الجيش الإسرائيلي: استعدنا خلال "عربات جدعون" 10 جثامين لإسرائيليين كانوا محتجزين في غزة
كشف مصدر سياسي عراقي مطّلع عن رسائل بعثتها الحكومة العراقية إلى إيران، تطلب فيها "الابتعاد الكامل" عن ملف قانون الحشد الشعبي، وتفادي التأثير على مسار مناقشته داخل البرلمان.
وقال المصدر لـ"إرم نيوز" إن "الرسائل وصلت إلى طهران عبر وسطاء غير رسميين، وبعضها نقلته شخصيات عراقية زارت طهران مؤخراً، وجرى فيها التأكيد على أن المضي في تشريع القانون يُعد شأناً سيادياً عراقياً، ينبغي أن يتم من دون تدخل أو إملاءات خارجية".
وبحسب المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، فإن "هذه الرسائل جاءت رداً مباشراً على زيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، إلى بغداد مؤخراً، ولقائه بعدد من قادة الفصائل المسلحة الموالية لطهران، والتي تُعد مكوناً رئيساً داخل الحشد الشعبي".
وأخفق البرلمان العراقي في تمرير مشروع قانون الحشد الشعبي الجديد، الذي يتضمن فقرات تتعلق بالهيكلية، وآليات التمويل، والتبعية الإدارية، والرتب، والصلاحيات، بعدما كان قد أُدرج على جدول أعمال الجلسات السابقة، في قراءتين أولى وثانية، لكنه جُمِّد بسبب تصاعد الخلافات وورود رسائل تحذيرية من الولايات المتحدة.
وتبدي واشنطن معارضة صريحة لإقرار القانون، ففي لقاء جمع القائم بأعمال السفارة الأمريكية في بغداد، ستيفن فاجن، بالنائب الأول لرئيس البرلمان، محسن المندلاوي، يوم الاثنين، عبّر فاجن عن "قلق واشنطن من تبعات القانون على سيادة العراق".
وأشار فاجن إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، الذي حذر من أن تشريع القانون سيُكرّس النفوذ الإيراني ويُقوّي الجماعات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة، وهو ما من شأنه تقويض السيادة العراقية وإضعاف مؤسساتها.
وكانت مصادر سياسية عراقية رفيعة المستوى قد كشفت لـ"إرم نيوز" أن قائد فيلق القدس، إسماعيل قاآني، أجرى زيارة إلى بغداد الأحد الماضي، امتدت لأكثر من 14 ساعة، التقى خلالها 4 من كبار قيادات الحشد الشعبي، في لقاءات مغلقة استمرت من الفجر حتى ما بعد عصر اليوم نفسه.
وأشارت المصادر إلى أن "قاآني شدد خلال الاجتماعات على أهمية ضبط النفس خلال المرحلة المقبلة، ووجّه بوضع خطط طوارئ للسيطرة على الدوائر الأمنية والعسكرية في بغداد، في حال صدور أوامر بذلك".
كما كشفت المصادر أن "قاآني حثّ قادة الحشد على تصعيد الضغط على الحكومة العراقية من أجل زيادة المخصصات المالية لقواتهم، ولوّح بإمكانية السيطرة على بعض المؤسسات الحكومية، رداً على ما وصفه بـ"امتثال بغداد للمراسلات والتوصيات الأمريكية".
بدوره، أوضح الباحث في الشأن السياسي، عماد محمد، أن "القوى السياسية العراقية تدرك صعوبة تمرير قانون الحشد في ظل تعقيدات المعادلة المحلية والإقليمية، لا سيما مع تشابك المصالح الأمريكية والإيرانية داخل العراق، ما يجعل أي قرار تشريعي في هذا الملف محاطاً بالتجاذب والرفض والضغط من كل الاتجاهات".
وأضاف محمد لـ"إرم نيوز" أن "القانون المقترح لم يعد شأناً داخلياً بحتاً، بل تحوّل إلى ميدان صراع مفتوح بين محورين دوليين؛ لذلك تسعى بغداد اليوم لتأكيد حيادها واستعادة زمام المبادرة التشريعية، لكن هذا يتطلب توافقاً سياسياً غير متوفر حالياً، بسبب الانقسام العميق بين مكونات الإطار التنسيقي نفسه".
وتابع أن "الحكومة العراقية تجد نفسها مضطرة إلى الموازنة بين تهديدات الفصائل الحليفة لطهران، وضغوط واشنطن وحلفائها، وهو ما يُعقّد المشهد ويؤجل الحسم"، مشيراً إلى أن "أي تصعيد جديد قد يدفع إلى خطوات مفاجئة".
وينصّ مشروع القانون الجديد على إنشاء تشكيلات إدارية جديدة داخل الحشد، وإعادة توصيف الرتب، وتعديل أسس التعيين والترفيع، كما يمنح القانون رئيس هيئة الحشد صلاحيات تتجاوز ما هو معمول به حالياً، فيما تعتبره أطراف برلمانية "تشريعاً لهيكلية موازية للقوات المسلحة النظامية".
ويرى مختصون أن التصعيد الإيراني - الأمريكي على الأرض العراقية بات يتخذ أبعاداً أكثر خطورة، مع تحوّل ملفات مثل "قانون الحشد" إلى ساحة اشتباك دبلوماسي وأمني.
ويؤكد هؤلاء أن تصاعد الرسائل المتبادلة بين بغداد وطهران وواشنطن يُبرز هشاشة التوازن القائم، ويُهدد بدخول البلاد في مرحلة جديدة من الضغوط الدولية المتقاطعة مع الأزمات السياسية الداخلية.