تعد القيلولة سلاحًا ذا حدين، إذا أحسنّا استخدامها فهي وسيلة فعّالة لشحن طاقتك، وتحسين تركيزك، ودعم صحتك النفسية والجسدية. أما إذا أخطأنا في استخدامها، فقد تُشعرك بالخمول والارتباك، وتجد صعوبة في النوم لاحقًا.
ويكمن المفتاح في فهم كيفية تنظيم الجسم للنوم واليقظة.
يعاني معظم الناس انخفاضًا طبيعيًّا في اليقظة في وقت مبكر من بعد الظهر، عادةً بين الساعة الواحدة ظهرًا والرابعة عصرًا. لا يعود هذا فقط إلى تناول غداء دسم، بل إن ساعتنا البيولوجية، أو إيقاعنا اليومي، تُنشئ دورات من اليقظة والتعب على مدار اليوم .
ويُعد هدوء ما بعد الظهر جزءًا من هذا الإيقاع، ولهذا السبب يشعر الكثير من الناس بالنعاس في ذلك الوقت.
تشير الدراسات إلى أن قيلولة قصيرة خلال هذه الفترة - يُفضل أن يتبعها التعرض لضوء ساطع - يمكن أن تساعد على مكافحة التعب، وتعزيز اليقظة، وتحسين الوظائف الإدراكية دون التأثير في النوم الليلي .
وتسمح هذه "القيلولة السريعة" للدماغ بالراحة دون الانزلاق إلى نوم عميق؛ ما يُسهّل الاستيقاظ بنشاط.
لكن هناك مشكلة: القيلولة الطويلة قد تؤدي إلى شعور أسوأ عند الاستيقاظ، ويعود ذلك إلى "خمول النوم" وهو الخمول والارتباك الناتج عن الاستيقاظ خلال مراحل النوم العميق.
بمجرد أن تتجاوز القيلولة 30 دقيقة، ينتقل الدماغ إلى مرحلة النوم البطيء؛ ما يُصعّب الاستيقاظ.
وتُظهر الدراسات أن الاستيقاظ من النوم العميق قد يُشعر الشخص بالخمول لمدة تصل إلى ساعة .
قد يكون لهذا عواقب وخيمة إذا حاولوا القيام بمهام حيوية تتعلق بالسلامة، أو اتخاذ قرارات مهمة، أو تشغيل الآلات، على سبيل المثال.
وإذا أُخذت قيلولة في وقت متأخر من اليوم، فقد تُضعف "ضغط النوم" - الدافع الطبيعي للجسم للنوم - ما يُصعّب النوم ليلاً .
بالنسبة للبعض القيلولة ضرورية، وغالبًا ما يعاني العاملون بنظام المناوبات من تقطع النوم بسبب عدم انتظام مواعيدهم، ويمكن لقيلولة مُحددة التوقيت قبل المناوبة الليلية أن تُعزز اليقظة وتُقلل خطر الأخطاء والحوادث.
وعلى نحو مماثل، قد يستفيد الأشخاص الذين يجدون صعوبة بانتظام في الحصول على قسط كاف من النوم في الليل ــ سواء بسبب العمل أو رعاية الأطفال أو غير ذلك من المطالب ــ من القيلولة لتوفير ساعات إضافية من النوم تعوضهم عن فقدان النوم.
مع ذلك، يُعدّ الاعتماد على القيلولة بدلًا من تحسين النوم ليلًا حلاً مؤقتًا وليس حلًا مستدامًا. غالبًا ما يُنصح الأشخاص الذين يعانون الأرق المزمن بتجنب القيلولة تمامًا، لأن النوم نهارًا قد يُضعف رغبتهم في النوم ليلًا.