تتسابق شركات أمريكية كبرى للاستثمار في شرق الكونغو الغني بالثروات الطبيعية، رغم هشاشة الأوضاع الأمنية في المنطقة، في ظل بوادر السلام بين الجمهورية الديمقراطية ورواندا.
ورعت واشنطن، أخيرًا، اتفاق وقف إطلاق نار تم توقيعه في الدوحة بين كينشاسا وحركة "إم 23" المدعومة من رواندا.
وأطلق الاتفاق مرحلة جديدة من المفاوضات، قد تُتوَّج بتوقيع اتفاق سلام نهائي في البيت الأبيض خلال الأسابيع المقبلة، تحت إشراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ووفقًا لما نشرته مجلة "جون أفريك" الفرنسية، يقود مستشار الرئيس الأمريكي الخاص بالشؤون الأفريقية، مسعد بُولُس، استراتيجية تسعى إلى تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي بين كينشاسا وكيغالي، مع دور محوري للشركات الأمريكية في دعم الاستقرار من خلال الاستثمار المباشر، لا سيما في قطاعات التعدين والطاقة والأمن.
يُعد تأمين المعادن الحيوية لأمن الطاقة والصناعات الدفاعية هدفًا رئيسًا لواشنطن.
وبدأت بالفعل شركات أمريكية الدخول إلى مشروعات تعدينية ضخمة في شرق الكونغو.
وتسعى شركة "كوبولد ميتالز"، المدعومة من جيف بيزوس وبيل غيتس، للسيطرة على مشروع استخراج الليثيوم في منطقة مانونو، وأبرمت، أخيرًا، اتفاقًا مع شركة "AVZ" الأسترالية للاستحواذ على حصتها، إلى جانب شراكة مباشرة مع وزارة المناجم الكونغولية.
كما تسعى شركة "أمريكا فيرست غلوبال"، التي شارك في تأسيسها جنتري بيتش المقرب من دونالد ترامب الابن، للحصول على حقوق استغلال منجم "روبايا" للـ"كولتان" قرب مدينة غوما، الذي يغطي نحو 15% من الطلب العالمي على هذا المعدن الحيوي لصناعة الهواتف والأسلحة الذكية.
ويفاوض تحالف "أوريون ريسورس بارتنرز" و"فيرتوس مينيرالز"، بدعم من محاربين أمريكيين سابقين، للاستحواذ على شركة "شيمف" المالكة لمنجم "موتوشي" الغني بالنحاس والكوبالت، بعد إحباط صفقة سابقة مع شركة صينية نتيجة ضغوط أمريكية.
وشدد تقرير المجلة الفرنسية على أن قطاع التعدين يتطلب دعمًا ضخمًا من الطاقة والبنية التحتية الأمنية، إذ استحوذت شركة "أنزانا إلكتريك غروب" (المعروفة سابقًا باسم "فيرونغا باور") على حصة 10% في مشروع «روزيزي 3» الكهرومائي بين الكونغو ورواندا وبوروندي، بتكلفة تقديرية تبلغ 760 مليون دولار، ويهدف لتزويد نحو 30 مليون شخص بالكهرباء.
ووقّعت شركة "هايدرو-لينك" من نيويورك اتفاقًا مع أنغولا لإنشاء خط نقل كهربائي بطول 1,100 كم لتغذية منطقة كولويزي التعدينية بطاقة تصل إلى 1.2 غيغاواط.
في الجانب الأمني، وقّع "إريك برينس"، مؤسس شركة "بلاك ووتر" الأمنية، اتفاقًا مع الحكومة الكونغولية لتأسيس "لواء ضريبي" خاص بتأمين عائدات الدولة من القطاعات الاستراتيجية كالمعادن والنفط والغابات، في خطوة تهدف إلى فرض الاستقرار المالي والإداري في المناطق الغنية بالموارد.
وخلص تقرير المجلة الفرنسية إلى القول إنه مع تقدم جهود "السلام عبر الاستثمار"، قد تشكّل هذه المبادرة الأمريكية بقيادة ترامب محطة مفصلية في إعادة تشكيل مستقبل منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا، وتحقيق توازن بين المصالح الاقتصادية والاستقرار السياسي.