في بداية العام، التقى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، نظيره الإيراني، مسعود بزشكيان، في الكرملين لتوقيع شراكة استراتيجية جديدة لتوطيد التحالف الناشئ بين البلدين اللذين قضيا العقد الماضي في محاولة تقويض النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.
والآن، وبعد انتهاء حرب استمرت 12 يوماً من الضربات الجوية الإسرائيلية والأمريكية العقابية، لم تُجدِ هذه الشراكة نفعاً يُذكر لطهران، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".
وعندما التقى بوتين بكبير الدبلوماسيين الإيرانيين، عباس عراقجي، يوم الاثنين، قدّم زعيم الكرملين تقييماً جامدًا للضربات الأمريكية، ووصفها بأنها غير مبررة، وقال إن روسيا تريد مساعدة الشعب الإيراني.
لكن زعيم الكرملين لم يتطرق إلى الدعم العسكري في تصريحاته العلنية قبل المحادثات. وبدلاً من ذلك، اقترح مناقشة مخرج من الصراع. وقال بوتين: "هذا يمنحنا فرصة.. للتفكير معاً في كيفية الخروج من هذا الوضع".
استهدفت الضربات الإسرائيلية البرنامج النووي الإيراني وصواريخه وكبار الشخصيات العسكرية، وانضمت الولايات المتحدة إلى الضربات خلال عطلة نهاية الأسبوع باستخدام أقوى قنابلها الخارقة للتحصينات. في غضون ذلك، لم تحظَ إيران إلا بدعم كلامي من أقوى داعميها، بما في ذلك روسيا والصين.
شكّلت الشراكة بين موسكو وطهران شوكة في خاصرة المصالح الغربية في أوروبا والشرق الأوسط، فتعاون الطرفان لما يقرب من عقد من الزمان في سوريا لإبقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة. وبعد أن أخفقت موسكو في المراحل الأولى من حربها مع أوكرانيا، عززت إيران المجهود الحربي الروسي بالذخيرة وقذائف المدفعية وآلاف الطائرات المسيرة.
لكن موسكو "لم ترد الجميل"، وفق تقدير "وول ستريت جورنال"، فمع مواجهة إيران لأخطر تحدٍ وجودي لها منذ عقود، وحتى دعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتغيير النظام، لم تصل المساعدات العسكرية الروسية، وفقاً لمحللين.
ورغم أن الشراكة الاستراتيجية التي تم التوصل إليها بين البلدين لم تتضمن اتفاقية دفاع مشترك، إلا أنها عززت تبادل المعلومات الاستخباراتية ومنعت الدولتين من مساعدة أعداء بعضهما البعض في الصراعات.
وقال نيكولاي كوزانوف، الخبير في العلاقات الروسية الإيرانية: "كان يمكن لطهران أن تطلب من روسيا دعمها رداً على الولايات المتحدة، لكن موسكو لن تقبل ذلك أبداً".
في الأسبوع الماضي، عندما سأله الصحفيون عن سبب عدم تزويد روسيا إيران بالأسلحة لمواجهة الهجمات الإسرائيلية، قال بوتين إن اهتمام إيران بالمعدات الروسية قد تراجع، وإن إيران لم تتقدم بأي طلبات جديدة محددة. وأضاف: "ليس هناك ما يمكن الحديث عنه حقاً".
إيران هي أحدث شريك روسي يواجه تجاهلاً من موسكو في وقت الحاجة. أما أرمينيا، التي تربطها معاهدة دفاع مشترك مع روسيا، فلم تتلقَّ أي مساعدة من موسكو، حيث قُضي على قواتها في إقليم ناغورنو كاراباخ المنفصل عن أذربيجان على يد قوات باكو في عامي 2020 و2023. وقد سرّعت هذه الكارثة تحول أرمينيا الجذري بعيداً عن التحالف مع موسكو نحو الشراكة مع الولايات المتحدة.
وبالمثل، عندما أُطيح بالأسد في سوريا العام الماضي، اكتفى بوتين بعرض اللجوء على الرجل القوي السابق وعائلته.
وقال فابريس بوثييه، كبير المستشارين السابقين لقيادة حلف شمال الأطلسي: "روسيا ليست صديقة جيدة للديكتاتوريين كما تتظاهر: غالبًا ما يُدير بوتين ظهره لأصدقائه المستبدين عندما يحتاجون إليه".