دخلت مفاوضات اختيار رئيس الوزراء في العراق مرحلة حرجة، إثر غياب التوافق داخل قوى الإطار التنسيقي، على الرغم من عقد الاجتماع السادس لقياداته مساء الاثنين.
ودفع ذلك ائتلاف الإعمار والتنمية، برئاسة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، إلى إطلاق مبادرة جديدة لحسم المنصب.
ويأتي هذا التطور في وقت تتسارع فيه المواعيد الدستورية المرتبطة بانعقاد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد المقررة في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، بهدف انتخاب رئاسته، ثم انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيكلف الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، وسط انقسامات واضحة داخل البيت الشيعي بشأن الآلية والأسماء، وحدود القبول المتبادل بين القوى المتنافسة.
وكان ائتلاف الإعمار والتنمية، الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، قد أعلن عن مبادرة سياسية قال إنها تهدف إلى كسر حالة الجمود التي عطّلت حسم منصب رئاسة الوزراء، مؤكداً أنها ستُعرض على قوى الإطار التنسيقي ضمن مسار الحوارات الجارية بين أطرافه.
سياسي داخل الإطار التنسيقي قال لـ"إرم نيوز" إن "قوى الإطار أجرت خلال الأسابيع الماضية سلسلة مقابلات مع نحو 40 شخصية طُرحت أسماؤها لمنصب رئاسة الوزراء، جرى استبعاد 33 منها بعد التقييم السياسي".
وبين أن "المنافسة باتت محصورة حالياً بتسعة أسماء فقط، بينهم ستة مرشحين جرى قبولهم مبدئياً، إلى جانب ثلاثة من قادة الصف الأول داخل الإطار، هم السوداني ونوري المالكي وحيدر العبادي".
وأضاف السياسي، الذي طلب حجب اسمه، أن "قوى الإطار لم تدخل حتى الآن في نقاش اسم رئيس الوزراء المقبل، وأن الحديث ما زال محصوراً بآليات الترشيح وطريقة الحسم والمواصفات المطلوبة".
ولفت إلى أن "النقاش يدور حول ما إذا كان الاختيار سيتم عبر آلية النقاط، أو التصويت، أو الإجماع، من دون التوصل إلى صيغة نهائية حتى هذه اللحظة".
وتابع أن "الحديث عن المبادرات، ومنها مبادرة الإعمار والتنمية، يُنظر إليه داخل بعض الأوساط بوصفه جزءاً من إدارة التفاوض وليس حلاً نهائياً، خصوصاً في ظل تمسك قوى وازنة بمرشحيها، ورفضها القفز مباشرة إلى مرحلة الحسم من دون اتفاق شامل على القواعد".
وتبرز في المقابل مواقف متحفظة داخل الإطار، ولا سيما من ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، الذي لا يزال متمسكاً برفض تجديد ولاية السوداني، في مقابل وجود قيادات أخرى ترى أن بقاءه أو استبداله يجب أن يخضع لتفاهم متوازن يضمن توزيع النفوذ داخل الإطار، ويأخذ بعين الاعتبار التحديات الإقليمية والداخلية.
وفي هذا السياق، قالت عضو ائتلاف "الإعمار والتنمية" ثناء العكيلي إن "الورقة التي قدمها الائتلاف جاءت في توقيت مهم بهدف تهدئة الأجواء السياسية داخل الإطار التنسيقي، ودفع الأطراف إلى تغليب لغة التفاهم بدل الاستنزاف".
وأوضحت أن "المرحلة الحالية تتطلب معالجة الاختناقات السياسية، وليس الدخول في صدامات داخلية تربك مسار تشكيل الحكومة".
وأضافت العكيلي لـ"إرم نيوز" أن "الائتلاف لا يتعامل مع المبادرة باعتبارها أداة لفرض مسار بعينه، بل كإطار عام يمكن البناء عليه لتقريب وجهات النظر، واحترام الاستحقاقات الدستورية، وتفادي تعطيل طويل ينعكس على أداء الدولة ومؤسساتها".
ويأتي ذلك في ظل ضغوط زمنية وسياسية متزايدة، مع اقتراب موعد الجلسة الأولى للبرلمان، وتنامي الحديث عن ضغوط خارجية تتعلق بمواصفات رئيس الحكومة المقبلة، ولا سيما في ما يخص ملف حصر السلاح بيد الدولة، والعلاقة مع الميليشيات المسلحة، وهي ملفات أُدرجت أيضاً على جدول نقاشات الإطار الأخيرة، بحسب بيانات رسمية.
من جهته، أكد الباحث في الشأن السياسي علي البيدر أن "الخلاف داخل الإطار التنسيقي لم يعد مرتبطاً بالأسماء فقط، بل بطبيعة الحكومة المقبلة، وحدود صلاحيات رئيس الوزراء، وشكل العلاقة مع القوى السياسية الأخرى".
وذكر أن "أي مبادرة تطرح في هذا التوقيت تستخدم بوصفها أداة لإدارة التباين، أكثر من كونها طريقاً مباشراً للحسم".
وأضاف البيدر لـ"إرم نيوز" أن "الإطار التنسيقي يحاول تفادي سيناريو الانقسام الحاد، حتى وإن كان ذلك على حساب إطالة أمد التفاوض"، مشيراً إلى أن "تعدد المسارات المطروحة، من التوافق إلى الأوزان الانتخابية، يؤشر إلى عمق الخلاف أكثر مما يعكس قرب التوصل إلى اتفاق".