logo
العالم العربي

ورقة مؤجلة للمناورة.. ضغوط واشنطن تدفع قانون الحشد الشعبي إلى "المنطقة الرمادية"

ورقة مؤجلة للمناورة.. ضغوط واشنطن تدفع قانون الحشد الشعبي إلى "المنطقة الرمادية"
عناصر من ميليشيات الحشد الشعبيالمصدر: موقع هيئة الحشد الشعبي
05 سبتمبر 2025، 8:08 م

رأى خبراء ومختصون في الشأن العراقي أن بغداد طوت صفحة مشروع قانون الحشد الشعبي بعد أشهر من الجدل والتجاذبات، ليتحول الملف إلى ورقة مؤجلة بفعل الضغوط الدولية والانقسامات الداخلية.

وجاء التراجع بعد أن كانت مساعٍ سياسية واسعة قد دفعت باتجاه إدراج القانون في جدول أعمال مجلس النواب، في محاولة لتوسيع الإطار القانوني للحشد الشعبي ومنحه صلاحيات إضافية تمكنه من أداء أدواره بصورة رسمية أوسع.

إلا أن التدخلات الأمريكية والرسائل التحذيرية التي وصلت إلى بغداد أوقفت هذه الخطط، وسط حديث عن ربط القضية بمصير الأموال العراقية المودعة في الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

أخبار ذات علاقة

عناصر من ميليشيا الحشد الشعبي

بعد كشف خيوط "إمبراطورية الظل".. شبح ضربة أمريكية وشيكة يخيم على العراق

تهديدات واضحة

وقال الخبير الأمني عبد الغني الغضبان إن "القانون لم يُسحب بمبادرة محلية أو قرار إيراني كما يُشاع، بل نتيجة ضغط أمريكي مباشر تضمن تهديدات واضحة بوقف التعاون المالي والعسكري مع بغداد".

وأضاف الغضبان، لـ"إرم نيوز"، أن "إيران التقطت هذه التطورات وقدمتها كأنها توصية صادرة عنها حفاظاً على مستقبل الحشد، لكن الواقع أن القرار جاء استجابة لتوجيهات صارمة من واشنطن".

عناصر في الحشد الشغبي

وتأسست ميليشيات الحشد الشعبي عام 2014 عقب اجتياح تنظيم "داعش" لمناطق واسعة من العراق، لتشكل قوة موازية ساهمت في المعارك إلى جانب القوات الحكومية.

وفي عام 2016 أُقر قانون منح الحشد صفة رسمية، إلا أن دمجه الفعلي في مؤسسات الدولة لم يتحقق بشكل كامل.

وكان المشروع الأخير يهدف إلى تحديث هذا القانون عبر إدخال تعديلات واسعة، بينها إنشاء أكاديمية عسكرية خاصة بالحشد، وتوسيع صلاحيات رئاسة هيئته بما يسمح بقيادة عمليات مستقلة، إضافة إلى إضفاء شرعية على شركات اقتصادية تابعة له.

وهذه البنود أثارت اعتراضات سياسية وشعبية، خشية أن يتحول الحشد إلى مؤسسة شبه موازية يصعب ضبطها أو إخضاعها للرقابة.

مخاوف أمنية

وتزامن الجدل مع بدء القوات الأمريكية تنفيذ خطة انسحاب تدريجي من العراق منذ آب/أغسطس الماضي، باتجاه أربيل والكويت وقاعدة التنف في سوريا.

ومع أن هذه الخطوة تأتي ضمن تفاهمات سابقة بين بغداد وواشنطن، فإنها أثارت مخاوف من أن تسعى الميليشيات المسلحة لملء الفراغ الأمني عبر تشريعات تمنحها غطاءً قانونياً أوسع.

لكن الولايات المتحدة أوضحت بجلاء أنها ترفض أي تشريع يعزز نفوذ تلك الميليشيات، ولوّحت بعقوبات قاسية على بغداد في حال تمرير القانون، مؤكدة أنها تدعم سيادة العراق الفعلية، لا صيغاً تجعل الدولة أداة بيد قوى إقليمية.

ورقة تفاوض

وفي هذا السياق، قال الباحث في الشأن السياسي عبدالله الركابي إن "مشروع القانون تحوّل من قضية محلية إلى ورقة تفاوض دولية بين واشنطن وطهران".

وأكد في حديثه لـ"إرم نيوز" أن "العراق لم يعد معنيّاً بتمرير القانون في هذه المرحلة، بل يمكن القول إنه طوى صفحته بالكامل، ليُترك مصير الحشد رهينة التفاهمات الإقليمية والدولية المقبلة".

وأوضح أن "الميليشيات الموالية لإيران كانت تراهن على القانون لتعزيز موقعها داخل المنظومة الرسمية، لكن الضغوط الأمريكية أجبرت القوى السياسية على التراجع، فيما اختارت الحكومة العراقية تجميد الملف إلى حين تبدل الظروف".

أخبار ذات علاقة

قوات الحشد الشعبي

هددت بعقوبات "قاسية".. واشنطن تطالب العراق بخطة لنزع سلاح "الحشد الشعبي"

مساحة للمناورة

وكشف الجدل حول القانون انقساماً داخلياً، فبينما دفعت قوى من الإطار التنسيقي باتجاه تمريره باعتباره وسيلة لإضفاء شرعية إضافية على الحشد، أبدت كتل أخرى رفضاً شديداً، معتبرة أن ذلك سيؤدي إلى إنشاء "دولة داخل الدولة".

ويقول سياسيون إن إبقاء قانون الحشد معلقاً يعني استمرار ميليشيات الحشد ضمن وضع رمادي، فلا هي جزء من المؤسسات الرسمية، ولا قوة خارجة عنها كلياً، ما يمنح الحكومة مساحة للمناورة لكنه يترك الباب مفتوحاً أمام أزمات مستقبلية، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات المقبلة وما قد تحمله من تغييرات في موازين القوى.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC