logo
العالم

"سيندور" تفضح الخلل.. باكستان تندفع نحو "ثالوث نووي" أكثر خطورة

جنود من الهند وباكستانالمصدر: رويترز

كشفت عملية سيندور عن هشاشة الوضع النووي الباكستاني، مؤكدة أن راولبندي باتت تواجه تحديات استراتيجية متزايدة، في حين تتجه الهند لتعزيز ردعها التقليدي على الحدود.

ولطالما كانت العلاقات الهندية-الباكستانية متوترة، مع اعتماد إسلام آباد على استراتيجية حرب شبه تقليدية ضد نيودلهي، بينما أظهرت عملية سيندور أن التوازن النووي لم يعد كافيًا لضمان الردع الشامل.

في هذا السياق، جاءت تصريحات المشير عاصم منير حول إمكانية اللجوء للحرب النووية كإشارة إلى هشاشة الموقف، لكنها تهدف أيضًا إلى طمأنة قاعدته الداخلية وإظهار العزم تجاه نيودلهي، بالإضافة إلى دفع المجتمع الدولي، خصوصًا الولايات المتحدة، للعب دور الوساطة.

ويعكس ذلك سبب إعادة باكستان تقييم سياستها النووية تجاه الهند، وسط سباق تقني وعسكري متزايد.

الأسلحة النووية التكتيكية

تشكل الأسلحة النووية الباكستانية معادَلًا محدودًا لقدرات الهند المتنامية، لكنها أكثر أداة سياسية منها كونها قوة ميدانية موثوقة؛ فالترسانة النووية التكتيكية الجديدة، التي أُدخلت لتعويض الفجوة، صُممت لتكون أداة للإشارة والتوجيه، لا للقتال المباشر.

أخبار ذات علاقة

حاملة طائرات هندية

المحيط الهندي يشتعل.. نيودلهي تدخل عصر حاملات الطائرات النووية

ويهدف تهديد التصعيد النووي إلى استدراج أطراف ثالثة، ولا سيما الولايات المتحدة، للتدخل في حال فشل استراتيجية الضغط على نيودلهي.

وقد برهنت عملية سيندور على أن العقيدة النووية الباكستانية تعتمد على الإرادة السياسية وقدرة التحمل، لكنها ليست ضمانة مطلقة ضد الرد الهندي التقليدي.

ثلاثي نووي متكامل

أظهرت تقييمات وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية لعام 2025 أن باكستان تنظر إلى الهند كتهديد وجودي، مما دفعها لتحديث قواتها العسكرية، بما في ذلك تطوير أسلحة نووية ميدانية متقدمة.

وتضمنت الخطوات البارزة اختبار صواريخ شاهين 3 وأبابيل الباليستية، مع تطوير قدرات إطلاق متعددة الرؤوس لتعزيز الردع.

كما تعمل إسلام آباد على توسيع القدرات البحرية النووية، عبر اختبار صواريخ كروز بابور-3 على الغواصات، لضمان قدرة هجومية ثانية موثوقة.

وفي المجال التقليدي، تم تشكيل قوة صاروخية منفصلة تستهدف الجيش الهندي والبنية التحتية الحيوية، مدعومة بأنظمة رادار متقدمة ونظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية Beidou، بالإضافة إلى مركز الذكاء الاصطناعي CENTAIC بالتعاون مع الصين، لخلق "سلسلة قتل ذكية" تقلل زمن الاستجابة النووية.

كما تم تصميم قدرات الإطلاق الجوية والبحرية لتعزيز خيارات الاستهداف وزيادة مرونة الردع.

أخبار ذات علاقة

 ميناء جوادر الباكستاني

يختصر الزمن والكلفة.. باكستان تعرض على الصين "ممر جوادر – أفريقيا"

وتنتج باكستان نحو 5 إلى 10 رؤوس حربية سنويًا، مع قدرة إنتاج تتراوح بين 14 و27 رأسًا حربيًا، وفق تقرير علماء الذرة لعام 2023؛ ما يعكس توازنًا دقيقًا بين القوة والإمكانيات اللوجستية.

الاستخدام النووي مقابل الاستقرار

رغم هذه القدرات، تواجه باكستان تحديات حقيقية؛ فالاعتماد المفرط على الردع النووي له حدود واضحة، خصوصًا مع غموض خطوطها الحمراء للاستخدام النووي؛ ما يجعل مصداقية الرد على الهجمات شبه التقليدية محل شك.

كما استغلت الهند هذا الغموض لمصلحتها، مع التركيز على الرد العسكري التقليدي بدلًا من التصعيد النووي؛ ما زاد من عبء الحفاظ على الاستقرار على باكستان.

ويؤكد خطاب رئيس الوزراء الهندي في مايو 2025 على سياسة عدم التمييز بين الجهات الإرهابية والداعمة لها أن نيودلهي قد تصبح أقل تقييدًا في ردودها المستقبلية، وهو ما يشكل ضغطًا إضافيًا على الاستراتيجية النووية الباكستانية.

وعلى مدار ثلاثة عقود، كانت الاستراتيجية النووية أداة باكستان للردع، لكن ديناميكيات القوى تغيرت بعد عمليات مثل أوري وبالاكوت وسيندور، حيث أظهرت الهند إرادتها في الرد العسكري التقليدي على الأعمال الإرهابية المدعومة من باكستان.

أخبار ذات علاقة

وزراء خارجية الصين وأفغانستان وباكستان

لقاء ثلاثي في كابول.. مطالب باكستانية صينية لطالبان بـ"كبح الإرهاب"

وردًا على ذلك، عززت باكستان قدراتها العسكرية، بما في ذلك القوة الصاروخية التقليدية المستحدثة، لتوازن تفوق الهند التقليدي.

ومن جهة أخرى، تحتاج نيودلهي إلى تطوير مجموعة متنوعة من القدرات الصاروخية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والكروز والفائقة السرعة، بالإضافة إلى تحديث ترسانتها النووية الكمية.

يؤكد الخبراء أن التحدي الأساسي يكمن في إبقاء مسار إسلام آباد نحو العتبة النووية تحت السيطرة، مع تعزيز الردع التقليدي الهندي، لضمان ألا تتحول النزاعات شبه التقليدية إلى تصعيد نووي شامل، مع الحفاظ على التوازن الاستراتيجي في جنوب آسيا.

كما لم تضع عملية سيندور فقط الموقف النووي الباكستاني تحت المجهر، بل أعادت تشكيل المشهد الاستراتيجي الإقليمي.
فبين تعزيز باكستان لقدراتها النووية التكتيكية والبحرية، وردع الهند التقليدي، يظل جنوب آسيا على أعتاب مرحلة حرجة، حيث تتقاطع الابتكارات العسكرية مع الضغوط السياسية والدبلوماسية، في سباق دقيق بين التهديدات النووية والتوازنات التقليدية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC