logo
العالم العربي
خاص

وسط ترقب إيراني.. العراق يشكّل لجنة لحصر السلاح بغطاء قضائي

عناصر من مليشيا عراقيةالمصدر: (أ ف ب)

يتّجه  العراق إلى إطلاق واحدة من أكثر الخطوات حساسية منذ العام 2003، مع التحضير لتشكيل لجنة تنسيقية عليا بصلاحيات أمنية وقانونية محددة، تتولّى إدارة ملف حصر السلاح بيد الدولة، في توقيت بالغ الدقة يتقاطع فيه الضغط الأمريكي المتصاعد مع مخاوف داخلية من انزلاق العراق إلى ساحة مواجهة إقليمية مفتوحة.

وكشف مصادر سياسية مطلعة لـ"إرم نيوز" أن اللجنة ستُشكّل فور إنجاز التفاهمات النهائية حول الحكومة الجديدة، وستعمل بتفويض مباشر يتيح لها متابعة ملف السلاح غير المرخص، بما يشمل: السلاح المتوسط، والثقيل، والطائرات المسيَّرة، مع إحالة أي جهة ترفض الالتزام إلى المسار القضائي دون استثناء.

لجنة أمنية بقوة القانون

وبحسب المعلومات، ستضم اللجنة ممثلين عن مكتب القائد العام للقوات المسلحة، ووزارتي الداخلية والدفاع، وجهاز الأمن الوطني، والحشد الشعبي، إلى جانب ممثلين عن السلطة القضائية، في صيغة تهدف إلى منحها غطاءً تنفيذياً وقانونياً متكاملاً.

الخبير الأمني العراقي فاضل أبو رغيف يرى أن ربط ملف حصر السلاح بالقضاء يشكّل التحول الأهم مقارنة بالمحاولات السابقة، إذ ينقل الملف من كونه موضوعاً تفاوضياً خاضعاً للتسويات السياسية، إلى مسار قانوني مُلزم يضيّق هامش المناورة أمام الفصائل المسلحة.

انقسام الفصائل واختبار الالتزام

ويكشف ملف حصر السلاح حجم التباين داخل الفصائل المسلحة نفسها. فبينما أعلنت فصائل عدة موافقتها المبدئية على المضي في مسار حصر السلاح، لا تزال فصائل أخرى تضع شروطاً سياسية وأمنية، أو ترفض المبدأ من أساسه، ما يعكس حدود التوافق داخل البيت الشيعي.

هذا الانقسام، وفق مصادر سياسية، يضع الحكومة المقبلة أمام معادلة دقيقة، بين فرض المسار القانوني تدريجياً، أو المخاطرة بانفجار داخلي قد لا يقتصر على العلاقة بين الدولة والفصائل، بل يمتد إلى داخل الفصائل نفسها.

إيران تراقب وتعيد التموضع

ورغم غياب أي موقف رسمي معلن، تشير مصادر سياسية مطلعة إلى أن إيران تتابع ملف حصر السلاح في العراق بدقة عالية، وتتعامل معه ببراغماتية حذرة، تقوم على مبدأ "خفض الخسائر لا المواجهة".

 وبحسب قراءة الباحث السياسي العراقي فراس الياس، فإن الصمت الإيراني حيال التطورات الأخيرة لا يعني قبولا تلقائيا بمبدأ حصر السلاح، بقدر ما يعكس مرحلة تقييم معمّق للواقع العراقي الجديد وتداعياته على الدور الإيراني الإقليمي.

ويشير الياس لـ "إرم نيوز" إلى أن إيران، من حيث المبدأ، لا تنظر بإيجابية إلى أي مقاربة تمس جوهر ملف السلاح في العراق أو لبنان، لما لذلك من انعكاسات مباشرة على مستقبل محور نفوذها في المنطقة، وهي هواجس عبّرت عنها شخصيات إيرانية بارزة، من بينها علي لاريجاني، خلال زياراته المتكررة إلى بغداد وبيروت.

لكن في المقابل، تدرك طهران أن البيئة العسكرية والسياسية تغيرت بعد الحرب الأخيرة في المنطقة، وأن حلفاءها يواجهون ضغوطاً أمريكية وإقليمية غير مسبوقة، تتراوح بين مسارات نزع السلاح، وتشديد العقوبات، والتهديد بالاستهداف العسكري. وهذا الواقع، وفق الياس، دفع إيران إلى تبني مقاربة أكثر براغماتية تقوم على إعادة تموضع حلفائها بدل الدفع نحو مواجهة مفتوحة.

تسوية مرحلية وليس نزاعاً شاملاً

في المقابل؛ يلفت الباحث العراقي إلى أن صعود بعض الفصائل في الانتخابات الأخيرة واستقلالها الاقتصادي، جعلاها أقل خضوعاً للتأثير السياسي الإيراني المباشر، وهو ما يدفع طهران إلى تفضيل خيار "دمج الفصائل" داخل الدولة، مقابل رفضها لمقاربة "تفكيك الفصائل" التي تتبناها واشنطن. 

أخبار ذات علاقة

عناصر من مليشيات عراقية يرفعون السلاح

حصر السلاح أم شرعنته؟.. سيناريوهات "ملغومة" أمام الدولة العراقية

وفي ظل مشهد إقليمي غير مكتمل الملامح، لا ترى إيران نفسها في موقع يسمح لها بالتخلي عن ورقة السلاح بشكل كامل، خاصةً مع غموض الرؤية الأمريكية تجاهها. لذلك، لا يُستبعد – وفق تقديرات سياسية – أن تدعم طهران حصر سلاح بعض الفصائل، مقابل الإبقاء على سلاح فصائل أخرى كخط دفاع احتياطي، تحسباً لأي تطورات غير محسوبة.

وتشير المصادر إلى أن ملف حصر السلاح، دَخَل مساراً لا مفر منه، إلا أنها تحذّر من أنه محفوف بالمخاطر. فالفشل في إدارته قد يقود إلى صدام بين الدولة وبعض الفصائل، أو إلى تفجير صراعات داخلية بين الفصائل نفسها.

لكن الرهان بالنسبة لبغداد سيكون على الجمع بين الغطاء القضائي، والتدرج التنفيذي، والتفاهمات الإقليمية غير المعلنة، ما قد يسمح بتمرير هذا الملف بأقل كلفة ممكنة، كما تختم المصادر.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC