حذّر المؤرخ الفرنسي المتخصص في تاريخ القانون، الدكتور جان-فرانسوا نيورت، من أن الخطوة التي أعلنها رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، بشأن إلغاء "القانون الأسود"، قد تتحول إلى إجراء رمزي يُخفي خلفه القضايا الجوهرية المرتبطة بالعدالة التاريخية وتعويضات ضحايا العبودية.
وفي تصريحات نشرتها صحيفة "لوموند" الفرنسية، أشار نيورت، أستاذ القانون في جامعة غوادلوب، إلى أن إعلان بايرو، في 13مايو/أيار، أمام الجمعية الوطنية، عن مشروع قانون لإلغاء القانون الأسود رسميًا، قد يبدو خطوة إيجابية من الناحية الرمزية، لكنه لا يعالج صلب المشكلة المرتبطة بالإرث الاستعماري لفرنسا ومسؤوليتها التاريخية.
وأوضح نيورت أن القانون الأسود، الذي صدر عام 1685 بأمر من الملك لويس الرابع عشر وتحت إشراف وزيره كولبير، لم يكن نصًا قانونيًا لإنشاء نظام العبودية، بل لتقنينه وتنظيمه في المستعمرات الفرنسية، خصوصًا في الكاريبي.
وأضاف أن هذا النص الملكي، رغم احتوائه على مواد تُظهر محاولة للمواءمة مع المبادئ الدينية، مثل منع التعذيب وفرض التعميد، إلا أنه في جوهره كان إعلانًا سياسيًا يُكرّس سيادة التاج الفرنسي على تلك الأراضي، ويُحوّل العبيد إلى "ممتلكات منقولة" ضمن منظومة قانونية تمييزية.
وأكد المؤرخ أن القانون فقد فعاليته القانونية منذ إلغاء العبودية في عام 1848، وأن إلغاءه الرسمي اليوم لا يُغيّر من الواقع القانوني، بل هو محاولة لـ"إدارة الرمزية" دون اتخاذ خطوات حقيقية نحو الاعتراف بالجرائم الاستعمارية وتعويض المتضررين منها.
وأشار نيورت إلى أن الدولة الفرنسية سبق أن ارتكبت فعلًا أكثر خطورة عندما أقرّت عام 1849 قانونًا لتعويض مالكي العبيد عن خسائرهم، وهو ما اعتبره "انقلابًا أخلاقيًا" على مبدأ العدالة، مستنكرًا أن الدولة لم تطالب لاحقًا بإعادة تلك التعويضات، رغم اعترافها بأن العبودية جريمة ضد الإنسانية.
وشدّد على أن النقاش الحقيقي يجب أن يتركّز على إدراج قانون "تاوبيرا" الصادر عام 2001، والذي يعترف بالعبودية كجريمة ضد الإنسانية، ضمن النصوص الدستورية، بدلًا من الاكتفاء بإلغاء رمزي لنصوص تاريخية.
وقال نيورت "لا ينبغي أن يكون إلغاء القانون الأسود ستارًا يحجب المطالبة بالتعويضات، وهي قضية تعود إلى الواجهة بقوة في فرنسا والعالم".