الجيش الإسرائيلي: غارة على منصة صاروخية لحزب الله في منطقة الجبين جنوبي لبنان

logo
العالم العربي
خاص

وزارة الداخلية السورية تكشف لـ "إرم نيوز" حقيقة منح الجنسية لمقاتلين أجانب

وزارة الداخلية السورية تكشف لـ "إرم نيوز" حقيقة منح الجنسية لمقاتلين أجانب
مقاتل تركستاني في سوريا
19 أغسطس 2025، 8:51 ص

نفى مدير العلاقات العامة في وزارة الداخلية السورية "مصطفى أبو أحمد" في تصريح لـ "إرم نيوز" تجنيس أي من المقاتلين الأجانب في سوريا، مشيرا إلى أن أي حديث عن هذا الموضوع هو "محض كذب وافتراء".

من جهته، قال المتحدث بإسم الداخلية السورية، نور الدين البابا، إن إعطاء الجنسية يكون إما بمرسوم رئاسي، أو بقرار يصادق عليه مجلس الشعب، وفي الحالتين وزارة الداخلية جهة تنفيذية للقرار الصادر.  وذلك في رد على سؤال لـ "إرم نيوز" حول حقيقة التقارير التي تتحدث عن تقدم بعض المقاتلين الأجانب بطلب لوزارة الداخلية السورية لمنحهم الجنسية السورية.

وكانت وكالة "رويترز"نشرت تقريرا، قالت فيه إن عددا من المقاتلين الأجانب تقدم بالتماس إلى الحكومة السورية الجديدة التي تقودها هيئة تحرير الشام، يطالبون فيه بمنحهم الجنسية السورية.

أخبار ذات علاقة

أفراد من القوات المسلحة الجديدة في سوريا

المقاتلون الأجانب في سوريا.. ملف معقد ومستقبل غامض

 وجاء في رسالة قُدمت إلى وزارة الداخلية السورية يوم الخميس أنه ينبغي منح الأجانب الجنسية حتى يتمكنوا من الاستقرار وتملك الأراضي وحتى السفر. وقال المقاتلون الأجانب في الرسالة إنهم تقاسموا الخبز والحزن والأمل في مستقبل حر وعادل لسوريا، لكنهم أبدوا أسفهم لأن وضعهم لا يزال غامضا. وطلبوا في الرسالة من القيادة السورية أن تمنحهم الجنسية والحق في حمل جواز سفر سوري

وبحسب الوكالة، فإن الشخص الذي قدم هذه الرسالة هو بلال عبد الكريم، وهو ممثل كوميدي أمريكي تحول إلى مراسل عسكري ويقيم في سوريا منذ عام 2012. ويعد عبد الكريم من الأصوات البارزة بين الإسلاميين الأجانب في سوريا.

لكن مصدرا آخر مطلعا على هذا الملف، تحدث إلى "إرم نيوز" ورفض الكشف عن هويته، أكد أن عملية تجنيس المقاتلين الأجانب في سوريا مفتوحة بالفعل، ولكن بشروط وطريقة لم يقبل بها بعضهم وفق قوله.

وبحسب المصدر، اقترحت الجهات العاملة في ملف التجنيس على بعض المقاتلين، الحصول على هويات بأسماء مقاتلين قتلوا خلال الحرب دون أن تتم توفيتهم في القيود الرسمية، إلا أن المقاتلين رفضوا ذلك، واعتبروا الأمر إهانة لهم ولما قدموه لهيئة تحرير الشام وللسلطة السورية خلال أكثر من 10 سنوات .

من جهته، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن عمليات تجنيس الأجانب في سوريا مستمرة منذ قرابة شهرين، بمعدل يتراوح بين 30 و50 شخصاً يومياً.

ملف معقّد

يشكل ملف المقاتلين الأجانب عقدة كبيرة في النزاع السوري منذ طفت قضيتهم إلى السطح، قبيل وبعد سقوط نظام بشار الأسد، لينتقل اليوم إلى مرحلة أكثر خطورة، عقب المطالبات الأخيرة لهؤلاء بـ "حقهم" في الحصول على الجنسية السورية.

ويستمر النقاش حول هذه القضية في المستوى الوطني السوري، إذ تتجه في مسار يؤدي إلى تفاقم أزمة الثقة بين سلطة دمشق من جهة، والمجتمعين المحلي والدولي من جهة ثانية، فالسوريون ينظرون إلى هؤلاء المقاتلين كمتطرفين وغرباء، رغم المحاولات لإضفاء الشرعية عليهم، وزاد من حدة هذا الموقف مشاركة هؤلاء بفاعلية في المجازر التي شهدها الساحل السوري والسويداء. فيما يشكل الملف نفسه اختبارا للسلطة من قبل المجتمع الدولي، وهو ما يضعها أمام مفترق طرق قد يكون حاسما في علاقتها مع المكونات السورية والمجتمع الدولي .

أخبار ذات علاقة

عناصر تابعون للفصائل المسلحة في سوريا

"وول ستريت جورنال": المقاتلون الأجانب أصبحوا عبئا على "ثوار" سوريا

 أبعاد سياسية و رمزية

الكاتب والباحث السياسي السوري، مازن بلال، قال إن المطالبة بالجنسية من قبل المقاتلين الأجانب لا يمكن قراءتها كإجراء إداري أو قانوني، بل خطوة تنطوي على أبعاد سياسية ورمزية عميقة، فهؤلاء القادمون من خارج البلاد لا يطالبون بمجرد أوراق ثبوتية أو تسهيلات معيشية، بل يسعون إلى تثبيت مكانتهم ضمن البنية الوطنية الجديدة، وطلبهم يعكس رغبة في الانتقال من حالة "الضيف المؤقت" أو "المجاهد الغريب" إلى صفة "المواطن"، بما تحمله من اعتراف رسمي واندماج ضمن مجتمع ما بعد الحرب.

ويضيف أن قبول هذا الطلب يحمل دلالة رمزية خطيرة، فهو يعني أن النظام الجديد في سوريا مستعد لمنح الجنسية، التي يفترض أنها عقد مدني بين الفرد والدولة، لأشخاص قاتلوا تحت رايات عقائدية عابرة للحدود، وكثير منهم تبنّى في مراحل سابقة خطابا رافضا لفكرة الدولة الوطنية ذاتها، وهذه الخطوة، إذا ما تمت، ستعيد رسم حدود الهوية السورية، ليس على أساس الجغرافيا أو المواطنة التقليدية، بل على أساس الانتماء العقائدي أو الولاء السياسي، وهو ما يمثّل تحولا جذريا في تعريف الانتماء والمواطنة في سوريا ما بعد الحرب.

وفقا لبلال، يبدو هذا المسار محفوفا بالعقبات، فداخليا يثير منح الجنسية لهؤلاء المقاتلين حفيظة فئات واسعة من السوريين، خاصة في المناطق التي عانت من هيمنة الفصائل المتشددة، والمجتمعات المحلية التي خضعت، أو حتى اصطدمت، مع حكم هيئة تحرير الشام، والتي تنظر إلى هذا النوع من التجنيس كنوع من "مكافأة على التطرف".

أما خارجيا - يقول - فإن أي خطوة في هذا الاتجاه ستُعد مثيرة للجدل، فمنح الجنسية لمقاتلين أجانب يعقّد مساعي النظام الجديد لنيل الاعتراف الدولي، لأن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، ما زالت تنظر إلى هيئة تحرير الشام ككيان إرهابي، وأي إجراء قانوني لوجود هؤلاء المقاتلين سيُفسَّر كمؤشر على استمرار المشروع الجهادي بصيغة معدّلة.

ترسيخ الانقسام

من وجهة نظر سياسية بحتة - يرى مازن بلال - أنه يمكن النظر إلى التجنيس بوصفه أداة استراتيجية لتثبيت النفوذ وترسيخ الولاء. فـ "النظام الجديد، في لحظة هشة من إعادة تشكيل شرعيته، يحتاج إلى قاعدة دعم موثوقة لا تملك بدائل، وهؤلاء القادمون دون أوطان، الذين جُرّدوا من جنسياتهم أو يواجهون ملاحقات قانونية في بلدانهم الأصلية، ينظرون إلى الجنسية السورية كملاذ أخير، يمنحهم حماية قانونية ووجودا معترفا به في المجال العام، وفي هذا السياق، يصبح التجنيس أشبه بعقد إذعان سياسي: مقابل الأمن والاعتراف، يُطلب الولاء والدفاع".

ويشير إلى أن هذا الارتباط القسري بين البقاء والولاء يعيد إلى الأذهان ممارسات مألوفة في التاريخ السياسي السوري، إذ استُخدمت الجنسية لأغراض تتجاوز بعدها القانوني، لتصبح أداة للضبط السياسي والاجتماعي.

 والمثال الأبرز على ذلك، كما يقول بلال، هو الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 في محافظة الحسكة، الذي جُرّد بموجبه عشرات آلاف الأكراد من جنسيتهم، في سابقة كشفت هشاشة مفهوم المواطنة أمام ضرورات الضبط الديمغرافي والسياسي، واليوم، وإن تغيّرت القوى المسيطرة، فإن المنطق ذاته يتكرر، إذ إن الجنسية لا تُمنح بوصفها حقا مدنيا، بل كأداة لإعادة تشكيل الخريطة السكانية على أسس الولاء والانتماء السياسي.

أخبار ذات علاقة

أحد المقاتلين الأجانب في سوريا

المقاتلون الأجانب في سوريا.. "ورطة" الشرع وسيناريوهات الحل

 أزمة قانونية

في السياق القانوني، يفتح الالتماس أزمة مختلفة، فما هو الإطار القانوني الذي تستند إليه هذه الحكومة في منح الجنسية؟ وهل ستُستدعى قوانين النظام السابق أم سيتم اعتماد دستور جديد؟ وهل ستُمنح الجنسية بشكل انتقائي، أم وفق معايير شفافة؟

 المحامية السورية المتخصصة في حقوق الإنسان، والمقيمة في جنيف، ريما أوشو، ترى أن غياب المؤسسات الدستورية المستقرة يجعل من كل قرار سيادي مسألة خلافية تنسف ما تبقى من شرعية مأمولة.

وتضيف أن مسألة المقاتلين الأجانب تثير تساؤلات حول الإطار القانوني الذي ينظم منح الجنسية. فمعظم هؤلاء دخلوا البلاد بطرق غير قانونية وانخرطوا في فصائل مسلحة مصنفة على قوائم الإرهاب. فهل من المعقول أن يُمنحوا الجنسية دون مراعاة المخاطر الأمنية والاجتماعية في البلاد التي تشهد انقسامات حادة حتى بين مواطنيها، لا سيما أن الجنسية ليست مجرد وثيقة تمنح حق الإقامة والعمل، بل هي عقد اجتماعي يتضمن حقوقاً وواجبات. 

 من جهة أخرى، تتساءل أوشو: إذا كان المقاتلون الأجانب الذين تزوجوا سوريات يستحقون الجنسية، وفقا لتبريرات السلطة ومؤيديها، فلماذا وفقا لمنطق السلطة نفسه، لا يمتد هذا الحق لشرائح أخرى مهمشة منذ عقود، مثل الفلسطينيين السوريين الذين ولدوا وتربوا في البلاد ولا يزالون يُعاملون كأجانب.

و تضيف أن التعامل الانتقائي في هذا الملف لا يعكس ازدواجية في تطبيق القانون فحسب، بل يعزز مناخ الإقصاء والإحباط لدى شرائح مجتمعية عانت من التهميش.

و"في الوقت الذي تتحدث فيه السلطة عن حماية المقاتلين الأجانب من مخاطر الترحيل، تتغافل عن ضرورة حماية المجتمع السوري من المخاطر الأمنية الناتجة عن إدماج أفراد ارتبطوا بجماعات مسلحة في مؤسسات الدولة"، وفقا للمحامية السورية.

تجربة للقياس

تقدم التجربة البوسنية نموذجاً يمكن القياس عليه في الحالة السورية، إذ شهدت البلاد تدفقاً للمقاتلين الأجانب خلال الحرب الأهلية، حيث قدموا تحت شعارات الجهاد والدفاع عن المسلمين. وبعد انتهاء النزاع، واجهت البوسنة معضلة قانونية تتعلق بوضع هؤلاء المقاتلين الذين تزوجوا وأنجبوا أطفالاً على أراضيها.

في البداية، منحت السلطات الجنسية للبعض بناءً على ظروف استثنائية، لكن سرعان ما تراجعت عن هذه الخطوة بعد تصاعد الضغوط الدولية واتهامات بتسهيل بقاء "الجهاديين".

وفي عام 2007، أطلقت البوسنة حملة واسعة لسحب الجنسية ممن حصلوا عليها بطرق غير قانونية، ما أدى إلى معارك قانونية معقدة استمرت سنوات. وخلال تلك الفترة، برزت انتقادات دولية تتهم الحكومة البوسنية بالتراخي في مكافحة الإرهاب وتسهيل بقاء أفراد يشكلون تهديداً للأمن الإقليمي. وفي نهاية المطاف، تحولت هذه القضية إلى أزمة قانونية وإنسانية تداخلت فيها أبعاد الأمن والسيادة والحقوق الإنسانية.

أخبار ذات علاقة

عناصر تابعون للفصائل المسلحة في سوريا

المقاتلون الأجانب في سوريا.. تحد جديد يختبر توزان السلطة الجديدة

 

مفترق طريق

تمثل المطالبة بالجنسية لحظة فاصلة بالنسبة للسلطة التي تقودها هيئة تحرير الشام، بحسب الكاتب السياسي مازن بلال، فيقول: "إما أن تذهب نحو مزيد من المأسسة، والقطع مع إرث السلفية الجهادية، أو أن تبقى رهينة ماضيها، فتكرر مسار الحركات الإسلامية التي فشلت في التحوّل إلى نظم حكم مسؤولة".

ويوضح أن قرار منح الجنسية لهؤلاء الأجانب سيكون أكثر من مجرد إجراء إداري؛ سيكون مرآة لمشروع سياسي بأكمله. فهل سوريا الجديدة وطن لكل أبنائها، أم مجرد غنيمة للفائزين؟

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC