يرى خبيران روسيان أن دور موسكو في الحرب الإسرائيلية-الإيرانية الأخيرة كان مختلفاً جوهرياً عن الدور الأمريكي، رغم أنه بدا للبعض "خافتاً" مقارنة بواشنطن.
فبينما انحازت الولايات المتحدة بوضوح إلى طرف الصراع، اختارت روسيا لعب دور الوسيط، مستفيدة من علاقاتها مع جميع الأطراف، بما في ذلك تقديم مقترحات عملية مثل استيعاب الفائض النووي الإيراني.
وأثار هذا النهج البراغماتي تساؤلات حول تراجع النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، خاصة بعد تراجع دورها في سوريا، فلم يعد وجودها العسكري يحمل الوزن الاستراتيجي نفسه السابق، فهل يعكس الصوت "الهادئ" لموسكو تراجعًا في تأثيرها، أم أنها تعيد حساباتها في منطقة لم تعد فيها التحالفات التقليدية ضامنة للمكاسب؟.
يقول المحلل والباحث السياسي الروسي، الدكتور رولاند بيجاموف، إن صوت روسيا لم يكن خافتاً وقد أعربت عن موقفها بشكل واضح، لا يقارن بواشنطن لأنه تجلى بعدوان الأخيرة على إيران، والمشاركة المباشرة مع الطرف المعتدي.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن روسيا كانت مهمتها مغايرة للولايات المتحدة؛ فقد قدمت خدماتها كوسيط لارتباطها بعلاقة مع جميع الأطراف، وأهم ما كان في المقترح الروسي جاهزيتها لاستلام فائض المخزون النووي لليورانيوم في روسيا، وهذه يمكن تسميتها بأنها مساعدة حقيقية من قبل روسيا، بالتالي، كل الخطوات الروسية كانت تهدف إلى خفض التصعيد.
وأوضح بيجاموف أن النفوذ الروسي قلّ نسبياً في الشرق الأوسط رغم أنه لم تكن هناك فائدة كبيرة منه سابقاً؛ لأن القوات الروسية نفذت مهماتها في سوريا، وتواجدها الآن فيها له فائدة فقط من وجهة نظر عسكرية وجيواستراتيجية للحفاظ على مصالحها في شرق المتوسط.
وأشار إلى أن روسيا براغماتية جداً وحافظت على علاقتها مع الدولة السورية الجديدة من خلال عقيدتها الدبلوماسية لسياستها الخارجية، وهذا يعني أنها تتعامل مع أي نظام حاكم في البلاد، ورغم تقلص النفوذ الروسي فإن روسيا حافظت على دورها.
وذكر بيجاموف أن الوجود الروسي في سوريا مرحب به من الأطراف الدولية، من بينها تركيا والولايات المتحدة وإسرائيل وربما إيران أيضًا.
ومن جهته، يرى الخبير الروسي المتخصص في الشؤون الشرق أوسطية، أندريه أونتيكوف، أن روسيا انتقدت بشدة تصرفات وعدوان كل من إسرائيل والولايات المتحدة على إيران، وفي الوقت نفسه كانت الدولة الوحيدة التي قامت بالتواصل مع كل الأطراف المعنية وعلى مختلف المستويات.
وأضاف لـ "إرم نيوز" أن دور روسيا لم يكن صغيراً في كل تلك التطورات، ولكن بشكل سريع تشكل نوع من توازن القوى في المنطقة، وإسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها التي كانت مرتبطة بإسقاط النظام الإيراني، وروسيا من جانبها قدمت وساطتها لحل الأزمة.
وأكد أونتيكوف أن روسيا لا تستطيع أن تجبر كل من إسرائيل والولايات المتحدة وإيران على قبول هذه الوساطة، وبهذا النهج حافظت روسيا على دورها المحايد في هذه الأزمة وفي الشرق الأوسط بشكل عام، وإن تضعضع بعض الشيء بعد سقوط نظام بشار الأسد.