الجيش الإسرائيلي: استعدنا خلال "عربات جدعون" 10 جثامين لإسرائيليين كانوا محتجزين في غزة
برزت كالينينغراد كنقطة اشتعال محتملة لصراع جديد مع الناتو، بعد اتهامات بشأن تشويش على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي "GPS" تنطلق من أراضي المقاطعة الروسية.
وكالينينغراد جيب روسي منفصل عن الأراضي الروسية، ومحاصر بين بولندا وليتوانيا.
وإن بدت الاتهامات تقنية في ظاهرها، تحمل في طياتها مؤشرات على احتمال فتح جبهة أكثر خطورة في قلب أوروبا الشرقية.
ووفقا لما تداولته دوائر غربية، فإن الحلف الأطلسي يدرس خطوات ميدانية يمكن أن تتذرع بهذه "الحرب الإلكترونية" لتمهيد الطريق لاستفزاز مباشر ضد كالينينغراد، عبر البحر أو من خلال ممر "سووالكي"، الذي يفصل بين بيلاروسيا وكالينينغراد.
خطط الردع التي أعلن عنها قائد القوات البرية للناتو في أوروبا وأفريقيا، كريستوفر دوناهو، تتجاوز حدود الدفاع، وتشير بوضوح إلى استعداد عسكري لقمع قدرات روسيا في هذه المقاطعة، ضمن ما وصفه بـ"تعزيز التعاون الصناعي والعسكري" بين دول الحلف.
وقرأت موسكو هذه التحركات كتهديد مباشر لوحدة أراضيها، وهو ما عبر عنه رئيس المجلس البحري الروسي نيكولاي باتروشيف، بتأكيده أن الناتو لا يسعى فقط للتصعيد، بل لانتهاك السيادة الروسية بالوسائل العسكرية.
ورأى ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، أن "الحديث المتزايد بشأن التشويش يُعد مؤشرا خطيرا على تصعيد جديد في سياق التوترات الجيوسياسية المتنامية بين روسيا وحلف شمال الأطلسي".
ولفت بريجع لـ"إرم نيوز" إلى أن "هذا التصعيد يُجسد نمطا ثابتا في الاستراتيجية الغربية، يقوم على توظيف ذرائع تقنية أو إنسانية لتبرير تحركات سياسية أو عسكرية ضد روسيا وحلفائها الإقليميين".
وقال إن "النخب السياسية الغربية، خصوصًا داخل أروقة الناتو، تنظر إلى مقاطعة كالينينغراد باعتبارها شوكة جغرافية استراتيجية في قلب أوروبا الشرقية، لكونها محاطة بدول منضوية تحت لواء الحلف مثل بولندا وليتوانيا، خاصةً أن هذه المقاطعة ذات أهمية عسكرية قصوى لموسكو، وهي في الوقت ذاته تشكل مصدر قلق دائم لدول البلطيق وللحلفاء الأميركيين في المنطقة".
وأوضح بريجع أن "افتعال أزمة تقنية مرتبطة بنظام GPS لا يمكن عزله عن نوايا بعض القوى الغربية لدفع الأمور باتجاه مواجهة مع روسيا من خلال ذرائع تبدو محسوبة من حيث المخاطر، لكنها تُسوّق على المستوى العالمي باعتبارها قضايا أمنية أو تقنية بحتة".
ورأى أن "هذه الأساليب تخفي خلفها نوايا أعمق تتعلق بمحاولات تطويق روسيا واستفزازها".
وتابع بريجع: "نحن أمام مرحلة جديدة تدخل فيها التكنولوجيا والاصطفافات العسكرية كعوامل محفزة لانزلاق محتمل نحو مواجهة مفتوحة، مثل هذه المواجهة قد تبدأ على نطاق محدود، لكنها سرعان ما قد تتطور إلى اشتباك واسع النطاق".
وأشار إلى أن "موسكو التي تدرك تمامًا أهمية كالينينغراد، قد ترد على أي استهداف مباشر للمنطقة بطريقة غير متوقعة، وهو ما قد يُدخل العالم في معادلة ردع متبادلة باتت أكثر هشاشة مع كل استفزاز جديد".
من جانبه، قال رامي القليوبي، الأستاذ بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بالعاصمة الروسية موسكو، إن "التهديدات أو التلويحات المتعلقة بمقاطعة كالينينغراد الروسية لا تحمل في جوهرها طابع الجدية، سواء من الناحية الاستراتيجية أو القانونية".
وأوضح القليوبي لـ"إرم نيوز" أن "كالينينغراد تُعد أرضا روسية بموجب القانون الدولي، وتشكل جيبًا جغرافيًا تابعًا لروسيا في قلب القارة الأوروبية، وبالتحديد في منطقة البلطيق ما يثير انزعاج الغرب".
ولفت إلى أن "موسكو تملك كامل الحق في نشر أي نوع من الأسلحة هناك، أو تنفيذ عمليات تشويش إلكتروني على الأنظمة الغربية، ضمن نطاق سيادتها المطلقة".
وتابع القليوبي: "لا أعتقد أن الغرب يملك الاستعداد الحقيقي لخوض مواجهة مباشرة مع روسيا، لأن مثل هذه المواجهة -لو كانت خيارًا مطروحًا بجدية- لكانت قد اندلعت منذ اللحظات الأولى للحرب في أوكرانيا، لا أن تُترك حتى تظهر ذريعة مثل موضوع كالينينغراد ليُبنى عليها أي تصعيد".
وأشار إلى أنه "لا توجد مؤشرات فعلية على أن مقاطعة كالينينغراد مهددة حاليًا أو أنها على المحك، لأنها تظل أرضًا روسية ذات سيادة غير محل نزاع دولي، بخلاف المناطق الواقعة شرقي أوكرانيا التي تشهد نزاعًا مفتوحًا وصراعًا ميدانيًا مستمرًا بين الأطراف المختلفة".