الكرملين: بوتين يجتمع مع كيم ويشكره على دعمه للجيش الروسي
أثار اكتفاء قمة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بالتأكيد على ضرورة إجراء مصالحة سياسية والإعراب عن المخاوف من الصدامات المسلحة في ليبيا، تساؤلات حول ما إذا كان الاتحاد قد فشل في التوسط لاختراق الأزمة التي تعرفها البلاد منذ سنوات.
القمة التي عُقدت مؤخراً خيمت على أعمالها المخاوف من انزلاق غرب ليبيا نحو اشتباكات جديدة في ظل تلويح رئيس حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بإطلاق عملية عسكرية جديدة ضد ميليشيات مناوئة له.
وقال المحلل السياسي الليبي، حسام محمود الفنيش، إن "من الواضح أن الاتحاد الأفريقي يواجه تحديات جسيمة في وساطته بين الفرقاء الليبيين، ويعود السبب الرئيسي إلى فقدانه لأدوات فاعلة تسمح له بالتحكم في مجريات الأزمة أو فرض حلول ملموسة".
وأوضح أن "الأزمة في ليبيا ليست مجرد خلاف سياسي عابر بل هي صراع متعدد الأبعاد معقد الجذور يجمع بين تناقضات تاريخية واجتماعية إلى جانب عوامل اقتصادية، مضافا إليها تدخلات إقليمية ودولية تزيد الوضع تعقيدا".
وأضاف الفنيش، لـ"إرم نيوز"، أنه "منذ 2011، شهد دور الاتحاد تهميشا متزايدا إذ تم تحييده بشكل شبه كامل، فقد غابت عن الاتحاد القدرة والرغبة في التدخل الفاعل وسط هيمنة واضحة للمجتمع الدولي بقيادة الغرب وبعض الدول الإقليمية التي فرضت نفسها كوسيط؛ ما أدى إلى إقصاء الصوت الأفريقي عن صنع القرار المتعلق بليبيا".
وشدد على أن "الوساطة الأفريقية تبدو عاجزة عن قراءة هذه التعقيدات بعمقن وتعتمد على حلول سطحية لا تمس جذور النزاع".
وقال إن "غياب فهم شامل لكيفية تداخل هذه العوامل يجعل أي محاولة للمصالحة أو الحل السياسي مجرد حلول مؤقتة، والأكثر من ذلك أن الاتحاد يفتقر إلى القدرة على ممارسة ضغط على الأطراف المعرقلة؛ مما يحول دوره لمراقب أكثر منه فاعل".
وأشار إلى أنّ "الاتحاد يعاني أيضاً من انقسامات داخلية بين الدول الأعضاء حول موقف موحد من الأزمة الليبية، ما يضعف من فاعلية أي مبادرة، وهذه الانقسامات تعكس غياب رؤية مشتركة تجعل الوساطة الأفريقية تفتقر إلى التماسك".
ودعا الفنيش الاتحاد الأفريقي إلى "تطوير أدواته السياسية والدبلوماسية وتعزيز فهمه العميق لجذور الأزمة الليبية، وبناء تحالفات إقليمية ودولية متوازنة تضمن لدوره وجودا حقيقيا وفاعلا في المشهد الليبي".
من جانبه، قال المحلل السياسي، الدكتور خالد محمد الحجازي، إنه "منذ البداية في 2011، أطلق الاتحاد مبادرات وساطة لوقف إطلاق النار والتمهيد لحوار سياسي جامع. أبرزها لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى حول ليبيا (تشكلت 2011، ومبادرة خارطة الطريق (2011–2012)، ومؤتمرات مصالحة في دول الجوار (مثل تونس، الجزائر، الكونغو، السودان)".
واستدرك الحجازي بالقول، لـ"إرم نيوز"، إنه "رغم هذه التحركات، لم تتحقق اختراقات كبيرة. في معظم الحالات، كانت الأمم المتحدة أو أطراف إقليمية أخرى هي التي تفرض الإيقاع السياسي والعسكري، بينما اقتصر دور الاتحاد على التصريحات أو المبادرات المتأخرة".
وأضاف: "في 2011، تجاهل مجلس الأمن مبادرة الاتحاد الأفريقي بوقف إطلاق النار، واعتمد القرار 1973 الذي مهّد لتدخل الناتو عسكريًّا. هذه اللحظة كانت نقطة تحوّل، إذ تم تهميش القارة الأفريقية في أزمة تخص إحدى دولها".
وبين أن "الاتحاد لا يمتلك أوراق ضغط حقيقية على الأطراف الليبية، ولا يستطيع فرض اتفاقات أو ضمان تطبيقها، والآليات داخل الاتحاد – خاصة مجلس السلم والأمن – تتسم بالبطء الشديد في التفاعل مع المتغيرات الميدانية، ما يجعله دائمًا متأخرًا عن اللحظة السياسية".
وأكد المتحدث أن "أغلب مسارات الوساطة الأفريقية ركّزت على الأطراف السياسية والعسكرية الرسمية، دون إشراك فعلي لجميع أطياف الشعب ما أفقد الوساطة عمقها الاجتماعي وشرعيتها الشعبية".
وذكر أنه "في غياب تنسيق فعّال مع الأمم المتحدة، بدا أن هناك تنافسًا غير معلن بين المسارات الدولية والأفريقية، مما أربك العملية السياسية".
وأكد ضرورة "أن تلتزم الدول الأفريقية الكبرى كمصر، الجزائر، جنوب أفريقيا، ونيجيريا بدعم حقيقي للمصالحة، وليس فقط من باب المواقف الخطابية. بدلًا من التنافس، يجب أن يكون الاتحاد شريكًا للأمم المتحدة في قيادة أي حوار سياسي شامل".