قال خبراء سياسيون فرنسيون، إن نفي قصر الإليزيه لاحتمال حلّ الجمعية الوطنية (البرلمان) لا يُنهي الجدل القائم، بل يعكس ارتباكاً داخل السلطة التنفيذية.
يأتي ذلك، في ظل توازنات سياسية هشة، ورغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المستمرة في استعادة زمام المبادرة.
وقال برونو كورتريه، مدير الأبحاث في معهد العلوم السياسية، إن "نفي الإليزيه لا يعني بالضرورة غياب الفكرة من ذهن الرئيس الذي يتصرف، منذ سنوات، بعقلية رجل وحيد في نظام نصف رئاسي، يستخدم أدوات الصدمة والمباغتة".
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن "ماكرون إذا شعر أن الأزمة السياسية أو التشريعية تمنعه من التقدم في إصلاحاته، فإن حل البرلمان سيظل دائماً خياراً مطروحاً على الطاولة".
وتابع كورتريه، أن "الرئيس تراجع في بداية العام، واعترف بأن قرار الحل السابق زاد من حدة عدم الاستقرار، لكنه أيضاً براغماتي، ويميل إلى إعادة تدوير أدواته عندما يعتقد أن اللحظة مواتية سياسياً، ما يجعل سيناريو حل البرلمان ليس عبثياً بالكامل، بل محتملاً، حتى وإن تم نفيه حالياً".
ومن جهتها، قالت الباحثة السياسية سيلين بروتو، إن "هناك ما يشبه لعبة مزدوجة في الخطاب الرسمي. من جهة، هناك حرص على طمأنة الفرنسيين والأسواق عبر نفي أي نية للحل، ومن جهة أخرى، تبقى الفرضية حيّة في الكواليس كأداة ضغط على المعارضة والائتلافات البرلمانية الهشة".
وتابعت لـ"إرم نيوز"، أن "التسريبات المتكررة من مصادر قريبة من الإليزيه لا تحدث من فراغ. أعتقد أن قصر الرئاسة يختبر بالفعل الرأي العام السياسي، وربما يُعد الأرضية النفسية لحل قد يُستخدم، لاحقاً، إذا لم يتحقق استقرار حكومي كافٍ بحلول الخريف".
وقالت مصادر قريبة من الرئاسة الفرنسية، إن "الحديث عن نية الرئيس إيمانويل ماكرون حلّ الجمعية الوطنية في الخريف المقبل أو في ربيع 2026 لا أساس له من الصحة"، نافيةً ما نشرته وكالة "بلومبرغ"، وعدد من وسائل الإعلام الأجنبية، بشأن "عودة سيناريو الحلّ المبكر".
ونفى قصر الإليزيه، بشكل قاطع، يوم الثلاثاء، ما اعتبره "سيناريو خيالياً"، بعد أن نشرت وكالة "بلومبرغ" تقريراً يشير إلى أن ماكرون يدرس خيارين لإعادة السيطرة على ما تبقى من ولايته الثانية: إما حل الجمعية الوطنية هذا الخريف، أو دمج الانتخابات التشريعية مع الانتخابات البلدية في ربيع 2026.
وكان ماكرون لمّح، منذ خريف 2024، إلى أنه لا ينوي اللجوء إلى حل جديد للجمعية الوطنية قبل عام 2027.
رغم ذلك، تشير وكالة "بلومبرغ"، وبعض وسائل الإعلام الأخرى، مثل بوليتيكو، إلى أن فكرة الحل عادت لتُناقش في كواليس قصر الإليزيه.
من جهتها، أعربت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريماس، خلال استضافتها على قناة "تي.إف1"، يوم الأربعاء، عن الحاجة إلى "الاستقرار السياسي والاقتصادي".
وأضافت: "هذه الأسلحة لا نملكها نحن في الحكومة. نواصل العمل ونحن نشعر بوجود سيف ديموقليس فوق رؤوسنا باستمرار".