سلّط تقرير لمجلة "جون أفريك" الضوء على تعقيدات الدور الذي تحاول بلجيكا أن تؤديه في أزمة شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، مشيرًا إلى أن بروكسل وجدت نفسها في موقع دقيق، إذ تسعى للتأثير في مجريات الأحداث في المنطقة رغم القطيعة الدبلوماسية القائمة مع رواندا.
وأفاد التقرير بأن الجولة الدبلوماسية التي اختتمها أخيراً نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، شملت ثلاث دول من منطقة البحيرات الكبرى هي بوروندي، وأوغندا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وهدفت إلى دفع عجلة الحلول السلمية في شرق الكونغو، الذي يعاني من نزاع طويل الأمد.
ويأتي هذا التحرك البلجيكي بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي، بدفع مباشر من بروكسل، عقوبات على رواندا في مارس/آذار الماضي، ما أدى إلى انقطاع العلاقات بين البلدين.
وتساءل التقرير إن كانت بلجيكا تستطيع رغم علاقاتها المعقدة تاريخياً مع المنطقة أن تؤدي دورًا فعّالاً في مفاوضات السلام؟
وفي تصريحات أدلى بها من العاصمة الكونغولية كينشاسا، أكد بريفو أن بلاده لا تسعى لأن تكون وسيطًا رسميًا في النزاع بين الكونغو ورواندا، قائلاً: "لكي تكون وسيطًا، يجب أن تكون مقبولًا من جميع الأطراف. ومع انقطاع العلاقات مع كيغالي، فإننا لا نملك هذا القبول حاليًا".
ورغم هذا الموقف، أكد وزير الخارجية البلجيكي أن بلاده ما زالت "لاعبًا موثوقًا وفاعلًا" في منطقة البحيرات الكبرى، مستندة إلى علاقاتها التاريخية والتزاماتها السياسية والإنسانية.
وأضاف: "بلجيكا تظل حاضرة بقوة، سواء من حيث التاريخ أو في مقاربتها الراهنة للأزمة" وفق قوله.
وأشار التقرير إلى أن الموقف البلجيكي حظي بتقدير من أطراف سياسية داخل الكونغو الديمقراطية، التي عبّرت عن ترحيبها بالدعم البلجيكي في أوقات الأزمات، وأملها في أن تُسهم بروكسل في تهدئة التوترات الحالية.
غير أن الوضع مع رواندا لا يبدو قابلاً للتحسن في الأمد القريب، بحسب التقرير.
ففي حين تبذل فرنسا جهوداً للوساطة بين كينشاسا وكيغالي، لا تزال الخلافات السياسية والأمنية قائمة، ما يجعل هامش التحرك البلجيكي محدودًا.
من جانبه، أوضح بريفو أن العقوبات الأوروبية ضد رواندا بدأت تُظهر بعض التأثير، ما يعزز موقف بلجيكا داخل الاتحاد الأوروبي كلاعب نشط في الملف.
وأضاف: "بلادنا تؤدي دورًا قويًا وموثوقًا رغم التحديات الحالية".
وخلص إلى أن قدرة بلجيكا على التأثير في هذا النزاع مرهونة بمدى نجاحها في استثمار علاقاتها التاريخية، وفي تجاوز عائق القطيعة مع رواندا، وهو أمر لا يبدو أن تغيّره في الأفق القريب.
يشار إلى أن العلاقات بين الكونغو الديمقراطية ورواندا تشهد توترًا، إذ تتبادل الحكومتان الاتهامات بدعم مجموعات مسلحة تنشط في المناطق الحدودية.