غارات إسرائيلية على محيط مدينة الهرمل شرقي لبنان

logo
العالم

وسط مخاوف صينية.. هل يعيد الرئيس الهندوراسي الجديد العلاقات مع تايوان؟

نصري عصفورةالمصدر: Getty

تشهد الصين حالة طوارئ سياسية واقتصادية، منذُ أن أعلنت الهيئات الانتخابية في هندوراس، عن فوز ممثل يمين الوسط نصري عصفورة في الانتخابات الرئاسية.

وتخشى بكين من استئناف العلاقات الدبلوماسية بين هندوراس وتايوان بعد إعلان القطيعة الدبلوماسية بينهما بدأت في شهر مارس/آذار 2023، في ظلّ تقارب سياسيّ مرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعصفورة.

وفي وقت متأخر من ليلة الأربعاء الخميس، أعلنت السلطات الانتخابية في هندوراس عن فوز المرشح المدعوم من الرئيس ترامب، نصري عصفورة بالانتخابات الرئاسية، بعد عمليات فرز وإعادة إحصاء استمرت أسابيع وألحقت ضررا بليغا بمصداقية النظام الانتخابي الهش وبشفافية العملية الانتخابية في الدولة الواقعة في قلب أمريكا الوسطى.

ومُني اليسار الهندوراسي، بهزيمة قاسية، حيث حلّ في المرتبة الثالثة، متأخّرا جدّا عنْ صاحبيْ المرتبة الأولى والثانية، والمنتمين للتيار اليميني الذّي اكتسح الانتخابات الرئاسية.

اكتساح انتخابي

وحصل نصري عصفورة مرشح الحزب الوطني المحافظ، على نسبة 40.27% من الأصوات، متقدما بفارق ضئيل جدّا على مرشح الحزب الليبرالي المحافظ سلفادور نصر الله، الذي حصد نسبة 39.53% من جُملة الخزان الانتخابي.

فيما حلّ مرشح اليسار ممثلا في حزب "الحرية وإعادة التأسيس"، ثالثا بعد أن حصل نسبة من الأصوات الانتخابية بلغت 19.19%.

وعلى الرغم من إعلان نصر الله عن شكوكه حيال النتائج المعلنة، ومواصلته مسار الطعن فيها، إلا أنّ الاحتفالات انطلقت في مقار حزب عصفورة، في كافة أنحاء البلاد.

أخبار ذات علاقة

نصري عصفورة

مدعوم من ترامب.. إعلان نصري عصفورة رئيساً لهندوراس

ويبدو أنّ فوز عصفورة صار أمرا سياسيا واقعا، حيث تعزز بالتهاني التي وصلته من العواصم الدولية والإقليمية الكبرى، إذ هنّأه وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو على فوزه.

وقال روبيو عبر حسابه على منصة "إكس": شعب هندوراس قال كلمته، وتتطلع إدارة ترامب إلى العمل مع حكومته لتعزيز الازدهار والأمن في نصف الكرة الغربي.

كما قدّم الاتحاد الأوروبي وعدد من القادة اليمينيين في أمريكا اللاتينية على رأسهم الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، تهانيهم لعصفورة.

دعم حاسم

وتنظر دوائر سياسية مطلعة في هندوراس، إلى الدعم المباشر الذي وجهه ترامب لعصفورة، كعامل مركزي ومنعرج أساسيّ في المشهد الانتخابيّ، حيث رجحت تصريحات الرئيس الأمريكي، التي وضعت الشعب الهندوراسي بين خيارين إما تعليق المساعدات أو التصويت لفائدة عصفورة، كفة الأخير في السباق الرئاسي.

وتوجه ترامب برسالة واضحة للناخبين في هندوراس بضرورة انتخاب نصري عصفورة، محذرًا إياهم من فشله في الوصول إلى كرسي الرئاسة قائلًا: "إذا لم يفز، فإن الولايات المتحدة لن تهدر أموالها على قضية خاسرة، لأن القائد غير المناسب لا يمكن أن يجلب إلا نتائج كارثية على أي بلد، بغض النظر عن هوية هذا البلد".

 

كما وعد ترامب بتقديم عفو شامل وكامل للرئيس السابق خوان أورلاندو هيرنانيديز، الذي حكمت عليه واشنطن بالسجن 45 عامًا بتهم تتعلق بتجارة المخدرات والسلاح.

وتؤكد القراءات السياسية والاستراتيجية أنّ الرهانات الجيوسياسية والاستقطاب الدولي لعب دورا كبيرا في الانتخابات الرئاسية، فلئن اعتبرت واشنطن أنّ فوز عصفورة هو فوز لها، فإنّ بكين، التي لم يصدر عنها أي موقف سياسي إبان الانتخابات، لم تكن بعيدة عن المشهد الانتخابي في البلاد.

استقطاب جيوسياسي 

ففي خطوة سياسية غير مسبوقة في الأعراف السياسية والانتخابية، يتدخّل رئيس دولة كبرى لتوجيه الناخبين، وللترويج لمرشح على حساب آخر، بل والوصول إلى درجة المقايضة السياسية، والتلويح بتعليق المساعدات الأمريكية.

وتشير القراءات إلى أنّ تدوينات ترامب لعبت دورا كبيرا في المشهد الانتخابي في هندوراس، حيث قدّمت بشكل واضح وصريح الرؤية الأمريكية للمرشحين الرئاسيين الثلاثة، ووصفت مرشح اليسار بأنه مرشح الحركة الشيوعية والقريب من فنزويلا، فيما نعتت نصر الله بأنّه شيوعي في ثوب يميني.

وهو مستوى غير مسبوق من التدخل الأمريكيّ الصّريح في السباق الرئاسيّ، الأمر الذي جعل الرئيسة المنتهية ولايتها شيومارا كاسترو تتهم ترامب بتنفيذ انقلاب سياسي في البلاد.

 

 

ويؤكد الخبراء في الشأن الهندوراسي، أنّ فوز عصفورة، يمكن قراءته ضمن زاوية العقاب الشعبيّ لسياسات كاسترو، ولفشلها الذريع في الملفات الاقتصادية والاجتماعية (خاصة الجريمة والمخدرات)، والأكثر من كل ما سبق رهانها الاقتصادي الكامل على الصين.

رهان خاسر

وتتقاطع وتتوافق القراءات الاقتصادية في نقطة، مفادها أنّ رهان كاسترو على الفاعل الصيني، وبناء مقارباتها التنموية الاقتصادية على بكين، باءت بالفشل الذريع.

ولا سيما أن كاسترو بنت حملتها الانتخابية الرئاسية في 2021، على القرب من الصين، وتأمين مسافة استقلالية من واشنطن، تسمح لها بالبحث عن شركاء اقتصاديين وتدوير الزوايا الاستراتيجية.

ووفقا للمراقبين، فإنّ كاسترو وضعت كل البيض الاستراتيجي في السلة الصينية، حيث أعلنت في الـ23 من شهر مارس/آذار 2023 عن الاعتراف بالصين الشعبية، صاحبه في الوقت نفسه اعترافها بتايوان، التي كانت تجمعها معها علاقات اقتصادية متقدمة جدّا.

أخبار ذات علاقة

نصري عصفورة الفائز بالانتخابات الرئاسية في الهندوراس

بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية لهندوراس.. من هو نصري عصفورة؟

وفيما كانت تيغوسيغالبا، تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع تايييه، كانت أعين كاسترو تتطلع إلى مشاريع اقتصادية كبرى تضطلع بها الصين في بلادها، كاعتراف بالخطوة الهندوراسية الجريئة أولا، وكإدراج لبلادها في مبادرة "الحزام والطريق" ثانيا.

وعلى الرغم من حجم التطلعات الهندوراسية، إلا أنّ الخطوات الصينية كانت متواضعة جدّا، بحيث إنّها رسخت لدى النخبة السياسية الحاكمة والمعارضة في هندوراس، قناعة بأنّهم فقدوا للأبد حليفا اقتصاديا تاريخيا ولم يحصلوا على شريك حقيقي.

تقارب اقتصادي

وتكشف المصادر الاقتصادية في العاصمة تيغوسيغالبا، أنّ التقارب الصيني الهندوراسي يمكن إجماله في 4 نقاط فقط، الأولى هي بدء مفاوضات اتفاقية التجارة الحرّة، والثانية فتح سفارة هندوراس في العاصمة بكين.

والثالثة التحسن النسبي لتدفق بعض المنتوجات الهندوراسية إلى الأسواق الصينية وخاصة "الروبيان"، والأخيرة التّوقيع على مذكّرات تفاهم حول مشاريع صينية محتملة في قطاع الطاقة الكهرومائية والبنية التحتية للطاقة، ولكن هذه المشاريع لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن.

وتضيف المصادر أنّ الفجوة الكبيرة بين الوعود والواقع، أفضت إلى حالة من الإحباط لدى القطاع الخاص والمجتمع الهندوراسي والحزب الحاكم الذي تفطّن إلى خطورة الارتهان والرهان على الفاعل الصيني في القضايا الاقتصادية الكبرى، خاصة وأنّ التطلع كان الرهان على القروض الكبرى والمشاريع الضخمة لتمويل البنية التحتية الأساسية وهو الأمر الذي قوبل بالكثير من التردد الصيني.

 

 

ويعزى هذا التردد الصيني في تمويل المشاريع وفي تقديم السيولة المالية الكبرى والمطلوبة لإنشاء المشاريع الكبرى لتعذر هندوراس التاريخي في تسديد الديون المتراكمة.

وفي المحصلة، ثمة اعتراف هندوراسي دفين يتردد في مطابخ القرار السياسي والاقتصادي، بأنّ بخسارة تايوان، خسر قطاع التصدير الدعم والتعاون الوثيق الذي كان يوفره التمويل التايواني لتطوير تقنيات الزراعة والقهوة، والذي بفضله اكتسبت علامات هندوراسية كثيرة رواجا قاريا وعالميا.

أمّا التحدي الأكبر فيتمثل، وفقا للمراقبين، في الميزان التجاري الذي يشهد فائضا لفائدة الصين، في ظلّ زيادات كبيرة في الواردات الصينية، الأمر الذي يهدد الصناعات المحلية ويزيد من عجز الميزان التجاري الهندوراسي.

شأن أمريكي

بناء على ذلك المشهد، عرّفت إدارة ترامب الانتخابات الرئاسية الهندوراسية، كشأن أمريكيّ داخليّ، فبالإضافة إلى مبحث الهجرة غير الشرعية والذي من المقرر أن تلعب فيه حكومة عصفورة دورا مركزيا لتأمين الحدود الجنوبية لأمريكا، وعلاوة على مكافحة المخدرات في شواطئ الكاريبي، فإنّ واشنطن نظرت للتجربة الاقتصادية لكاسترو كتجربة ومثال عن فشل الرّهان على الصين.

ولئن مثّل الاهتمام بالشأن الأمريكي اللاتيني، أولوية رئيسية في الاستراتيجية الأمنية الأمريكية الجديدة، فإنّ إعادة تأثيث الحدائق الخلفية لواشنطن لا يكون فقط بالتلويح باستعمال القوة العسكرية، بل إنه يتخذ في الكثير من الأحيان ملامح التّذكير بفشل التجارب الاقتصادية في الرهان على بكين، وحدود الرهان السياسي على موسكو.

مخاوف صينية

وفي المقابل، تخشى بكين من سيناريو عودة الروح في العلاقات الديبلوماسية بين تيغوسيغالبا وتاييه، في ظلّ رئاسة عصفورة.

وتؤكد مصادر سياسية قريبة من بكين أنّ الخشية الصينية يمكن إرجاعها إلى 3 عوامل أساسية، الأول عدم التغلغل الصيني في الاقتصاد الهندوراسي بشكل يصبح قاعدةً مؤسسيةً لا تتأثر بالمتغيرات السياسية.

فيما يتمثل الثاني في علاقات التقارب الواضحة بين ترامب وعصفورة وهي روابط قد لا تقف عند قضايا الهجرة ومكافحة المخدرات إذ إنها قد تصل إلى مستويات متقدمة من التنسيق الدبلوماسي في شرق آسيا.

 

أخبار ذات علاقة

متظاهرون يحتجون على التزوير الانتخابي في الهندوراس

الاتحاد الأوروبي: "شلل متعمد" يؤخر فرز الأصوات لانتخابات هندوراس

ويتمحور الثالث حول وجود قناعة راسخة لدى شرائح واسعة من النخب السياسية الهندوراسية بأنّ الصين خذلت آمال الشعب ولم تكن في حجم التطلعات الاقتصادية والسياسية، وبالتالي فمن الأفضل العودة إلى مرحلة ما قبل الرئيسة "كاسترو"، التي باتت في عُرف الكثير من السياسيين المحليين استثناء هجينا في سياسة هندوراسية تقوم على التوازن ولا تجازف بوضع كل البيض في سلة واحدة.

وبات واضحًا أنّ الرياح السياسية في هندوراس تتجه نحو الشمال، حيث واشنطن التي تلوح مرة بالحديد وأخرى بالحرير، ولئن اعتبرت الكثير من القراءات السياسية بأنّ أمريكا اللاتينية حيال مدّ أزرق يميني يكتسح كافة عواصمها، فإنّه من المهم التذكير بأنّ هذه القارة هواها يبقى، بمقتضى التاريخ والثقافة، مع اليسار.

ولئن انتصر اليمين في بعض الجولات فإنّ فوزه يكون، وفق القراءات السياسية، عقابا لليسار ودرسا له لمعالجة الأمور بأكثر واقعية ولإعادة ترتيب الصفوف ورصها استعدادا للجولات القادمة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC