مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
تزداد خطورة الأعاصير مع ارتفاع درجات حرارة المحيطات، مما يخلق الظروف المناسبة للتكثف السريع، وهي الظاهرة التي ترتفع فيها سرعة الرياح في الإعصار بمقدار 35 ميلاً في الساعة أو أكثر خلال 24 ساعة.
ويُعد الإعصار ميليسا، الذي ضرب جامايكا هذا الأسبوع من الفئة الخامسة، مثالًا على هذا الاتجاه. فقد تحوّل من عاصفة استوائية إلى إعصار من الفئة الخامسة خلال 48 ساعة فقط، ليصبح أقوى إعصار يُسجّل على الإطلاق في منطقة الأطلسي. وحذر الخبراء من أن هذه الأعاصير تجلب رياحًا قاتلة، وفيضانات سريعة وانزلاقات أرضية مهددة للحياة.
وبحسب موقع "ناشونال جيوغرافيك" أصبحت ظاهرة التكثف السريع أكثر شيوعًا في الأعوام الأخيرة. ففي سبتمبر 2024، قفز الإعصار هيلين من الفئة الأولى إلى الفئة الرابعة في يوم واحد، بينما ارتفع الإعصار ميلتون من عاصفة استوائية إلى الفئة الخامسة خلال 48 ساعة فقط.
وأظهرت دراسة نشرت عام 2023 في مجلة Nature أن الأعاصير التي تتكثف بسرعة بالقرب من السواحل أصبحت أكثر شيوعًا بشكل ملحوظ مقارنةً قبل 40 عامًا. ويعد الإعصار مايكل عام 2018 مثالًا صارخًا، إذ ارتفع من الفئة الثانية إلى الخامسة قبل يوم من وصوله إلى فلوريدا، ما تسبب في أضرار بلغت 25 مليار دولار وأسفر عن عشرات الوفيات.
ويعزو العلماء هذا النمو السريع إلى مجموعة من العوامل. فالمياه الدافئة للمحيط تغذي الأعاصير عبر إطلاق الطاقة أثناء التبخر، في حين تحافظ الرطوبة العالية على هذه الطاقة داخل الإعصار. كما يسمح انخفاض القص الرأسي للرياح بحفاظ العاصفة على هيكلها. ويقول العالم برايان تانغ: "كل شيء يجب أن يتماشى معًا." على الرغم من تحسن ملاحظات نوى الأعاصير ونماذج التنبؤ، إلا أن التكثف السريع غالبًا ما يفاجئ المجتمعات.
وتلعب الظروف المحيطية دورًا رئيسيًا أيضًا. إذ تمنع طبقات المياه العذبة الدافئة فوق المياه المالحة، الناتجة عن تدفقات الأنهار أو الأمطار الغزيرة، تبريد سطح المحيط، ما يسمح للعواصف بالتصاعد السريع. وقد ساعد هذا في تعزيز قوة الإعصار إيرما عام 2017، ويرتبط أيضًا بتكثيف الأعاصير في شمال المحيط الهادئ.
ويحذر الخبراء من أن التغير المناخي سيزيد من شيوع التكثف السريع، مما يزيد المخاطر على السكان الساحليين. فارتفاع درجات حرارة سطح البحر وزيادة هطول الأمطار يخلق حلقة تغذية راجعة تغذي أعاصير أقوى وأسرع نموًا. ويقول عالم المحيطات هنري بوتر: "الواقع هو أن المحيطات ستصبح مثل حوض استحمام عميق في الصيف، مثالية لتعزيز شدة الأعاصير."
ومع تحول سلوك الأعاصير ليصبح أقل قابلية للتنبؤ وأكثر دمارًا، يؤكد العلماء على ضرورة جمع بيانات أفضل، وتحسين نماذج التنبؤ، وزيادة وعي الجمهور لحماية المجتمعات من هذه الأعاصير الأقوى بشكل متزايد.