في زمن أصبحت فيه "الصحة الطبيعية" رائجة على منصات مثل تيك توك، يتصدر الحليب الخام – أو غير المبستر – قوائم المشروبات التي يروّج لها المؤثرون. بعضهم يقول إنه غني بالبكتيريا المفيدة، وآخرون يعتبرونه "أكثر نقاءً" وأغنى بالعناصر الغذائية.
لكن هل هو آمن حقًا؟
الصحفية إيمي غلوفر تناولت هذا الجدل، مستعرضة آراء خبراء مثل براين كوك لي، اختصاصي علوم الأغذية ومؤلف كتاب 150 سؤالًا في علوم الطعام.
ويشرح لي أن الحليب الخام هو ببساطة الحليب الذي لم يخضع لعملية البسترة، وهي تسخين الحليب بسرعة لقتل البكتيريا الضارّة.
في بريطانيا، يُسخَّن الحليب إلى 71.7° مئوية لمدة 15 إلى 25 ثانية، ثم يُبرّد بسرعة إلى -3° مئوية. هذه الخطوة البسيطة تقتل بكتيريا خطيرة مثل السالمونيلا، والإشريكية القولونية، والليستيريا والكمبيلوباكتر، وكلها قد تسبب أمراضًا خطيرة.
ويحذّر براين كوك لي من أن البيئة المحيطة بضرع البقرة ليست معقّمة، ما يجعل الحليب الخام غنيًّا ببكتيريا قد تكون قاتلة لكبار السن، الأطفال، الحوامل، أو أصحاب المناعة الضعيفة.
وتشير بيانات وكالة معايير الغذاء البريطانية FSA إلى تسجيل 19 تفشّيًا لأمراض معوية مرتبطة بالحليب الخام بين عامي 1992 و2002، أصيب فيها 229 شخصًا، أُدخل 36 منهم إلى المستشفى.
وعلى الرغم من أن البعض يروّج للحليب الخام باعتباره مفيدًا للهضم، توضح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أن البكتيريا فيه ليست من النوع البروبيوتيكي المفيد، بل قد تعكس ضعف النظافة في مزارع الإنتاج.
وفي اسكتلندا، يُحظر بيع الحليب الخام، بينما يُسمح به في إنجلترا وويلز وأيرلندا الشمالية بشرط شرائه من مزارع أو موزعين مرخّصين فقط.
وفي المحصلة، يرى الخبراء أن فوائد الحليب المبستر تفوق بكثير أي مزاعم غير مثبتة حول الحليب الخام، فالأمن الغذائي لا يُقاس بعدد الفيتامينات فقط، بل أيضًا بغياب الميكروبات القاتلة.