قالت مصادر خاصة في دمشق، إن الاجتماع الذي عُقد أول أمس في العاصمة السورية بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والحكومة السورية، انتهى من دون الاتفاق على القضايا الخلافية الجوهرية.
ونقل المصدر عن الوفد المفاوض باسم دمشق، تشاؤمه من قرب التوصل إلى تفاهمات بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، رغم الروح الإيجابية التي سادت الاجتماع، والتصريحات الصادرة عن الجانبين بعد انتهائه، والتي أكدوا خلالها الالتزام باتفاق آذار/ مارس الماضي، مشيرًا إلى أن المفاوضات كانت "معقدة وصعبة".
المصدر المقرب من السلطات السورية، قال لـ"إرم نيوز" إن السلطات السورية رفضت مطالب اللامركزية، أو ضم "قسد" ككتلة واحدة في الجيش السوري، كما رفضت دمشق شرط "قسد" بإملاء مواد في الدستور كاللامركزية أو ذكر الأكراد خصيصًا ضمن الدستور.
من جهته، رفض وفد الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، تفكيك القوات العسكرية، أو دمج جسم "قسد" العسكري في وزارة الدفاع السورية، إلا ككتلة واحدة، كما رفض الوفد بشكل قاطع الحكم المركزي .
وذكر المصدر أنه بناء على الهوة السحيقة بين الطرفين، رفضت "قسد" تسليم السجون أو محافظتي دير الزور والرقة للحكومة السورية دون حل نهائي لكل القضايا الخلافية، مشيرًا إلى أن الجانبين لم يتفقا إلا على تبادل السجناء وبند حل مشكلة امتحانات طلاب الشهادتين الثانوية والإعدادية. و"انتهى اجتماع اليوم الأول بإقرار تشكيل لجنتين من الطرفين لحل مشكلة إجراء امتحانات الشهادتين الثانوية والإعدادية في مناطق الإدارة الذاتية" وفقًا للمصدر.
وكانت مصادر خاصة في دمشق، أبلغت "إرم نيوز" قبل يومين، أن وفد الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، يحمل معه إلى دمشق مطالب الكرد النهائية، وأبرزها "اللامركزية"، في مسعى إلى التوصل لتوافق نهائي مع دمشق.
وبحسب تلك المصادر، فقد وافقت الإدارة الذاتية الكردية على تسليم محافظتي دير الزور والرقة ذات الأغلبية العربية، إلى حكومة دمشق، ولكن مع الاحتفاظ بمحافظة الحسكة بشكل نهائي غير قابل للتفاوض، باعتبارها مركز الثقل الكردي في سوريا.
كما وافقت قوات سوريا الديمقراطية، وفقًا للمصادر، على دمج قواتها في وزارة الدفاع السورية، شرط أن تبقى كفرقة مستقلة تابعة لها، وأن يكون مقر الفرقة في محافظة الحسكة. واشترطت "قسد" أن يتم دفع رواتب الفرقة من قِبل سلطات دمشق، وتحت إشرافها.
واستبق قائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، مظلوم عبدي، الاجتماعات في دمشق، بتصريحات اعتبرها كثيرون مؤشرًا على التحديات التي تواجه أي اتفاق بين السلطات السورية والإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا. حيث قال عبدي إن "عملية دمج قواته في المؤسسة العسكرية السورية قد تستغرق سنوات"، مضيفًا: "نرفض الحلول السريعة أو الشكلية التي لا تعالج جوهر القضية الكردية".
وأوضح عبدي" "نبحث عن صيغة تضمن بقاء قواتنا كقوة منظمة ضمن هيكل وطني متفق عليه"، وأضاف أن "دمج قسد يجب أن يتم ضمن اتفاق سياسي شامل يقر باللامركزية وحقوق مكونات شمال وشرق سوريا، ونتمسك بمكتسباتنا ولن نقبل بأي ترتيبات تُعيدنا إلى نقطة الصفر".
وذكر عبدي أن "موضوع الدمج لا يتعلق فقط بضم عناصر قسد إلى المؤسسة العسكرية، بل بأسباب متعددة منها، هوية الدولة السورية ما بعد الحرب، التي لم تتوضح حتى الآن، وعقيدة الجيش السوري، إلى جانب مواضيع تتعلق باللامركزية والمركزية، والتي تحدث ضمن توازنات واختلالات أمنية إقليمية وعالمية مؤثرة في المشهد السوري، وبذلك فإن مشروع دمج القوات هو مشروع إعادة هيكلة وطنية كبرى، وليس فقط دمجًا وظيفيًا" على حد تعبيره.
وجاء حديث عبدي عن "الوقت الطويل" الذي يلزم عملية دمج "قسد" بالجيش السوري، قبيل وصول الوفد الكردي المكلف بالتفاوض مع الحكومة السورية إلى دمشق؛ ما يعطي مؤشرًا على ضعف المخرجات التي يمكن أن تخرج من المباحثات، وصعوبة المفاوضات بين الطرفين.