رئيس وزراء أستراليا: الحكومة ستتبنى إصلاحات للقضاء على الكراهية والتطرف
تستمر الحرب الروسية في أوكرانيا، الممتدة منذ ما يقرب من أربع سنوات، في إظهار تعقيداتها الدبلوماسية، بعد فشل اجتماع موسكو الأخير بين مفاوضين أمريكيين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تحقيق أي تقدم ملموس نحو السلام.
رغم تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن المحادثات كانت "جيدة إلى حد معقول"، بدا واضحاً أن الكرملين لم يُبدِ أي استعداد للتراجع عن مطالبه المتشددة، بحسب صحيفة "أوراسيا ريفيو".
كما عاد المبعوث الخاص للبيت الأبيض، ستيف ويتكوف، إلى الولايات المتحدة دون لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بعد ساعات من الاجتماعات في الكرملين حول اقتراح سلام صاغته واشنطن، واعتُبر منحازاً بشكل كبير للمصالح الروسية.
ويشير هذا الفشل إلى أن عملية السلام، التي تُعد أكبر محاولة دبلوماسية لإنهاء أحد أكثر الصراعات دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، ما زالت تواجه عقبات جوهرية، تتعلق بالموقف الروسي المتصلب، وعدم ثقة أوكرانيا في الالتزامات الغربية، وغياب توافق دولي كامل على شروط أي اتفاق محتمل.
المطالب الروسية المتشددة وانقسام الرؤى الغربية
أجرى ويتكوف، برفقة صهر ترامب جاريد كوشنر، في موسكو، سلسلة من الاجتماعات مع بوتين استمرت نحو خمس ساعات، لكن دون صدور أي تصريح مفصل من الجانب الأمريكي حول النتائج.
وبدلاً من ذلك، وصف يوري أوشاكوف، المستشار الأعلى للرئيس الروسي في السياسة الخارجية، اللقاء بأنه "بناء" لكنه لم يقترب من تقديم أي تقدم ملموس، مؤكداً أن قضية انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي كانت "إحدى القضايا الرئيسة" في النقاشات.
وفي الوقت نفسه، حذّر الرئيس الروسي من أي محاولة أوروبية لإعادة ترسيم الحدود بالقوة، مؤكداً استعداد موسكو للرد العسكري إذا شعرت بتهديد مباشر.
ومن جهته، رفض الاتحاد الأوروبي أي مقترحات لإعادة ترسيم الحدود أو الحد من طموحات أوكرانيا في الانضمام للناتو، مؤكداً أن مستقبل الأراضي الأوكرانية يحدده الشعب الأوكراني وحده.
وقال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيا إن المحادثات أظهرت بعض التقدم على المستوى التقني، لكن التفاصيل الجوهرية لم تتضح بعد.
ويأتي هذا التعارض بين المواقف الأمريكية والروسية من جهة، وموقف أوكرانيا وأوروبا من جهة أخرى، ليؤكد هشاشة أي مسار للتوصل إلى حل سريع للصراع.
الضغوط الغربية وفرص التوصل إلى اتفاق
تأتي هذه التطورات في ظل توتر شديد بين الرغبة الأمريكية في إيجاد مخرج سريع للحرب، والشكوك الأوروبية بشأن شروط أي اتفاق. فقد أشار ترامب إلى أن بوتن "يريد إنهاء الحرب والانخراط في التجارة والأعمال"، بينما أكّد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن عدم إحراز أي تقدم يظهر أن بوتن يماطل ولا يسعى للوصول إلى تسوية إلا بتحقيق نصر كامل.
وعلى الأرض، تواجه أوكرانيا معضلة كبيرة، إذ يخشى مسؤولون فيها أن أي خطة سلام قد تعرض البلاد لمزيد من الغزو الروسي مستقبلاً، على الرغم من العرض الأمريكي بضمانة أمنية لمدة عشر سنوات.
وقد أعرب محللون، مثل تاتيانا ستانوفايا، عن خشيتهم من أن الاجتماعات لم تكن تفاوضاً حقيقياً، بل محاولة روسية واضحة لفرض شروط مسبقة على البيت الأبيض، في محاولة لاختبار مدى قدرة ترامب على الضغط على أوكرانيا لقبول تنازلات استراتيجية.
ويُبرز التقرير أن العملية الدبلوماسية تعاني من صعوبات إضافية بسبب خبرة المبعوثين الأمريكيين المحدودة، خاصة ويتكوف، الذي اعتمد على مترجمين روس، ما أثار مخاوف من سوء فهم المعالم الجغرافية والسياسية المعقدة للصراع.
في الوقت ذاته، تؤكد تصريحات الأمين العام للناتو مارك روته ضرورة استمرار الدعم الغربي لأوكرانيا لتعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية، في حين يبقى الشك حول قدرة القوى الدولية على فرض اتفاق مستدام قائماً.
باختصار، يظل الطريق نحو السلام في أوكرانيا محفوفاً بالتحديات: مطالب روسية متشددة، مخاوف أوكرانية من التنازلات، واختلافات في التقدير الغربي، ما يجعل أي اتفاق وشيك أمراً صعب التحقيق.
وفي ظل استمرار القتال، يبدو أن الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية الغربية ستظل الوسيلة الوحيدة لمحاولة تحقيق أي تقدم ملموس في المستقبل القريب.