"بوليتيكو" عن مسؤولين دفاعيين: مسؤولو البنتاغون غاضبون من تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب
يجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه، بعد عام كامل على القرار المفاجئ بحلّ الجمعية الوطنية (البرلمان)، محاطًا بالعزلة ومواجهة انتقادات غير مسبوقة حتى من داخل معسكره السياسي.
القرار الذي كان يهدف، بحسب ماكرون، إلى كسر الجمود السياسي وإعادة الحيوية لحياة المؤسسات، انتهى إلى نتيجة عكسية تمامًا، وأدخل البلاد في دوامة من الاضطرابات السياسية والانقسامات المتفاقمة.
ووفق صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن ماكرون اعترف للمرة الأولى خلال خطابه المتلفز بمناسبة رأس السنة الجديدة، في 31 ديسمبر 2024، أن "قرار حل البرلمان جلب حتى الآن مزيدًا من الانقسام داخل الجمعية الوطنية، بدلًا من تقديم حلول للفرنسيين".
وأضاف الرئيس: "الواقعية والتواضع يفرضان علينا أن نعترف بأن هذا القرار قد أدى حتى الآن إلى قدر أكبر من عدم الاستقرار، وأنا أتحمل كامل المسؤولية عنه".
قرار الحلّ، الذي جاء عقب اكتساح غير مسبوق لحزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف في الانتخابات الأوروبية، فُسّر حينها على أنه محاولة استباقية من ماكرون لإعادة تشكيل خريطة البرلمان.
غير أن النتائج جاءت خلافًا للتوقعات، إذ لم ينجح تحالف الرئيس في استعادة الأغلبية، وانهار أول رئيس وزراء عُيّن عقب الانتخابات، ميشيل بارنييه، وسط أزمة ميزانية خانقة.
داخل الإليزيه، لا يزال ماكرون يرى في قراره خطوة "تاريخية" ستُفهم قيمتها لاحقًا، إذ يعتبر أن صورة اليمين المتطرف قد "تآكلت" بعد الحملة الانتخابية، وأن البرلمان الجديد يعكس بدرجة أكبر التعددية السياسية في البلاد، إلى جانب تغيّر مواقف بعض الأحزاب التقليدية مثل الجمهوريين والاشتراكيين الذين دخلوا في حوارات حكومية جديدة.
لكن هذه التقديرات لا تحجب الواقع المتأزم؛ فقد وصف النائب لودوفيك منديس (من حزب النهضة) القرار بأنه "أسوأ خطأ سياسي في عهد الجمهورية الخامسة".
فالمأزق المالي تفاقم، والجمود التشريعي ترسّخ، أما اليمين المتطرف فحصد في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية 11 مليون صوت، في تأكيد جديد لتقدّمه.
في خريف العام 2024، أعلنت الحكومة عن عجز في الميزانية قدره 50 مليار يورو، وسط تحذيرات من "انفلات مالي" بحسب تقرير صادر عن "محكمة الحسابات". وقد أُعلن لاحقًا أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد في إيطاليا تجاوز نظيره في فرنسا؛ ما شكّل صدمة رمزية وسياسية عميقة.
وبحسب "لوموند"، تسببت حالة الفراغ الحكومي بعد الانتخابات في شلل استمر ثلاثة أشهر، حيث تأخّر ماكرون في تسمية رئيس جديد للحكومة، مستفيدًا من انشغال البلاد بتنظيم دورة الألعاب الأولمبية في باريس.
وفي نهاية المطاف، عيّن الرئيسُ السياسيَّ المخضرمَ فرانسوا بايرو في منصب رئيس الوزراء، في محاولة أخيرة لإعادة التوازن. لكن التصدعات العميقة استمرت، حتى داخل فريقه الرئاسي، وبدأت الأصوات تتحدث عن "نهاية حكم ماكرون قبل أوانه".
وبحسب تصريحات أدلى بها النائب السابق جيل لو جندر، فإن "قرار الحلّ لم يُجدّد شرعية الرئيس، بل عجّل بدخولنا مرحلة الضعف والعجز".
وقالت الصحيفة إنه في الشارع، بدأ أثر "الصدمة السياسية" يتلاشى تدريجيًا، لكن الانطباع العام، كما وصفه أحد المحللين، هو أن "فرنسا تسبح بلا اتجاه... لا تغرق، لكنها تنجرف".
وخلصت إلى القول إنه، مع بقاء أكثر من عامين على نهاية الولاية الرئاسية، تبدو فرنسا في حالة ترقّبٍ للأزمة التالية.