كشفت دراسات حديثة عن اتجاه مقلق وهو صمت الحيتان، التي لطالما كانت أصواتها تعبر عن صحة المحيطات، والسبب هو التغيّرات المناخية المتسارعة.
وبحسب موقع "ناشونال جيوغرافيك" فإن شبكة من الميكروفونات المائية (هيدروفونات) المثبتة قبالة ساحل كاليفورنيا سجلت بيانات صوتية لسنوات، يستخدمها العلماء، الآن، لدراسة الحياة البحرية.
وخلال دراسة امتدت لست سنوات بدأت في العام 2015، لاحظ الباحثون انخفاضًا حادًا في نداءات الحيتان، مرتبطًا بموجة حر بحرية ضخمة عُرفت باسم "الفقاعة" (The Blob)، اذ ارتفعت درجات حرارة المحيط بأكثر من 4.5 درجات فهرنهايت فوق المعدل الطبيعي، مما أدى إلى اضطرابات واسعة في النظم البيئية من ألاسكا إلى المكسيك، وتحفيز نمو طحالب سامة.
وتسببت هذه الموجة في انخفاض أعداد الكريل؛ وهو الغذاء الأساس لحيتان الزرقاء والحيتان الزعنفية. ومع ندرة الغذاء، توقفت هذه الحيتان عن الغناء، ربما لأنها كانت تكرّس كل طاقتها للبحث عن الطعام.
وفي المقابل، استمرت الحيتان الحدباء، التي تتمتع بنظام غذائي أكثر تنوعًا، في إصدار أصواتها كالمعتاد.
وقال عالم المحيطات البيولوجي جون رايان "الأمر يشبه محاولة الغناء وأنت تتضور جوعًا"، مضيفًا: "كانوا فقط يحاولون البقاء".
وظهرت نتائج مشابهة في نيوزيلندا، حيث لاحظ الباحثون أيضًا انخفاضًا في نداءات الحيتان الزرقاء خلال سنوات الفقاعة. وسجّلوا عددًا أقل من نداءات التغذية والتزاوج، مما يشير إلى انخفاض في النشاط الإنجابي نتيجة نقص الغذاء.
وعلّقت العالمة دون بارلو "الحيتان الزرقاء كحراس بيئيين... ما يفعلونه يعكس صحة النظام البيئي بأكمله".
ونظرًا لطول أعمارها وقدرتها على التنقل عبر المحيطات، تعد الحيتان الزرقاء مؤشرات دقيقة للتغيّرات البيئية. ومع امتصاص المحيطات لأكثر من 90% من حرارة التغيّر المناخي، باتت موجات الحر البحري أكثر شدة وتكرارًا. ووفقًا لدراسة نُشرت في 2024، فقد تضاعفت مدة هذه الموجات 3 مرات منذ الأربعينيات.
ورغم أن جائحة كورونا أدت، مؤقتًا، إلى خفض الضوضاء البشرية في المحيطات، فإن التلوث الصوتي والاحترار مستمران في تهديد الحياة البحرية. ويؤكد العلماء أن الاستماع إلى الحيتان قد يكون إحدى أهم أدوات مراقبة صحة المحيط.
وتقول عالمة الأحياء البحرية كيلي بينوا بيرد: "نحن موجودون في كل مكان داخل المحيط... والحيتان ترسل لنا تحذيرًا واضحًا: هناك خلل ما يحدث".