logo
صحة

ماذا تعرف عن اضطراب "الأورثوركسيا"؟

ماذا تعرف عن اضطراب "الأورثوركسيا"؟
تعبيرية
15 مايو 2025، 10:19 م

في ظل تنامي الاهتمام باتجاهات العافية، وأجهزة تتبع الصحة، والأنظمة الغذائية التقييدية، يُحذّر الخبراء من اضطراب "الأورثوركسيا"، وهو اضطراب غذائي غير معترف به رسميًا بعد، يتمثل في هوس مفرط بتناول الأطعمة "النظيفة" أو "النقيّة".

ورغم عدم إدراجه حاليًا في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، فإن مجتمع علاج اضطرابات الأكل يعترف على نطاق واسع بتزايد انتشار هذا السلوك، لا سيما بين من يتأثرون بمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي والمعلومات الصحية المتاحة عبر الإنترنت، التي تصف بعض الأطعمة بأنها "سيئة" أو "غير طبيعية".

وبحسب تقرير نشره موقع "هافنغتون بوست"، قالت اختصاصية التغذية بيث أوغست، المتخصصة في صحة الأمومة: "إنه اضطراب غذائي تحت الإكلينيكي، لا يملك بعد رمزًا تشخيصيًا، لكنه يزداد اعترافًا به".

أخبار ذات علاقة

حب الشباب

دراسة تكشف علاقة "حب الشباب" باضطرابات الأكل

ويُعرَّف اضطراب الأورثوركسيا بأنه انشغال مفرط بالأكل الصحي ونقاء الطعام. ويختلف عن اضطرابات الأكل الأخرى مثل فقدان الشهية أو الشره المرضي، إذ لا يكون الهدف فيه فقدان الوزن بالضرورة، بل السعي نحو الكمال الغذائي.

وتوضح اختصاصية التغذية بيث هايز أن الاضطراب يبدأ غالبًا بنوايا صحية، لكنه سرعان ما يتحول إلى قواعد غذائية صارمة وسلوكيات ضارّة.

مؤشرات التحذير

نظرًا إلى تشجيع المجتمع المستمر على الأكل الصحي، يصعب أحيانًا التمييز بين الالتزام الغذائي الواعي والسلوك الغذائي المضطرب.

ويشير الخبراء إلى عدد من العلامات التي قد تدل على اضطراب الأورثوركسيا:

قيود صارمة على الطعام دون مسوغ طبي

قد يتجنب الشخص مجموعات غذائية كاملة، أو يرفض تناول أي طعام خارج قائمة "آمنة"، أو يشعر بالضيق إذا لم يستطع التحكم في مصدر الطعام. وقالت أوغست: "قد تظهر الأعراض مشابهة لفقدان الشهية، لكنها تركز على النقاء لا السعرات".

أخبار ذات علاقة

تعبيرية

الخوف من المرض.. اضطراب نفسي يهدد سلامك الداخلي

العزلة الاجتماعية

من الشائع أن يرفض المصاب حضور مناسبات اجتماعية خوفًا من نوعية الطعام المقدّم. وأضافت أوغست: "عندما يبدأ القلق بشأن الطعام بالتأثير في حياتك اليومية وراحتك في الأماكن الاجتماعية، يصبح الأمر مشكلة".

هوس بقراءة المكونات

بينما يُعدّ فحص الملصقات الغذائية أمرًا شائعًا، قد يصل الأمر بالمصاب إلى تحليل المكونات بشكل قهري، وقضاء ساعات طويلة في التخطيط للوجبات أو التحقق من "نقاء" كل مكون.

القلق والشعور بالذنب عند كسر القواعد الغذائية

إذا تسبب تناول طعام خارج القواعد الشخصية بالقلق أو الإحساس بالذنب، فقد يكون ذلك مؤشرًا على خلل في العلاقة مع الطعام. وأكدت أوغست: "إذا كنت تفكر طوال الوقت في الأكل الصحي، أو بدأت مشاعرك تجاه الطعام تؤثر في صحتك النفسية أو الجسدية، فقد حان الوقت لطلب المساعدة".

أخبار ذات علاقة

لغة الجسد (تعبيرية)

"علامة مفاجئة".. العيون قد تكشف عن اضطراب نفسي

ماذا تفعل إذا شعرت بالقلق؟

تشدّد كل من أوغست وهايز على أهمية التدخل المبكر. وينصح الخبراء بالتحدث إلى اختصاصي تغذية متمرس في اضطرابات الأكل أو إلى معالج نفسي، للمساعدة في تقييم ما إذا كانت العادات الغذائية بدأت تتخذ طابعًا مرضيًا.

وقالت هايز: "من الممكن التعافي تمامًا من اضطراب الأورثوركسيا مع الدعم المناسب"، مضيفة أن التوجه للعلاج في مرحلة مبكرة يقلّل من خطر سيطرة الاضطراب على حياة الفرد.

وأشارت أوغست إلى أن جلسات اختصاصيي التغذية تُغطى غالبًا من قبل شركات التأمين، ويمكنهم تقديم إرشادات تساعد على تبني أسلوب تغذية أكثر مرونة واستدامة، دون التقيّد بقواعد صارمة.

التخلي عن الكمالية

يتفق الخبراء على ضرورة التخلّي عن التفكير الثنائي من نوع "كل شيء أو لا شيء". فوسائل التواصل الاجتماعي غالبًا ما ترسّخ معايير غير واقعية حول الصحة والتغذية، وتروج لحلول موحدة لا تعكس اختلاف الاحتياجات الفردية.

وقالت أوغست: "كثير من الناس يشعرون أنهم يجب أن يكونوا 100% ملتزمين بالأكل الصحي طوال الوقت، وعندما يخرجون عن المسار، يشعرون بالفشل. لكن التغذية الصحية لا تتطلب الكمال".

أخبار ذات علاقة

تعبيرية

حين يصبح الطعام عدوك.. إليك ما لا تعرفه عن اضطراب الأكل

بدلًا من التركيز على "نقاء الطعام"، تنصح هايز بالتوازن والتنوع: "اسأل نفسك، هل تحصل على مغذيات متنوعة؟ هل وجباتك متنوعة؟ هذا هو الأساس لصحة طويلة المدى“.

كما يدعو الخبراء إلى تعديل طريقة التعبير عن العادات الغذائية. وتقول أوغست: "من الأفضل أن تقول: 'عادةً ما آكل طعامًا صحيًا' بدلًا من 'دائمًا'، لأن كلمة 'دائمًا' تُدخل عنصر الحكم على الذات والشعور بالفشل". وأضافت: "هنا يبدأ التعافي".

رحلة تستمر مدى الحياة

يؤكد المختصون أن الأكل الصحي رحلة مستمرة ومتغيرة. فالعمر، وأسلوب الحياة، والحالة الصحية، كلها عوامل تؤثر في احتياجاتنا الغذائية.

وأشارت هايز إلى أن "بعض الخيارات غير المثالية بين الحين والآخر لن تفسد نمط حياة صحيًا بأكمله". وأضافت: "المهم هو تلبية احتياجاتك بشكل منتظم، لا السعي وراء كمال غذائي مستحيل".

وفي النهاية، يشدد الخبراء على أهمية التعامل برأفة مع الذات. وقالت أوغست: "المجتمع لا يسهل علينا مسامحة أنفسنا بشأن اختيارات الطعام، لكن كلما تمرّنت على إيجاد التوازن، كنت في وضع أفضل".

 

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC