في زمن تُروّج فيه الأنظمة الغذائية النباتية بوصفها الحل الأمثل للصحة، تخرج الدكتورة داريا خايكنا، اختصاصية الغدد الصماء وخبيرة التغذية، لتحذّر من تبنّي هذا الاتجاه بشكل أعمى، مشيرةً إلى أنّ التخلي الكامل عن الدهون الحيوانية قد يجرّ عواقب صحية لا يُستهان بها.
توضح خايكنا أنّ الصورة النمطية عن الدهون الحيوانية بوصفها "عدو القلب" مبالغ فيها، وتعود جذورها إلى منتصف القرن العشرين، حين ربطت أبحاث أولية بين الدهون المشبعة وأمراض القلب.
ورغم أنّ هذه الفرضية فقدت كثيراً من قوتها لاحقاً، إلا أنّ الخوف من الدهون الحيوانية ترسّخ، بل استُثمر تجارياً في التسعينيات، حين تم تسويق المنتجات قليلة الدسم كبديل صحي، بينما تم تعويض الدهون فيها بكميات كبيرة من السكر، ما أدى إلى نتائج صحية عكسية.
وتضيف خايكنا: "الأسوأ من ذلك أنّ الموجة النباتية المتطرفة والمعلومات المغلوطة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، شوّهت المفاهيم الغذائية، فبات كثيرون يربطون بين تناول الدهون وتخزينها في الجسم، ويخافون من الزبدة والبيض أكثر من توترهم المزمن".
وتؤكد الاختصاصية أنّ السؤال حول "أفضلية الدهون النباتية أم الحيوانية" لا يُطرح بالشكل الصحيح، لأنّ لكل نوع منها دوراً بيولوجياً مختلفاً لا يمكن الاستغناء عنه.
فالدهون الحيوانية المشبعة ضرورية لإنتاج الهرمونات الجنسية، وامتصاص الفيتامينات الذائبة في الدهون (A، D، E، K)، وبناء أغشية الخلايا وحماية الألياف العصبية.
أما الدهون النباتية غير المشبعة، فتتميّز بغناها بأحماض أوميغا التي تساهم في تقليل الالتهابات ودعم صحة القلب.
لكن، ما الذي يحدث إذا تخلّى الإنسان كلياً عن الدهون الحيوانية؟ تُحذر خايكنا من اختلالات هرمونية، خاصة انخفاض الإستروجين والتستوستيرون، وضعف امتصاص الفيتامينات الحيوية، ونقص الكوليسترول الضروري لتكوين الهرمونات، والوظائف الدماغية، وصحة الأعصاب.
وقد تظهر أعراض مثل اضطرابات الدورة الشهرية، تعب مزمن، ومشكلات جلدية.
وتختتم خايكنا بالقول: "الزيوت النباتية كزيت الزيتون، زيت بذر الكتان، والمكسرات، رائعة كأساس يومي، لكن ملعقتين من الزبدة أو ملعقة من القشدة الحامضة يومياً ليست مضرّة إطلاقاً، بل حاجة فسيولوجية. الاعتدال هو الأساس، فالإفراط مضر، لكن الاستغناء التام لا يقل ضرراً".