قال الدبلوماسي السوري المستقل، عضو منظمة الوساطة وتحليل النزاع في فيينا، عزت البغدادي، إن التوجه لدمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري، خطوة خطيرة ستتجاوز تداعياته الداخل السوري، إلى التحالفات الإقليمية والدولية، حيث ستواجه تركيا تحديات أمنية إذا تم دمج الإيغور والتركستان في الجيش الجديد؛ مما قد يدفعها إلى دعم قوى موازية أو التصعيد الأمني.
وأضاف البغدادي في حوار مع "إرم نيوز" إن النقاش حول دمج "المقاتلين الأجانب" في الجيش السوري الجديد يشهد تصاعداً ملحوظاً في الأسابيع الأخيرة، لافتا إلى أن الدمج الجاري، رغم الترويج له كجزء من "انتقال منضبط"، قد يتحول إلى عملية إنتاج نظام رمادي بواجهة مدنية وجذر متشدد.
وأشار إلى أنه على رغم عدم الإعلان الرسمي عن القرار، إلا أنه يتم تداوله في الأوساط الدبلوماسية والأمنية كجزء من مقاربة أمريكية لإعادة تشكيل المشهد الأمني في شمال سوريا.
ورأى أن هذه الخطوة، رغم ما تحمله من اعتبارات استراتيجية، تثير مخاوف مرتبطة بالولاءات الداخلية، والقبول الشعبي، والمخاطر الأمنية، فضلاً عن انعكاساتها على التحالفات الإقليمية والدولية.
مقاربة أمريكية
وأشار البغدادي إلى أن الساحة السورية في الأسابيع الأخيرة شهدت نقاشاً محتدماً حول احتمال دمج المقاتلين الأجانب، المنضوين سابقاً في جماعات إسلامية متشددة، ضمن التشكيل الجديد للجيش السوري.
وبيّن أن القرار، وإن لم يُعلَن رسمياً، يتم تداوله في أروقة دبلوماسية وأمنية على أنه جزء من مقاربة أمريكية "واقعية" لإعادة هندسة المشهد الأمني في شمال سوريا، حيث يطرح هذا التوجه تساؤلات جوهرية حول دوافع واشنطن للقبول بهذا الخيار، وما ينطوي عليه من مخاطر داخلية وإقليمية، ومدى انعكاسه على التحولات الاستراتيجية في السياسة الأمريكية تجاه سوريا والمنطقة.
واعتبر أن واشنطن، التي لطالما رفضت التعامل مع كيانات مرتبطة بتنظيمات مصنفة "إرهابية"، تبدو اليوم في طور إعادة صياغة أدواتها الميدانية، خاصة بعد إخفاق مشروع دعم المعارضة ومسار جنيف، وتحوّل المشهد السوري إلى معادلة معقّدة من الفوضى المنظمة.
دوافع الدمج
ولفت البغدادي إلى أن القبول الضمني بدمج بعض المقاتلين الأجانب داخل تشكيلات الجيش الجديد يعد انعكاساً لـ3 دوافع رئيسة، أولها ترشيد الفوضى دون بناء دولة، حيث ترى واشنطن أن إنتاج مؤسسات شكلية تحت سيطرة شركاء محليين "قابلين للتطويع" يشكّل خياراً أفضل من ترك فراغ قد تملؤه روسيا أو إيران أو "داعش".
أما الدافع الثاني، فهو استخدام التحول الأمني كرافعة ضغط إقليمي، فدمج مقاتلين غير سوريين سيُثير قلق أنقرة وطهران ما يتيح لواشنطن توظيف هذا التوتر لانتزاع تنازلات في ملفات مثل النووي الإيراني وترتيبات شرق الفرات.
ويتعلق الدافع الثالث، بتفكيك قوات سوريا الديمقراطية "قسد" دون إغضابها، حيث تتيح سياسة "الرأسين" (الشرع شرق إدلب، ومظلوم عبدي شرق الفرات) للولايات المتحدة اللعب على التوازنات الكردية والعربية، وتجنب صدام مباشر بين الطرفين إلى حين ترتيب مشهد أمني يضمن مصالحها.
مخاطر محتملة
وأوضح البغدادي أن دمج المقاتلين الأجانب يحمل مخاطر بنيوية على المؤسسة العسكرية الجديدة، من بينها تشظي الولاءات، حيث يرتبط جزء كبير من هؤلاء المقاتلين بحركات متشددة عابرة للحدود؛ ما قد يفتح الباب لصراعات داخلية بين مكونات الجيش نفسه.
ولفت إلى أن هذا القرار سيضعف القبول الشعبي؛ إذ بعد سنوات من المعاناة من تدخل الميليشيات الأجنبية، سيكون من الصعب إقناع السوريين بقبول نموذج يضم مقاتلين وافدين من تركستان أو آسيا الوسطى، مضيفاً أن هناك مخاطر أمنية محتملة؛ إذ أثبتت التجارب السابقة في أفغانستان والعراق أن إدماج عناصر غير منضبطة أيديولوجياً وميدانياً قد يؤدي إلى اختراقات أمنية خطيرة أو تمردات مستقبلية يصعب ضبطها.