logo
العالم

"الرؤوس النووية" من موسكو إلى طهران.. سيناريو مستبعد أم واقعي؟

"الرؤوس النووية" من موسكو إلى طهران.. سيناريو مستبعد أم واقعي؟
صواريخ إيرانيةالمصدر: Shutterstock
25 يونيو 2025، 5:07 م

رغم الإعلان المفاجئ عن اتفاق هشّ لوقف إطلاق النار بين  إيران وإسرائيل بوساطة أمريكية، لم يلبث الهدوء أن تلاشى، بعد تنفيذ إيران ضربات مباشرة على القاعدة الأمريكية في قطر، لتعود التساؤلات بشأن نوايا طهران الحقيقية، ومستقبل الدعم الروسي لها خاصة في المجال النووي.

وبرزت تساؤلات مُلحة في الأوساط الدولية والإعلامية، منها: هل باتت  موسكو مستعدة لتزويد إيران برؤوس نووية أو تسهيلات تقربها من امتلاك هذا النوع من السلاح؟ 

أخبار ذات علاقة

فلاديمير بوتين وعباس عراقجي

طلب وساطة أم أسلحة.. ما سبب زيارة عراقجي إلى موسكو؟

ويرى خبراء أن احتمال نقل  روسيا رؤوسًا نووية إلى إيران بشكل مباشر لا يزال مستبعدًا سياسيًا واستراتيجيًا، إذ إن موسكو، بصفتها دولة موقعة على معاهدة عدم الانتشار النووي، تدرك أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى صدام مفتوح مع أمريكا وأوروبا، بل ومع دول حليفة كالصين، التي ترفض أي توسع في دائرة الدول النووية خارج الإطار الدولي المعترف به.

ومع ذلك، لا يُستبعد أن تقدم روسيا على دعم غير مباشر، عبر توفير تكنولوجيا متقدمة، أو تسهيل التعاون مع أطراف ثالثة، ككوريا الشمالية أو باكستان. هذا السيناريو، وفق خبراء، يمنح إيران فرصة الوصول إلى العتبة النووية، دون تحميل موسكو كلفة سياسية أو قانونية مباشرة.

يأتي هذا الجدل في سياق وقف إطلاق النار المعلن بين إيران وإسرائيل، والذي وصفه محللون بأنه ليس سوى "مراوغة استراتيجية" من الطرفين، فبينما تُظهر طهران انفتاحًا على التهدئة، تنفذ في الوقت نفسه ضربات على قواعد أمريكية في الخليج، ما يعكس ازدواجية في الخطاب، ويعزز فرضية أن طهران تستغل الهدنة المؤقتة لإعادة تموضعها.

عالم مسلح بالرعب.. هل تتسلل الرؤوس النووية إلى "السوق السوداء"؟

وقال مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، ديميتري بريجع، إن احتمال قيام روسيا بتزويد إيران برؤوس نووية "أمر مستبعد في هذا التوقيت".

وأشار بريجع في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" إلى أن موسكو، رغم تحالفها الوثيق مع طهران في عدد من الملفات الإقليمية، تدرك أن تزويد إيران بأسلحة نووية يُعد تجاوزًا خطيرًا للخطوط الحمراء الدولية، وسيقودها إلى صدام مباشر مع قوى كبرى مثل أمريكا وأوروبا، بل وحتى الصين التي تعارض انتشار السلاح النووي خارج الدول الخمس المعترف بها دوليًا.

أخبار ذات علاقة

بوتين ومسعود بزشكيان

"دعم كلامي".. لماذا تجاهلت روسيا إسناد إيران خلال الحرب؟

وأكد الخبير الروسي أن هناك فرقًا جوهريًا بين الدعم السياسي أو التقني في المجال النووي السلمي، وبين تسليح الحلفاء برؤوس نووية، مشددًا على أن روسيا، بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن وموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، لا يمكن أن تُقدم على خطوة تنتهك التزاماتها الدولية وتهدد أمنها القومي.

وأوضح بريجع أن موسكو تسعى للحفاظ على دورها كـ"ضامن توازن" في الشرق الأوسط، وليس كقوة تؤجج الأزمات، معتبرًا أن أي محاولة لتسليح إيران نوويًا قد تؤدي إلى سباق تسلح إقليمي، وتُقوض ما تبقى من مصداقية روسيا كقوة دولية مسؤولة.

من جانبه، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، كارزان حميد، إن المشهد السياسي والاصطفاف الدولي لم يعودا كما كانا قبل عقود، مؤكدًا أنه لم تعد هناك دولة قادرة على محاصرة دولة أخرى، حتى وإن كانت قوية وعظمى مثل أمريكا.

وأكد المحلل السياسي في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن التجارة الدولية والعلاقات الثنائية بين الدول دخلت مرحلة جديدة فقد فيها منطق الهيمنة الغربية أولويته، لافتًا إلى أن التحولات الجيوسياسية تفرض واقعًا أكثر تعقيدًا وتوازنًا.

وأضاف الخبير في الشؤون الأوروبية أن العلاقات بين إيران وروسيا، رغم تميزها في مجالات متعددة، لا تشمل اتفاقًا للدفاع المشترك، بل تقتصر على دعم القطاع العسكري. 

وبين أن إيران زودت موسكو بعشرات الطائرات المسيرة خلال الحرب في أوكرانيا، كما نقلت لاحقًا أحد مصانع إنتاج تلك الطائرات إلى الأراضي الروسية لتعزيز الإنتاج، وأن موسكو في المقابل زودت طهران بمعلومات استخباراتية وذخائر عسكرية، وقد لا تصل الأمور إلى حد تزويدها برؤوس نووية، لكنها ربما تسهم في تسريع حصول النظام الإيراني على التكنولوجيا اللازمة لذلك.

وأشار حميد إلى أن روسيا تتبع نظرية خاصة في دعم الحلفاء، تقوم على الصمود وإظهار القوة والتدخل عند الضرورة، لكنها غالبًا ما تُفاجَأ بانهيار حلفائها في المعارك، وأن الدعم الروسي الكامل لا يحقق دائمًا نتائج استراتيجية حاسمة.

وأكد أنه قبيل الهجوم الإسرائيلي والرد الإيراني، كان الاعتقاد السائد أن طهران غير قادرة على مواجهة أمريكا بمفردها، لكن الأيام الماضية أثبتت عكس ذلك، حيث شنت إيران ضربات مباشرة على قواعد أمريكية، في رسالة واضحة مفادها أن إطالة أمد الحرب قد تصب في مصلحتها.

وأضاف أن الرد الإيراني السريع جعل إدارة ترامب تدرك أنهم مقبلون على حرب استنزاف طويلة، وأن الهجمات الصاروخية الإيرانية لا يمكن ردعها لوقت طويل، خاصة إذا أقدمت طهران على إغلاق مضيق هرمز.

وبين حميد أن نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، ديمتري ميدفيديف، صرح مؤخرًا بأن هناك دولًا مستعدة لنقل بعض رؤوسها النووية إلى إيران، مشيرًا إلى أن الرسالة كانت واضحة، وإن لم تكن موسكو هي الفاعل المباشر، فإنها موافقة ضمنيًا، ومن بين الدول المرشحة لذلك كوريا الشمالية، باكستان، وربما روسيا نفسها من خلال دعم تقني متقدم لتسريع تصنيع القنبلة.

وأشار إلى أن أمريكا وإسرائيل لا تزالان تعتقدان أن إيران لا تمتلك صواريخ نووية، متناسين أن طهران لم تكشف سوى عن جزء يسير من قدراتها، وأن ما يُكشف في الإعلام أو تسربه الاستخبارات ليس سوى القليل.

وأوضح أن النظام الإيراني يملك حاليًا كامل القدرات النووية، وجميع المواد اللازمة، ولم يتبق سوى تجميعها، وأن الهجوم الإسرائيلي الأخير قد يكون الذريعة التي كانت طهران تنتظرها للإعلان مستقبلًا عن امتلاكها لعشرات الرؤوس النووية، إلى جانب تطوير قدراتها الجوية بدعم روسي وصيني، ما سيمنحها قدرة أكبر على حماية أجوائها والرد على أي اعتداء.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC