أثار توقيع شركة "كوبولد ميتالز" الأمريكية اتفاقاً مع حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية لاستكشاف الموارد المعدنية في مختلف أنحاء البلاد، تساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة بدأت فعلاً تجني ثمار تدخلها السياسي والعسكري لترسيخ السلام في كينشاسا.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد كثفت جهودها، خلال الأشهر الماضية، للتوسط في اتفاق سلام بين الحكومة الكونغولية وحركة "إم 23" المتمردة، بهدف وضع حد للقتال العنيف الذي تفجّر في شرق البلاد بعد هجوم الحركة وسيطرتها على مدن ذات أهمية إستراتيجية.
وجرى توقيع الاتفاق بين شركة "كوبولد ميتالز" والحكومة الكونغولية بحضور الرئيس فيليكس تشيسيكيدي، الذي سبق له أن عرض على إدارة ترامب فتح أبواب الاستثمار في موارد البلاد الغنية، مقابل دعم أمني وعسكري لمواجهة التهديدات المتمردة.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي المتخصص في الشؤون الأفريقية، إبراهيم كوليبالي، في تصريح لـ"إرم نيوز" إن "الولايات المتحدة بدأت تجني ثمار تدخلها الذي لم يكن مفاجئاً، نظراً للجهود التي بذلتها واشنطن في سبيل تهدئة التوترات، وإنهاء الحرب الأهلية التي تشهدها جمهورية الكونغو الديمقراطية".
وأضاف كوليبالي أن توقيع اتفاق مبادئ في قطر قبل أيام بين الحكومة الكونغولية وحركة "إم 23" شكّل نقطة تحول، سارعت شركة "كوبولد ميتالز" إلى استغلالها، لتأمين موطئ قدم استثماري مبكر وقطع الطريق أمام دخول محتمل لرؤوس أموال صينية إلى هذا القطاع الحيوي.
وأشار إلى أن "كوبولد ميتالز" تعتزم ضخ استثمارات تصل إلى مليار دولار في قطاع التعدين الكونغولي، وهو رقم كبير يعكس مدى جدية الشركة الأمريكية في اقتحام هذا السوق الغني بالثروات الطبيعية.
ويأتي هذا التحول في وقت تبعث فيه أجواء اتفاق الدوحة بين الحكومة وحركة "إم 23" بعض التفاؤل بإمكانية وقف الحرب الأهلية المتصاعدة في البلاد.
وشمل الاتفاق بين كينشاسا والشركة الأمريكية التزاماً برقمنة الأرشيف الجيولوجي الوطني، المحفوظ، حالياً، في المتحف الملكي لأفريقيا الوسطى في بلجيكا، بهدف تسهيل الوصول إلى معلومات دقيقة حول ثروات البلاد الطبيعية.
وفي هذا السياق، أوضح المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، قاسم كايتا، لـ "إرم نيوز" أن محور عمل شركة "كوبولد ميتالز" سيركز في المرحلة الأولى على منجم مانونو الغني برواسب الليثيوم، المعدن الذي بات في قلب سباق محموم بين القوى الكبرى، وفي مقدمتها الصين والولايات المتحدة، للهيمنة على موارده في القارة السمراء.
وأشار كايتا إلى أن الاتفاق بين الجانبين يشمل إطلاق برنامج وطني واسع للتنقيب عن المعادن النادرة، وفي مقدمتها الليثيوم، باستخدام أحدث التقنيات المتطورة، وهو ما منح الشركة الأمريكية أفضلية تنافسية كبيرة في الميدان.
كما كشف كايتا أن "كوبولد ميتالز" تستعد لتقديم طلبات استكشاف تغطي أكثر من 1600 كيلومتر مربع من أراضي الكونغو، وذلك قبل نهاية الشهر الجاري، في خطوة تعكس حجم الطموح الأمريكي للاستثمار في قلب أفريقيا.