ترامب: حدودنا كانت مفتوحة وتعرضنا للغزو من قبل الملايين
في مشهد لافت خلال مناورات "زاباد 2025" على حدود الناتو، ظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرتديًا الزي العسكري، في خطوة حملت دلالات رمزية قوية أثارت تفسيرات سياسية متعددة، بين من يراها رسالة ردع مباشرة للغرب، ومن يعتبرها تعزيزًا لصورة "القائد العسكري" في الداخل الروسي.
ويرى خبراء، أن ظهور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرتديًا الزي العسكري خلال المناورات لم يكن تفصيلًا بروتوكوليًا عابرًا، بل رسالة سياسية مقصودة موجهة إلى الغرب، مفادها أن موسكو جاهزة لكل الاحتمالات، بما في ذلك التعبئة والتجنيد، إذا قرر الناتو رفع مستوى المواجهة.
واعتبر الخبراء أن هذا التحول يعكس عقلية استراتيجية صارمة تولي الأمن القومي الأولوية، ويرتبط بمسار طويل بدأ منذ خطاب بوتين في ميونيخ وصولًا إلى ضم القرم وترسيخ مفهوم "روسيا الجديدة".
وحول ذلك، قال مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية ديميتري بريجع، إن بوتين أراد إيصال رسالة واضحة وصارمة لدول حلف شمال الأطلسي مفادها أن روسيا جاهزة ومستعدة لكل الاحتمالات، بما في ذلك التعبئة والتجنيد، إذا ما قرر الناتو الذهاب نحو مواجهة مباشرة مع موسكو.
وأكد بريجع لـ"إرم نيوز" أن بيلاروسيا تُعد حليفًا استراتيجيًا موثوقًا لروسيا، يقودها رئيس عسكري هو ألكسندر لوكاشينكو، يتمتع بعلاقات أمنية واستراتيجية عميقة مع موسكو، مما يعزز متانة الجبهة الشرقية لروسيا.
وأضاف أن تحول بوتين في استراتيجيته ليس مفاجئًا، بل هو مسار واقعي وتدريجي يمكن تتبعه منذ خطابه الشهير في مؤتمر ميونيخ 2007، مرورًا بالتحولات الكبرى في عام 2014 التي تمثلت في مشروع "العالم الروسي" وضم شبه جزيرة القرم، وصولًا إلى ما يُعرف اليوم بـ"روسيا الجديدة" في أوكرانيا.
وأشار إلى أن الرسالة الموجهة إلى الناتو والاتحاد الأوروبي واضحة، تتضمن إذا تم رفع سقف التصعيد، فإن روسيا سترد بقوة، ولن تكتفي بالدفاع، بل قد تفتح جبهات مباشرة في دول مثل بولندا وسلوفاكيا ومولدوفا وغيرها من دول الجوار الأوروبي.
وشدد على أن الاستعداد الروسي لا يقتصر على الجانب العسكري فقط، بل يشمل كذلك أدوات الردع السياسي والاقتصادي والإعلامي، موضحًا أن موسكو تدرك أن أي مواجهة مباشرة مع الناتو ستكون مكلفة للغاية، لكنها في الوقت ذاته تعتبر التنازل عن مصالحها الحيوية في أوكرانيا أو دول الجوار تهديدًا وجوديًا.
وتابع: "من هذا المنطلق، فإن روسيا تُعيد ترتيب أولوياتها الاستراتيجية وتعمل على حشد مواردها في مختلف الاتجاهات".
وأضاف مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، أن روسيا قادرة على تغيير موازين القوى في شرق أوروبا إذا ما قررت اتخاذ خطوات تصعيدية، تشمل إرسال مزيد من القوات وتعبئة الاحتياط والتلويح باستخدام وسائل ردع غير تقليدية.
وبحسب الخبير في الشؤون الروسية محمود الأفندي، فإن ارتداء بوتين الزي العسكري خلال مناورات زاباد يحمل دلالات خاصة في ظل ما وصفه بـ"الهستيريا الغربية" نتيجة ما يُسمى بالتقدم الروسي على الجبهات رغم العقوبات المفروضة.
وقال الأفندي لـ"إرم نيوز" إن الغرب كان يخطط لانتصار الناتو على روسيا وإشعال الفوضى داخل موسكو وصولًا إلى انهيارها، إلا أن ما حدث جاء عكس التوقعات.
وأكد أن أن انتصار روسيا ـ إذا تحقق ـ سيغير المعادلات الجيوسياسية والعسكرية بين موسكو وحلف الناتو، وهو ما سيؤدي إلى تحولات كبيرة داخل أوروبا، وحدوث خلافات عميقة داخل الحلف وبين الساسة الأوروبيين، فضلًا عن تصاعد الاحتجاجات الشعبية، التي بدأت بالفعل في دول كبرى مثل فرنسا وبريطانيا عبر مظاهرات مليونية، وقد تفضي هذه التوترات إلى تغييرات جوهرية في السياسات الأوروبية.
وأكد أن هناك حالة من التهويل في أوروبا عبر استغلال المناورات العسكرية الروسية لتوجيه الرأي العام بأن هناك خطرًا مباشرًا من موسكو، مشيراً إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها بوتين بالزي العسكري، إذ اعتاد على ذلك في كل المناورات العسكرية وحتى عند صعوده الطائرات الحربية، في تعبير عن الاحترام للقوات المسلحة وقياداتها، وللتأكيد على مكانته كقائد أعلى للقوات المسلحة.
وأضاف الأفندي أن بعض الساسة الأوروبيين والإعلام الغربي يوظفون هذه الإطلالة لترويج فكرة أن بوتين يستعد لحرب مع الناتو، معتبرًا ذلك وسيلة لـ"تخدير" الشعوب الأوروبية، في وقت بدأت فيه هذه الشعوب بالانتفاض ضد سياسات حكوماتها.