تشهد ولاية فلوريدا مرحلة حرجة في مواجهة التغير المناخي، إذ تتزايد حدة الأعاصير وقوتها بشكل ملحوظ، ويُحذر العلماء من أن السنوات المقبلة ستجلب أعاصير أكثر تدميرًا من أي وقت مضى.
السبب لا يقتصر على الرياح العاتية وحدها، بل على مجموعة من العوامل البيئية التي تتفاعل لتجعل الولاية أكثر هشاشة أمام الكوارث الطبيعية.
ارتفاع حرارة المحيطات
أول هذه العوامل هو ارتفاع درجات حرارة المحيطات. فالأعاصير تستمد طاقتها من حرارة المياه، وكلما زادت درجة حرارة سطح البحر، ازدادت قوة العاصفة وسرعتها.
في صيف 2023، ارتفعت حرارة المياه حول فلوريدا بمعدل تجاوز 2.5 درجة مئوية فوق المعدل الطبيعي، ما أدى إلى موجة حر بحرية غير مسبوقة تسببت بانهيار واسع للشعاب المرجانية. هذه الحرارة نفسها تغذي الأعاصير وتجعلها أكثر عنفًا عند اقترابها من اليابسة.
فقدان الشعاب المرجانية
العامل الثاني هو فقدان الشعاب المرجانية والموانع الطبيعية التي كانت تشكل درعًا واقيًا للساحل. الشعاب المرجانية الممتدة على طول 350 ميلًا من ساحل فلوريدا تعمل كـ"كاسر أمواج طبيعي"، تمتص ما يقارب 97% من طاقة الموج قبل أن تصل إلى الشاطئ.
ومع موت الشعاب بفعل التغير المناخي، تفقد المدن الساحلية مثل ميامي وكي ويست حماية طبيعية كانت تقلل من قوة الأمواج والعواصف، ما يجعل موجات العواصف (storm surge) أكثر قدرة على التوغل داخل اليابسة.
ارتفاع مستوى سطح البحر
كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر يشكل تهديدًا إضافيًا. ومع ذوبان الجليد القطبي، يرتفع مستوى البحر تدريجيًا، ما يجعل الفيضانات الناتجة عن العواصف أكثر عمقًا وانتشارًا.
تشير تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إلى أن فقدان ارتفاع الشعاب المرجانية بنحو متر واحد فقط قد يزيد مساحة الفيضانات الناتجة عن إعصار قوي، مهددًا أكثر من 24 ألف شخص ومليارات الدولارات من الممتلكات.
التمدن
وأخيرًا، فإن التمدن السريع والبناء على المناطق الساحلية المنخفضة يزيد الخطر. إذ يعيش ملايين السكان في مناطق لا يتجاوز ارتفاعها بضعة أقدام فوق مستوى البحر، ما يجعلهم عرضة لأي عاصفة كبرى.
ومع استمرار ارتفاع حرارة الكوكب، يحذر الخبراء من أن الولاية قد تواجه في العقود المقبلة أعاصير غير مسبوقة في شدتها وتأثيرها.
