قال الدبلوماسي الهندي السابق، أميت كومار، إنه على الرغم من جود تقارب ملموس ومفاوضات مكثفة بين نيودلهي وبكين لتعزيز التعاون الاقتصادي والدبلوماسي، فإن الدعم الصيني المستمر لباكستان يُضعف أي تقدم محتمل في العلاقات الثنائية، خصوصًا بعد أن عقدت الدولتان أكثر من 24 جولة حوار.
وأشار كومار، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، إلى أن هذا التقارب يترك التوترات قائمة ويجعل الملف الأمني شديد الحساسية، كما يجعل إعادة فتح الحدود البرية والجوية وتسهيل التبادل التجاري والتكنولوجي أكثر تعقيدًا.
وأكد الدبلوماسي الهندي السابق، أن بلاده تستفيد من التعاون مع الصين في ظل عجز تجاري متزايد لصالح بكين، حيث تستورد الهند معدات ومنتجات استراتيجية، بينما تعد السوق الهندية من بين أكبر الأسواق الاستهلاكية في العالم.
وأوضح كومار أن الهند تسعى للوصول إلى التقنيات الصينية لدعم فرصها في الصناعة والطاقة، وفي الوقت نفسه تراقب النمو السريع للصين عسكريًا واقتصاديًا وتعده مصدر تهديد مستمر.
وأشار كومار إلى أن المفاوضات الحدودية لا تزال مستمرة، حيث عقدت الدولتان أكثر من 24 جولة حوار دون الوصول إلى ترسيم نهائي للحدود، ما يترك التوترات قائمة، ويجعل الملف الأمني شديد الحساسية.
وأضاف: "كلما اقتربت الهند من التقارب مع الغرب، تصعّد الصين من محاولاتها لتقويض النفوذ الهندي في دول الجوار، من خلال دعمها المباشر لأفغانستان، وباكستان، ودول جنوب آسيا، وتعزيز الوجود العسكري في المحيط الهندي".
وفي تصريحاته، كشف كومار أن "الصين نجحت منذ 2010 في اختراق الأراضي الهندية مرتين، وأن الهند قلقة من توسع حضور بكين في غرب آسيا ومنظمة التعاون الإسلامي، ودول الخليج، وإيران"، وغيرها.
كما أشار إلى المبادرات الصينية في دول الجوار الهندي مثل نيبال، وبنغلاديش، وسريلانكا، وجزر المالديف، وبوتان وميانمار، معتبرًا ذلك جزءًا من استراتيجية تطويق الهند.
وأكد الدبلوماسي الهندي السابق أن الصين تعد عضوية الهند في تحالف الرباعية الذي تقوده واشنطن بمنزلة تهديد للأمن الإقليمي، رغم أن الهند ليست دولة مطلة على المحيط الهادئ.
من جانبه، أوضح أحمد حسني، الباحث في الشؤون الآسيوية، أن دعم الصين المستمر لباكستان يحوّل أي تقارب اقتصادي مع الهند إلى مسار مشروط ومحدود، مشيرًا إلى أن نيودلهي ترى في مشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، والدعم السياسي والعسكري لإسلام آباد، أدوات ضغط استراتيجية أكثر من كونها مجرد شراكات تنموية.
وأكد حسني في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن هذا الواقع يدفع الهند لتعزيز تحالفاتها مع الغرب ومجموعة الرباعية "كواد"، وتنويع مصادر التكنولوجيا والتجارة، ما يجعل العلاقات الاقتصادية مع بكين هشّة ومرتبطة بملفات أمنية وجيوسياسية أوسع.
كما أشار حسني إلى أن البحرية الصينية تتوسع بسرعة في المحيط الهندي، ما يثير مخاوف متزايدة لدى المؤسسة العسكرية الهندية، ويؤدي إلى زيادة وتيرة التعاون الأمني بين الهند والولايات المتحدة وأستراليا واليابان.
وأضاف الباحث في الشؤون الآسيوية أن التوسع العسكري الصيني في المحيط الهندي، عبر موانئ وقواعد لوجستية مثل جوادر وجيبوتي وهامبانتوتا، يمنح بكين قدرة متنامية على مراقبة وتأمين طرق الطاقة والملاحة، ما يقلّص التفوق البحري للهند ويحوّل المحيط إلى ساحة تنافس مفتوحة، وأوضح أن هذا الوضع يفرض على نيودلهي تعزيز قوتها البحرية، وتوسيع شراكاتها الدفاعية، وتطوير قدرات الردع والاستخبارات لضمان حماية مصالحها الاستراتيجية.
وأضاف: "الضغوط الأمريكية على الهند ارتفعت مع فرض رسوم جمركية بلغت 50%، ومنع شراء النفط والأسلحة الروسية، وتقييد عمليات التجارة مع روسيا والصين".
وفي الوقت ذاته، يعد ترامب أن تدخلاته كانت السبب في إيقاف الحرب الأخيرة بين الهند وباكستان، وينتظر ترشيحه لجائزة نوبل للسلام على غرار ترشيحات باكستان".
وتابع الدبلوماسي الهندي موضحًا أن تأثير الصين يمتد الآن ليشمل العاصمة الأفغانية كابول، من خلال تحسين العلاقات مع طالبان رغم انتقاداتها السابقة لها، ما يزيد تعقيد المشهد السياسي في المنطقة.
واعتبر التحالف الثلاثي الجديد بين الصين، وباكستان وأفغانستان أكبر مصدر قلق للهند، وقد يغير معادلات النفوذ في جنوب آسيا بشكل جذري.
وفي العودة إلى التاريخ، أكد الدبلوماسي أن الصين استولت على التبت من الهند في خمسينيات القرن الماضي بمساهمة سياسات رئيس الوزراء نهرو، ثم هاجمت الهند عام 1962 واستولت على مناطق واسعة من الأراضي الهندية، وما زالت تدعي ملكية ولاية أروناشال براديش الهندية كاملة.
وأضاف أن الهند شهدت اختراقات صينية للأراضي منذ 2010، وأن كل ذلك يوضح حجم التعقيد والصراع التاريخي المتراكم بين البلدين.