اقترح جان ماري بوكيل المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أفريقيا، إجراء إصلاح إستراتيجي للحضور العسكري الفرنسي في القارة، داعيًا لخفض عدد قواتها مع تعزيز التعاون مع البلدان المعنية.
وتسعى فرنسا لإعادة تشكيل وجودها العسكري في أفريقيا؛ ما يمثل نقطة تحوّل في علاقاتها الدفاعية مع القارة، وهو ما عكسه تقرير المبعوث بوكيل حول الإستراتيجية، التي يجب اعتمادها.
ويهدف التقرير إلى الاستجابة "للاحتياجات التي عبرت عنها الدول الأفريقية، مع احترام سيادتها"، بحسب قصر الرئاسة الفرنسية.
ويأتي المقترح، بعد سلسلة من الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو ثم النيجر، التي تسلمت السلطة فيها مجالس عسكرية، طردت الجيش الفرنسي؛ ما يمثل نهاية حقبة بعد عقد من مناهضة المتطرفين والتدخل لمحاولة وقف دوامة العنف في هذه البلدان الهشة.
واجتذبت القواعد العسكرية الفرنسية، التي اعتبرت منذ فترة طويلة رموزًا للتدخل الأجنبي، انتقادات متزايدة، وأصبحت موضع تساؤل بشكل واسع من قبل المجتمعات المدنية الأفريقية، التي تطالب باستعادة السيادة وبظهور شراكات دولية جديدة.
وتركزت مهمة مبعوث ماكرون، وزير الدولة السابق للتعاون في عهد نيكولا ساركوزي (2007-2012) على الدول الأربع، التي تستضيف القواعد العسكرية الفرنسية، وهي ساحل العاج وتشاد والجابون والسنغال (باستثناء جيبوتي).
وبسبب الانتخابات السنغالية الأخيرة، لم يكن من الممكن إجراء المناقشات في داكار.
ويسلط التقرير الضوء على انخفاض ملحوظ في القوات المتمركزة حاليًا، والتي ينبغي تخفيضها إلى بضع مئات من الجنود لكل دولة.
واقترح التقرير "تخفيض عدد القوات في الجابون والسنغال من 350 إلى حوالي 100 جندي، وتخفيض القوات الموجودة في ساحل العاج وتشاد إذ يتمركز ما يقرب من 1000 جندي فرنسي".
وقال بوكيل عقب مباحثات مع رئيس ساحل العاج الحسن واتارا: "يبدو لي أن مصطلح إعادة التصميم هو المصطلح الصحيح عن طريق تقديم المقترحات والاستماع ثم الحوار الذي يؤدي إلى اتفاق رابح لكلا الطرفين".
وأكد لقناة "فرانس 24"، أنه "ليس هناك طلب لرحيل القوات الفرنسية من رؤساء دول الجابون والتشاد وكوت ديفوار".
ويعتمد النهج المتوخى على تحويل القواعد التقليدية إلى "مراكز تعاون" تهدف إلى تلبية الاحتياجات المحددة للبلدان المُضيفة.
وستحل مفرزة اتصال دائمة محل الأجهزة الأكبر حجمًا، في حين سيتم إعادة تركيز التعاون العسكري على التدريب والاستخبارات والشراكات الإستراتيجية.
وتأتي عملية إعادة التنظيم هذه في سياق يتعرض فيه الوجود العسكري الفرنسي في أفريقيا لانتقادات متزايدة.
وكما هو الحال في السنغال، التي يُنظر إليها تاريخيًا على أنها ركيزة للاستقرار في غرب أفريقيا، حيث تحدث الرئيس السنغالي باسيرو ديومايي فاي عن رفض بلاده وجود القواعد العسكرية الفرنسية، معتبرًا أن ذلك "يتعارض مع السيادة الوطنية".
فيما أعلن رئيس الوزراء عثمان سونكو أن سيادة بلاده "تتعارض مع الوجود الدائم للقواعد العسكرية الأجنبية في السنغال".
وعلى الرغم من تقاليدها المتمثلة في التعاون العسكري مع فرنسا، فقد تميل داكار إلى إعادة تقييم هذه الاتفاقيات في سياق المشاعر الشعبية المتزايدة وتنويع الشراكات الدولية.
وتثير تلك التصريحات مسألة احتمال حدوث قطيعة تتجاوز مجرد إعادة الانتشار.
بدورها اعتبرت مجلة "لوبوان" الفرنسية، أن هذا التحول يسلّط الضوء على تحديات الدبلوماسية الفرنسية في أفريقيا، والتي تميزت بصعود قوة الصين وروسيا وتركيا.
وتأمل باريس أن تؤدي هذه المراجعة لوجودها العسكري إلى تعزيز الثقة المتبادلة وإعادة وضع فرنسا كحليف محترم وحديث في منطقة إستراتيجية.