توقع خبراء في الشؤون الدولية أن يتعرض العراق لضربات أمريكية خلال الفترة المقبلة، بعد كشف شبكة تهريب للنفط الإيراني تشرف عليها الميليشيات العراقية.
وأشاروا إلى أن هذه الميليشيات جعلت بغداد والإمكانيات العراقية وسيلة لدعم طهران، وتحويلها إلى "باب خلفي" لمساندة إيران اقتصاديًا وعسكريًا، خاصة في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة على وارداتها من النفط، على حد تعبيرهم.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن العقوبات الأمريكية التي فُرضت مؤخرًا على شبكة من السفن وشركات الشحن التي يقودها رجل أعمال عراقي لتهريب النفط الإيراني تحت ستار أنه نفط عراقي، ترفع أسهم توقعات قرب شن ضربة عسكرية ثانية على إيران ومن المتوقع أن تطال الميليشيات الموالية لها في العراق.
وأشار الخبراء إلى أن العقوبات الأمريكية الأخيرة تستهدف "إمبراطورية الظلّ" التي كانت إيران تستخدمها عبر العراق لتهريب النفط وغسل الأموال والحصول على الدولار الأمريكي.
وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية مؤخرا، عقوبات على شبكة من السفن وشركات الشحن التي يقودها رجل أعمال يحمل جنسيتي العراق وسانت كيتس ونيفيس لتهريب النفط الإيراني تحت ستار أنه نفط عراقي، بحسب "رويترز".
وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت في بيان "من خلال استهداف تدفق عائدات النفط الإيراني، ستعمل وزارة الخزانة على إضعاف قدرة النظام الإيراني على تنفيذ هجمات على الولايات المتحدة وحلفائها".
وشهدت الساحة السياسية الإيرانية، الأربعاء، جدلًا متصاعدًا حول مستقبل التزام طهران بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، في ظل ضغوط متزايدة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية لتفعيل "آلية الزناد" وإعادة العقوبات الأممية على إيران.
وأشار وزير النفط الإيراني محسن باك نجاد، إلى أن آلية الزناد "السناب باك" الأوروبية ذات تأثير محدود على بلاده، بعد أن وصلت العقوبات الأمريكية إلى حدها الأقصى، معلنا أن إيران لن تسمح بأن تكون العقوبات الأوروبية أشد من القيود التي تفرضها وزارة الخزانة الأمريكية بشكل أحادي.
ويؤكد الباحث في الشؤون الإيرانية، الدكتور نبيل الحيدري، أن هذه العقوبات الأمريكية التي فُرضت مؤخرًا على شبكة من السفن وشركات الشحن التي يقودها رجل أعمال عراقي لتهريب النفط الإيراني تحت ستار أنه نفط عراقي، تأتي ضمن فرض الضغوط القصوى الحقيقة من واشنطن على طهران اقتصاديا، حيث تعتبر الأشد بعد حرب الـ12 يومًا التي اشتركت فيها الولايات المتحدة وإسرائيل، وترفع أسهم توقعات قرب شن ضربة عسكرية ثانية على إيران، ومن المتوقع أن تطال الميليشيات الموالية بها في العراق.
وأضاف الحيدري، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن التأثير العسكري على إيران مهم، لكن التأثير الاقتصادي أكبر، خاصة أن الاقتصاد الإيراني يمر بأسوأ أوضاعه. وأشار إلى أن إيران تهرّب نفطها باستمرار عبر العراق، وتبيعه باسم بغداد للحصول على عائده وسط العقوبات المفروضة عليها. وتابع أن ما حدث مؤخرًا مع شركة كبرى تقوم بهذا الالتفاف على العقوبات يؤكد أن هناك فصلًا جديدًا قريبًا في التعامل الأمريكي.
وأوضح الحيدري أن هذه العقوبات، إلى جانب "آلية الزناد" من الترويكا، تشكّل ضربة كبيرة لإيران، وتستهدف "إمبراطورية الظل" التي كانت تستخدمها عبر العراق لتهريب النفط، وغسل الأموال، والحصول على الدولار. ولهذا، وصف وزير الخزانة الأمريكي هذا الالتفاف بأنه "إرهاب".
وأضاف أن هذه الإجراءات ستؤزم الوضع الاقتصادي الإيراني، وتحاصر طهران بشكل مؤلم، خاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية من بغداد إلى إقليم كردستان. وتوقع الحيدري أن يتم توجيه ضربات للعراق بسبب دور ميليشيات "الحشد الشعبي"، وفرض حصار على النفط العراقي والتهريب.
وتوقع الحيدري أن يصاحب العقوبات والحصار غير المسبوق المفروض على إيران، بالإضافة إلى الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق، توجيه ضربة عسكرية أمريكية للعراق بسبب دور "الحشد الشعبي" لمصلحة إيران. وأشار إلى أن هذا قد يتزامن مع الضربة العسكرية المنتظرة لإيران، وحينها ستُعاقب بغداد بسبب أفعال طهران.
فيما يقول الدكتور فرهاد دزه يي، الباحث في مركز "ستاندرد" للدراسات والأبحاث، إنه "لا شك أن إيران تعتبر العراق 'رئتها' منذ أكثر من 22 عامًا". وأشار إلى أنه قبل قضية تهريب النفط عبر العراق لصالح طهران، كانت إيران تحصل على مليارات الدولارات تُرسل إليها "بعلم الخزانة الأمريكية".
وأفاد دزه يي في تصريح لـ"إرم نيوز" أنه مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم، تغيرت السياسة تجاه إيران في العراق بشكل كبير. وأضاف أن الأمر تصاعد مع الممارسات الإيرانية والصدام والتدخل في شؤون دول المنطقة عبر ميليشياتها.
وأشار دزه يي إلى أن الفصائل الموالية لإيران في العراق ومنها جماعة الحميداوي وآخرون، تقوم بنقل البترول الإيراني عبر الموانئ العراقية، لافتًا إلى أنه قبل فترة تم الكشف عن تهريب النفط الإيراني إلى الخارج باستخدام أوراق رسمية صادرة من وزارة النفط العراقية، ليَظهر جانب كبير من هذه الديناميكية.
وبحسب دزه يي، فإن القيادي في الحرس الثوري الإيراني، بهروز خصراوي، هو الذي يتولى ملف النفط والعقود وما يتصل بها في العراق وحتى البنوك والأموال التي يقال إنها ما زالت ترسل المليارات إلى إيران من بغداد، وأنه المشرف المباشر على كل تلك العمليات بينما يكتفي رئيس الوزراء العراقي بالمشاهدة دون تدخل.
واختتم فرهاد، منذ يومين فقط، أوقفت الحكومة العراقية ناقلة شحن تحمل نفطًا إيرانيًّا كان متجهًا إلى شركة "نييارا" الهندية، كما أوقفت ضخ النفط إلى هذه الناقلة ومنعتها من الإبحار نحو الهند، وهو ما قد يؤدي إلى أزمة دبلوماسية بين العراق والهند.