حتى قبل انعقادها، استأثرت قمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأحاديث وتوقعات المختصين في واشنطن، بسبب توقيتها وانعكاسها المتوقع على مصير ملفات منطقة الشرق الأوسط المتحركة والمعقدة بطبيعتها.
يقول مقربون من إدارة ترامب لـ"إرم نيوز"، إن التقدير الحالي بين الدائرة الضيقة للرئيس الأمريكي هو تثمين الإنجاز الذي حققته هذه الإدارة في عامها الأول بالبيت الأبيض في قمة شرم الشيخ بشأن الحرب في غزة.
الأمر لا يقتصر فقط على حالة تثمين واعتزاز بين فريق ترامب، ولكن أيضاً هناك دعوة إلى اعتماد ذلك الاتفاق نموذجا لحل بقية أزمات المنطقة والبناء عليه في المرحلة المقبلة.

ويقول المقربون إن ترامب يميل أكثر إلى الاعتقاد بأن اتفاق غزة أكبر كثيرا من أن يكون اتفاقا لحل أزمة الحرب في القطاع بالقدر الذي يشكل نجاحا دبلوماسيا لهذه الإدارة في تحقيق ذلك الإجماع الإقليمي حول مبادرتها السلمية وكذلك في بقية المحيط الدولي.
ويوضح المقربون أن فريق ترامب ينظر إلى اتفاق غزة على أنه اختراق دبلوماسي كبير نجح الرئيس الأمريكي في توفير شروط نجاحه دوليا؛ وهو الأمر الذي عجزت الإدارة السابقة عن تحقيقه قبل مغادرتها البيت الأبيض.
هناك تصور واضح لدى الدائرة الضيقة للرئيس ترامب بأن اتفاق شرم الشيخ كان النموذج الذي اعتمد عليه فريق الأمن القومي لوضع تصورهم المبدئي للتوصل إلى اتفاق في أوكرانيا وغيرها من الأزمات التي تسعى هذه الإدارة إلى حلها.
لا يزال ترامب يعتقد أن عملا إقليميا سيمكن إدارته من تحقيق شروط نجاح لاتفاق مماثل في جنوبي لبنان يضمن استدامة وقف إطلاق النار الحالي ويساعد الشركاء في لبنان على ترتيب البيت الداخلي بالطريقة التي تمكن الجيش اللبناني من السيطرة الكاملة على القرار الأمني والعسكري في كامل لبنان.
ويقول المقربون إن فريق الرئيس يعتقد أن أسلوب هذه الإدارة الواقعي جدا في التعامل مع أزمات المنطقة سوف يمكّن مبعوثي الرئيس من تحقيق اختراقات جدية في المنطقة.
المقربون من الإدارة الأمريكية يقولون لـ"إرم نيوز"، إن القمة المرتقبة بين ترامب ونتنياهو كسابقاتها لن تخلو من اختلافات وتباينات في الرؤى وأولويات التعامل معها.
الرئيس ترامب لا يزال يؤمن بأن تصعيدا جديدا في المنطقة لن يخدم أولويات البيت الأبيض في دعم الذهاب باتفاق غزة إلى مراحله المتبقية؛ لأن النجاح في تجسيد هذا الاتفاق سوف يؤسس لمرحلة جديدة في منطقة الشرق الأوسط كما يراها الرئيس ترامب بتقديم أولوية النمو الاقتصادي والتخفيف من حدة خطابات التصعيد فيها.
وبحسب المقربين من الإدارة الأمريكية، يرى فريق ترامب أن هذا الرهان سوف يساعد هذه الإدارة على تحقيق إنجازات مماثلة كما هو الحال بالنسبة لأزمتي السلاح الخارج عن سيطرة الحكومة المركزية في العراق ولبنان.

أولوية الاقتصاد الصريحة في تفكير الإدارة الحالية تجعل من فرصة الرهان على التنمية وخلق فرص النمو الفردي والجماعي مرتكزات لسياسات الرئيس ترامب في الشرق الأوسط.
هناك الكثير من التوقعات المحيطة بهذه الأزمة من وجهة نظر المقربين، ذلك لأن فريق الأمن القومي لا يزال يميل إلى فكرة أن التدخل العسكري الأمريكي المباشر الصيف الماضي أوجد واقعا مختلفا في الداخل الإيراني وقدم الرسالة الواضحة حول كيفية تصرف هذه الإدارة المختلف عن سابقاتها.
ولا يزال هناك توقع كبير في البيت الأبيض بنجاح مسار دبلوماسي وفق الشروط الأمريكية التي تطالب طهران بإنهاء طموحها النووي ومشروعها الصاروخي الباليستي، وكذلك التوقف عن نشاطها الإقليمي، إضافة إلى القبول بمبدأ التفاوض المباشر مع الإدارة الأمريكية.
هذه الرؤية لا تزال الأكثر تأييدا في محيط الرئيس، وهناك أيضاً عامل الرسائل المتبادلة عبر الوسطاء الإقليميين والدوليين، الذي يشير إلى أن الخيار الدبلوماسي لا يزال ممكنا ومفضلا في اللحظة الحاضرة.
أمام ترامب يقدم المقربون معطيات مختلفة عن تلك التي كانت بين يديه الصيف الماضي، فالتوقيت هذه المرة يرتبط بعام انتخابي في الكونغرس يحتاج معه الرئيس إلى مساعدة نواب حزبه الجمهوريين على المحافظة على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ.
يتعامل ترامب في الوقت الحاضر مع أزمة فنزويلا المتصاعدة هي الأخرى، وهي ذات أهمية كبيرة في تقدير فريقه الأمني بسبب ارتباطها اللصيق بالأمن القومي والقرب الجغرافي وخطورة تحركات وتحالفات نظام مادورو في المحيط الدولي القريب والبعيد.
هذه المعطيات الداخلية سوف تجعل من فريق ترامب أكثر تمسكا بتجنب إمكانية حدوث أي تصعيد في المنطقة في المرحلة الحالية.
المقربون لم يستبعدوا في مقابل ذلك أن يسمح ترامب، رغم تقييمه الإيجابي لما تحقق في المنطقة، ببعض العمليات الدقيقة المحددة الأهداف والتوقيت إذا كانت هناك ضرورة لذلك.