أكد خبيران أن انفصال هيئة تحرير الشام عن تنظيم القاعدة لم يعد مجرد ادعاء، بل حقيقة تؤكدها تقارير مراقبي العقوبات في الأمم المتحدة التي لم ترصد أي "علاقات نشطة" بين الطرفين هذا العام.
ويطرح هذا التحول تساؤلات جوهرية حول إمكانية تغيير الإيديولوجيا المتطرفة تحت ضغط الواقع السياسي، وكيفية ترويض الفصائل المسلحة عند وصولها إلى سدة الحكم.
وقد فرض وصول الهيئة إلى القصر الرئاسي في دمشق عليها تبني خطاب أكثر اعتدالاً، في محاولة لكسب الشرعية الدولية وتجنب العزلة السياسية.
وقال الأكاديمي والباحث السياسي، جمال الشوفي، إن الأزمة السورية فتحت العمل العسكري بكافة أشكاله، وقد جلبت الميليشيات الإيرانية والتنظيمات الإرهابية من القاعدة وداعش، كما فرضت تدخلات دولية متعددة.
وأضاف لـ "إرم نيوز" أنه في ما يخص تنظيم القاعدة وهيئة تحرير الشام، كان هناك تبدل في المواضع، ففي بداية الأمر جرى إيجاد تفاهمات حول آليات العمل وفق اتساق منظومة معينة، وكان تنظيم القاعدة وجبهة النصرة على اتفاق ما سابقاً لكنه كان متبدل الأهداف ضمن مناطق الصراع على النفوذ.
وأوضح أن ما حدث لاحقاً هو تبدل قاعدة المصالح، هيئة تحرير الشام مرت بمفصل رئيسي ما بعد العام 2018 واستقرارها في إدلب ومحاولة ضم أكبر قدر ممكن من الفصائل خاصة تلك التي كانت متناحرة فيما بينها، والانفكاك عن القاعدة، دون الخروج عن الإطار الإيديولوجي العام بهدف تحرير سوريا وفق رؤية معينة للوصول إلى دمشق.
وأشار إلى أنه لا يمكن ربط الإيديولوجيا بمنظار عقائدي فقط، وإنما أيضاً بآليات تقاطع المصالح، وأن عملية ردع العدوان أثبتت حضورها على الساحة السورية من خلال توحيد أكبر عدد ممكن من الفصائل باتجاه الهدف للوصول إلى دمشق، بقيادة الرئيس الحالي أحمد الشرع لتغيير النظام وإسقاطه عبر هيئة تحرير الشام، الجهة المنظمة عسكرياً وإدارياً.
وبيّن الشوفي أن الحكومة الانتقالية تعاني الآن من وجود بعض الفصائل المتطرفة، إضافة إلى تهديدات داعش، وهو ما يسمّى بـ "صراع الأجنحة" حول آليات الحكم والسلطة.
وأكد أن التحدي الكبير اليوم هو كيفية الوصول إلى استقرار واعتدال، وهذا يتطلب عملا دؤوبا على تثبيت آليات الحكم كحالة قانونية وزارية بعيداً عن المرجعيات الفصائلية.
وأضاف أن عامل الوقت كفيل بـ "تقليم أظافر" الحالة الفصائلية وترويض الآراء المتطرفة التي لا تزال موجودة وتشكل تهديدا مباشرا للاستقرار العام في سوريا، وبالتالي يجب الانتقال من الحالة الفصائلية إلى الحالة المؤسساتية، وهذا يحتاج إلى زمن والعمل عليه تدريجياً.
من جهته رأى الباحث والمحلل السياسي وائل علوان أن فك ارتباط هيئة تحرير الشام بتنظيم القاعدة موضوع قديم يعود للعام 2017، والهيئة انفصلت فعلياً عن التنظيم، وكان هناك دائماً مراقبة وتقييم من مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لهذا الموضوع.
وأضاف لـ "إرم نيوز" أنه بعد الانفصال الكامل تنظيمياً، غيرت هيئة تحرير الشام من أدبياتها وسلوكياتها وأصبحت أكثر مرونة في موضوع التحول إلى الحكم المحلي وإلى الأفكار التي تنسجم مع الأطراف الثائرة ضد نظام الأسد للوصول إلى حكم محلي عقلاني متزن.
وأوضح أنه مع وصول الفصائل التي تقودها غرفة العمليات إلى دمشق، كان هناك الكثير من التطمينات على المستوى المحلي والخارجي لعدم التورط بأي سلوك إجرامي أو ارتكاب انتهاكات.
وأشار إلى أنه مع رفع العقوبات ورفع الهيئة عن لوائح الإرهاب الدولي من قبل الولايات المتحدة، فإن هذا سيشجع باقي الأطراف الأممية على اتخاذ هذا القرار في وقت قريب، وفق تقديره.