logo
العالم

ترامب وحرب الأسبوعين.. بين حصاد المكاسب وإعادة ترميم الصورة

ترامب وحرب الأسبوعين.. بين حصاد المكاسب وإعادة ترميم الصورة
الرئيس الأمريكي دونالد ترامبالمصدر: رويترز
24 يونيو 2025، 4:09 م

تمكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال أسبوعين، من السيطرة الكاملة على المشهد السياسي في العاصمة واشنطن، حيث انتقل من التبشير بقرب التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، إلى مرحلة التشكيك في ذلك.

سمح ترامب بعد ذلك، لإسرائيل بشن عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وصولا إلى التدخل العسكري المباشر في المواجهة الإسرائيلية الإيرانية، وانتهاء بإعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين.

العديد من الأسئلة لا تزال مطروحة هنا في واشنطن حول تفاصيل الاتصالات التي أجراها ترامب ومساعدوه خلال الأسبوعين الماضيين، وهوية الوسطاء الذين لعبوا أدوارا حاسمة في مختلف مراحل هذا المسار داخل أروقة البيت الأبيض.

ترامب وصورة الصرامة 

لم يقدم البيت الأبيض، سواء من خلال تصريحات ترامب أو عبر المتحدثة باسم الرئيس أو حتى عبر أعضاء مجلس الأمن القومي، أية تفاصيل يمكن أن تشبع رغبة الأمريكيين في معرفة حقيقة ما يجري.

طيلة هذه الفترة الطويلة بتقلباتها وأحداثها المتسارعة، حرص ترامب على إظهار نفسه بصورة الرئيس الذي يمتلك الصرامة الكافية لإدارة أزمة بهذا الحجم. 

حاول ترامب منذ البداية أن يظهر أن سماحه بالخيار العسكري لإسرائيل جاء بناء على انتهاء مهلة الستين يوما التي منحها للإيرانيين، مؤكدا أنه كان عند وعده بأن انتهاء المهلة دون اتفاق في الأفق سيدفعه للسماح بالتحرك العسكري ضد طهران.

هذا الخيار لم يكن مفضلا في تاريخ الولايات المتحدة لدى جميع الرؤساء، سواء الجمهوريين أو الديمقراطيين، من بيل كلينتون إلى بوش الابن وأوباما وحتى ترامب في ولايته الأولى وأخيرا الرئيس السابق جو بايدن. 

جميع هؤلاء، بمن فيهم ترامب سابقا، تمسكوا بجعل الخيار التفاوضي أولوية في التعامل مع إيران، مع التركيز على تفعيل العقوبات الاقتصادية وفرض العزلة الدولية بهدف تحجيم قدرتها على مواصلة مشروعها النووي.

أخبار ذات علاقة

ترامب ونتنياهو

بطلب من ترامب.. إسرائيل تعلن رسميًا امتناعها عن ضرب إيران

قرار ترامب المختلف

ترامب، الذي عارض بشدة خلال ولايته الأولى الخيار العسكري ضد طهران رغم أنه هو من قرر إلغاء الاتفاق النووي الذي وقعته الولايات المتحدة مع إيران في نهاية ولاية أوباما الثانية، كان يؤكد حينها أن الاتفاق غير مناسب لبلاده حتى لو كان لوزير دفاعه الجنرال ماتيس رأي مخالف تماما.

هذه المرة، اتخذ ترامب قرارا مختلفا بالسماح لإسرائيل بتنفيذ عمليتها العسكرية ضد إيران، لكنه سرعان ما واجه معضلة صعبة: إما أن يوافق على دخول القوات الأمريكية بشكل مباشر في الحرب، أو أن يلتزم الحياد مع الاستمرار في لعب دور الوسيط. 

واختار الرئيس الأمريكي التدخل العسكري المباشر، مقتنعا بأن هذا المسار سيجبر إيران على الرضوخ لشروطه التفاوضية، خاصة بعدما أصبحت في موقف هش عسكريا وتعرضت منشآتها النووية لضربات قاسية.

المفاجأة والحسابات

الديمقراطيون في غرفتي الكونغرس غاضبون من طريقة إدارة الرئيس ترامب لمسار الأحداث خلال الأسبوعين الماضيين، فهم يتهمون الرئيس بأنه تصرف في جميع قراراته العسكرية بمعزل عن الكونغرس واختار ألا يتشاور مع قيادات المجلسين، بل وفضل تركهم في الظلام كما يقولون.

وأبلغ البيت الأبيض قيادات المشرعين من الحزبين أن مساعدي ترامب سوف يقدمون إفادة سرية الثلاثاء تتعلق بالأسباب التي دفعت ترامب لاتخاذ قراراته المتسارعة. 

لكن المشرعين يرون أن هذه الإفادة لم تعد ذات فائدة لأن مسرح الأحداث انتهى حاليا، وأن الرئيس بخياره هذا يضعهم أمام الأمر الواقع ونتائج قراره بدلا من مناقشة جدوى الدخول في عمل عسكري مباشر ضد إيران.

أخبار ذات علاقة

منشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية في نطنز

ما مصير تخصيب اليورانيوم بعد "إنهاء" حرب إسرائيل وإيران؟

اتهامات ضد ترامب

ولا يتردد الشيوخ الديمقراطيون والنواب في اتهام ترامب بخداع الأمريكيين من خلال اعتماده على التضليل في تصريحاته بشأن موقفه من إيران، مؤكدين أن قراره بدخول الحرب غير قانوني وغير دستوري لأنه تم من دون الحصول على أي تفويض من الكونغرس.

في مقابل ذلك، دافع السيناتور الجمهوري البارز لينزي غراهام عن ترامب وقال للصحفيين إن الأمريكيين جميعا يعرفون جيدا أن طهران لم تتوقف يوما عن تهديد إسرائيل والولايات المتحدة في تصريحات وخطابات قادتها، لذلك فإن الرئيس ترامب لم يكن لديه خيار آخر غير التدخل العسكري المباشر في الحرب.

لكن الأمر ليس كذلك بين جميع الجمهوريين، حيث قالت النائبة المقربة من ترامب وأحد رموز حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا (ماغا)" في واشنطن تايلور غرين، إن دخول هذه الحرب لا يضيف لأمريكا بل يؤخرها ويضر بمصالحها، مشددة على أن الحرب هي حرب إسرائيل وليست حرب الولايات المتحدة.

ولم يواجه ترامب خلال ولايته الرئاسية الثانية معارضة تذكر من حلفائه الجمهوريين في المجلسين، لكن هذه المرة اختلف الوضع تماما.

مساع لتحقيق النصر

بهذه العبارة يقول المقربون من هذه الإدارة لـ"إرم نيوز" إن الرئيس سعى من خلف الأبواب المغلقة إلى إنهاء سريع لهذه الحرب، وذلك من خلال إتاحة الفرصة للطرفين بالظهور بمظهر أن لا أحد مهزوم في هذه المواجهة.

وستُظهر إسرائيل لمواطنيها أن هدفها البعيد من هذه العملية هو استعراض تفوقها العسكري واستهداف المنشآت النووية الإيرانية، وإيران تريد أن تُظهر صمودها الكبير في وجه إسرائيل والولايات المتحدة، وأنها نجحت في احتواء الأزمة التي واجهتها خلال فترة شديدة الصعوبة، واستطاعت أن تحافظ على صورتها أمام مواطنيها من خلال الردود اليومية على الهجمات الإسرائيلية.

في المقابل، يظهر الرئيس ترامب أمام مواطنيه والعالم بأنه يمتلك الصفات القيادية لإدارة أزمة بهذا الحجم واتخاذ القرارات المفصلية، كما نجح في البقاء ضمن دائرة الأهداف التي حددها لنفسه والتي تقول إن أزمته مع إيران تتركز في مشروعها النووي، ولهذا جعل من تدخله المباشر مقتصرا على المنشآت النووية، ونجح في النهاية في الوصول بالطرفين إلى وقف لإطلاق النار.

سيكون أمام الرئيس ترامب وفريقه وقت طويل لإعادة ترتيب الصورة أمام مواطنيه، كما أنهم جميعا سيواجهون موجة انتقادات قوية من الغرماء الديمقراطيين على الطريقة التي أداروا بها هذه الأزمة، وكل ذلك على أمل أن يشكل هذا الملف نقطة تحوّل في حسابات الحزب المتعلقة بانتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر ما بعد القادم.

أخبار ذات علاقة

سيرغي لافروف

لافروف: إسرائيل ارتكبت جريمة "الاغتيال السياسي" في إيران

حماية المكاسب 

يقول مقربون من الرئيس الأمريكي إن فكرة إعلان وقف إطلاق النار شخصيا، عبر تدخله لوقف الخرقين الإسرائيلي والإيراني للهدنة، كان خيارا محسوبا من الرئيس، لأنه هو ما يضمن له حماية المكاسب التي حققها من تدخله العسكري المباشر ضد إيران.

في المقابل، لا يزال ترامب يواجه موجة تشكيك واسعة في وسائل الإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي بشأن نجاح القصف الجوي الذي استهدف منشآت إيران النووية، حيث لا تزال هناك الكثير من الأسئلة حول هذه العملية.

وانتقد الرئيس الإعلام بشدة ودافع بقوة عن نجاح العملية العسكرية، لكن كل ذلك لا يزال غير كاف لإقناع الأمريكيين بأن الضربات نجحت فعلا في إنهاء المشروع النووي الإيراني الذي استمر العمل عليه عقودا من الزمن. 

وهذا الأمر سيبقى مطروحا أمام ترامب لفترة طويلة من ولايته الرئاسية الحالية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC