نائب المندوب الأمريكي بمجلس الأمن: وزير الخارجية ماركو روبيو قد حلا عبر هدنة إنسانية بالسودان
تحول التصعيد الأمريكي ضد ناقلات النفط الفنزويلية إلى ضربة ارتدادية تهدد أحد أكثر حلفاء الولايات المتحدة هشاشة: كوبا؛ فمع بدء واشنطن مصادرة سفن محمّلة بالخام، بات شريان الطاقة الذي يغذي الجزيرة مهددًا بالقطع؛ ما ينذر بانهيار اقتصادي عنيف.
وكشفت "وول ستريت جورنال"، أن هافانا تعيش بالفعل أسوأ أزماتها الاقتصادية والاجتماعية منذ انتصار الثورة عام 1959، كما أن النفط الفنزويلي ليس مجرد مورد طاقة بالنسبة لكوبا، بل هو العمود الفقري الذي تقوم عليه منظومة الكهرباء والنقل والصناعة المحدودة في البلاد.
وبحسب مصادر فإن الخام القادم من فنزويلا يغطي نحو 40% من احتياجات كوبا من النفط المستورد، بعد أن كان في ذروة التحالف بين هافانا وكاراكاس يتجاوز 100 ألف برميل يوميًا، ومع كل ناقلة تُحتجز أو تتردد في الإبحار خوفًا من المصير نفسه، تتقلص قدرة الدولة الكوبية على إبقاء الأنوار مضاءة وتشغيل ما تبقى من اقتصادها المنهك.
وبينما يهدف التصعيد الأمريكي أساسًا لتجفيف مصادر دخل مادورو، فإن التأثير لا يتوقف عند كاراكاس؛ خصوصًا أن فشل حركة الناقلات، أو حتى التهديد بمصادرتها، أدى إلى شلل في الموانئ الفنزويلية، وإلى اضطرار النظام لبيع نفطه بخصومات حادة عبر أسطول ظلّ متهالكا، وهو ما يقلص الكميات المتاحة لحلفائه وفي مقدمتهم كوبا.
وبحسب مراقبين فإن التداعيات في هافانا تبدو كارثية في ظلِّ انكماش اقتصادي حاد بنحو 15% منذ 2018، وبتضخم تراكمي قارب 450%، وانهيار تاريخي في قيمة العملة، ولذلك فإن أي تراجع إضافي في إمدادات النفط يعني ببساطة تعميق هذا الانهيار.
ولا ينفصل القلق في هافانا عن إدراك عميق بأن مصير النظام الكوبي بات مرتبطًا ببقاء مادورو نفسه، ولهذا السبب، لم تكتفِ كوبا بعلاقات اقتصادية مع فنزويلا، بل رسخت حضورها الأمني والاستخباراتي هناك، حيث لعبت أجهزتها دورًا محوريًا في حماية النظام الفنزويلي وكشف أي محاولات انقلابية محتملة؛ لأن انهيار كاراكاس، أو خنقها اقتصاديًا، يعني عمليًا فقدان كوبا لآخر داعم استراتيجي لها.
ويعتقد المحللون أن رد الفعل الكوبي جاء غاضبًا ومشحونًا بخطاب تاريخي؛ إذ وصفت هافانا مصادرة ناقلات النفط بأنها "قرصنة"، واستحضرت لغة المواجهة مع "الإمبراطورية الأمريكية"، لكن خلف الخطاب، يدرك صنّاع القرار الكولومبيون أن ميزان القوة لا يميل لمصلحتهم، وأن هامش المناورة يضيق بسرعة مع كل ناقلة تُحتجز وكل برميل نفط يُحرم من الوصول.
ويحذر بعض المحللين من أن مساعي واشنطن إلى خنق مادورو ودفعه إلى الرحيل، تضع هافانا نفسها أمام سيناريو قاتم؛ ما يهدد بفقدان الحد الأدنى من القدرة على إدارة الحياة اليومية، الأمر الذي يحول الأزمة لاختبار قاسٍ لقدرة النظام الكوبي على البقاء في عالم تتآكل فيه تحالفاته وتضيق فيه مصادر نجاته.