرشح فقط، بل تمتد إلى ملفات أكثر حساسية، أبرزها كيفية التعامل مع الضغوط الأمريكية، وملف نزع سلاح الفصائل، وشكل الحكومة المقبلة، إضافة إلى محددات اختيار رئيس الوزراء".
وأوضح المصدر لـ"إرم نيوز"، أن "الاختلافات توسعت خلال الأيام الماضية، خصوصًا مع تباين حسابات القوى المنضوية داخل الإطار، إلا أن هناك محاولات مستمرة لترميم الخلافات والحفاظ على وحدة التحالف، خشية الذهاب إلى سيناريو انقسام يضعف موقف الجميع في مرحلة مفصلية".
وتشير معلومات إلى أن جانبًا من اجتماعات الإطار التنسيقي تناول ملفات تتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة وتوزيع الحقائب الوزارية، في وقت لا تزال فيه إجراءات حسم رئاسة البرلمان وتكليف رئيس الوزراء قيد البحث.
في هذا السياق، برز منصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب كإحدى أوراق التفاوض داخل الإطار، ولا سيما مع تداوله كتعويض محتمل لبعض القوى في حال إخفاقها في الحصول على رئاسة الحكومة، وسط تنافس واضح بين أطراف بارزة تسعى إلى تثبيت حضورها داخل بنية السلطة المقبلة.
بدوره، قال الباحث السياسي محمد التميمي إن "الإطار التنسيقي يواجه اليوم ضغوطًا غير مسبوقة، داخلية وخارجية، تجعل من عملية التوافق أكثر تعقيدًا مقارنة بالدورات السابقة، خصوصًا مع تداخل ملف اختيار رئيس الوزراء مع ملفات السلاح والعلاقات الإقليمية والدولية".
وأضاف التميمي لـ"إرم نيوز" أن "تراجع مستوى الدعم الإقليمي التقليدي، إلى جانب اشتراطات الشركاء في البيتين السني والكردي، دفع بعض أطراف الإطار إلى إعادة حساباتها، وهو ما يفسر بطء الحسم ومحاولات البحث عن خيارات أقل صدامية داخليًّا وخارجيًّا".
وعلى صعيد رئاسة الحكومة، تشير المعطيات إلى أن المنافسة الفعلية لا تزال محصورة بين اسمين رئيسيين، في وقت لم تنجح فيه الاجتماعات الأخيرة في تقليص قائمة المرشحين بشكل نهائي، وسط تداول أسماء تُستخدم في الغالب كورقة ضغط لتحسين شروط التفاوض، أكثر من كونهم مرشحين فعليين.
من جهته، يرى الباحث والأكاديمي كاظم ياور أن "الخلافات داخل الإطار التنسيقي ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكمات سياسية وانتخابية، إلى جانب تغير طبيعة البيئة الإقليمية والدولية المحيطة بالعراق".
وأضاف ياور لـ"إرم نيوز" أن "بعض القوى حاولت إدخال مرجعية النجف في السجال السياسي، وهذا غير وارد في ظل غياب التهديد الوجودي للدولة، وهو ما يجعل محاولات بعض القوى استدعاء اسمها أقرب إلى البحث عن غطاء سياسي، أكثر من كونها استجابة لموقف فعلي من النجف".
ويأتي ذلك على وقع تأكيدات مستمرة من مجلس القضاء العراقي بضرورة عدم تجاوز المدد الدستورية، حيث أكد رئيس المجلس فائق زيدان أن "الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد، المقررة في الـ29 من ديسمبر/ كانون الأول 2025، يجب أن تُحسم فيها تسمية رئيس المجلس ونائبيه، ولا يجوز دستوريًّا أو قانونيًّا تأجيلها أو تمديدها".