logo
العالم

"توماهوك" و"ستارت 3".. كيف ترسم موسكو وواشنطن معادلة جديدة للردع العالمي؟

غواصة أمريكية تطلق صاروخ توماهوكالمصدر: abc

قال خبراء إن معادلة الردع العالمي تبدو، اليوم، على أعتاب مرحلة جديدة مع تصاعد الحديث عن تزويد  أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" الأمريكية، ومعاهدة "ستارت 3" بين واشنطن وموسكو.

وأضاف الخبراء أن لغة الردع لم تعد حكرًا على السلاح النووي، بل باتت تشمل الأسلحة التقليدية الفائقة، والتقنيات السيبرانية والفضائية، التي تعيد رسم مفهوم القوة في القرن 21.

وأشاروا إلى صواريخ "توماهوك" تستخدم، حاليًا، كورقة ضغط سياسي على روسيا، في إطار صراع النفوذ بين واشنطن وموسكو حول الأمن الأوروبي والملف الأوكراني.

وحذّر بعض الخبراء في تصريح لـ"إرم نيوز" من أن أي خطوة أمريكية لتسليم هذه الصواريخ إلى كييف قد تُعد لعبًا بالنار، وتدفع نحو مواجهة مباشرة بين القوتين النوويتين.

أخبار ذات علاقة

قوات أمريكية بخرية تطلق صاروخ توماهوك

الخط الأحمر الأمريكي.. كيف تُغيّر "توماهوك" وجه الحرب في أوكرانيا؟

ويرى العميد نضال زهوي، الخبير العسكري، أن صواريخ "توماهوك" التي تُعد رمز القوة الهجومية الدقيقة للولايات المتحدة، ومعاهدة "ستارت 3"  التي تشكل أحد أعمدة ضبط التسلح بين موسكو وواشنطن، تجسدان حجم التوتر المتصاعد بين القوتين، في مرحلة تقف فيها العلاقات على مفترق طرق قد يرسم ملامح "نظام ردع عالمي جديد".

وأكد زهوي في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أظهر ميولاً واضحة لإعادة النظر في معاهدات التسلح النووي، وسعى للتحرر من الاتفاقيات التي يراها "مُقيدة للقوة الأمريكية"، مستشهدًا بقراراته السابقة بالانسحاب من معاهدات رئيسة. 

وتابع: "في المقابل، استثمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تطوير أنظمة نووية استراتيجية جديدة، ما يعكس بوادر صدام في سباق تسلح متجدد، خاصةً في أوروبا الشرقية، ومناطق النفوذ التقليدية للطرفين".

وأضاف أن "لغة الردع النووي لم تعد ثابتة"، مع تزايد اعتماد واشنطن على الأسلحة التقليدية فائقة التدمير مثل "أم القنابل"التي استخدمت في إيران، وهو ما يفتح الباب لإعادة تقييم العلاقة بين السلاح النووي ونظيره التقليدي. أما موسكو فتعد هذه الأسلحة تهديداً مباشراً لأمنها القومي، وتعمل، في الوقت ذاته، على نشر أسلحة نووية في مواقع إستراتيجية كمنطقة القطب الشمالي".

رسم توازنات النفوذ الدولي 

واستطرد قائلا إن "الحوار المقبل بين موسكو وواشنطن يجب أن يتمحور حول النفوذ في شرق آسيا والأمن الأوروبي، حيث تسعى كل قوة لتثبيت حضورها، روسيا في الشرق، والولايات المتحدة في الغرب، وهو ما يؤدي إلى استنزاف أوروبا اقتصاديًا وعسكريًا، ويمهد، ربما، لاتفاق غير معلن يعيد رسم توازنات النفوذ الدولي".

وأشار الخبير العسكري إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد تغييرات نوعية في سياسات الردع لا تقتصر على الكم، بل تشمل سرعة الرد والسيطرة الميدانية مع دخول مجالات جديدة مثل الحرب السيبرانية والفضائية، مرجحًا أن تكون المعاهدة المقبلة بين موسكو وواشنطن مختلفة في الشكل والمضمون عن سابقاتها.

أخبار ذات علاقة

من 20 إلى 50 صاروخا فقط.. "صدمة" التوماهوك تنتظر زيلينسكي في البيت الأبيض

من 20 إلى 50 صاروخا.. "صدمة" التوماهوك تنتظر زيلينسكي بالبيت الأبيض (فيديو إرم)

من جانبه، قال د. سمير أيوب، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إنه لا يرى "صلة مباشرة" بين صواريخ "توماهوك" ومعاهدة "ستارت 3".

وأضاف أيوب أن المعاهدة تعنى بالأسلحة الاستراتيجية بعيدة المدى، والرؤوس النووية، وتحدد التزامات دقيقة لكل من موسكو وواشنطن، أما تسليم الولايات المتحدة هذه الصواريخ إلى نظام كييف فلا يدخل ضمن بنود المعاهدة.

وأشار لـ"إرم نيوز" إلى أن "ستارت 3" تضع إطارًا لتقليص الأسلحة الإستراتيجية، وأن أي خطوة لتسليم "توماهوك" لأوكرانيا لا تُعد فقط تهديدًا لروسيا، بل هي إشعال مباشر للنار، خاصة مع مشاركة ضباط ومستشارين أمريكيين في تشغيل تلك المنظومات.

وبين أن ما يقلق موسكو ليس مجرد التسليم، بل احتمال "تحميل تلك الصواريخ برؤوس نووية".

وتساءل: "ماذا لو صنع نظام كييف قنبلة قذرة وأطلقها على مدينة روسية؟ أو وجه أحد هذه الصواريخ نحو موسكو؟ من يضمن عدم حدوث ذلك؟".

أخبار ذات علاقة

صواريخ توماهوك الأمريكية

من كوبا إلى كييف.. "توماهوك" يهدد بتفجير الصراع الأمريكي-الروسي


شروط غربية وطاولة المفاوضات

وأضاف الخبير في الشؤون الروسية أن "توماهوك" تُستخدم كأداة ضغط لإجبار روسيا على القبول بالشروط الغربية للجلوس إلى طاولة المفاوضات، في حين ترى موسكو أن أي حل يجب أن يكون جذرياً وشاملاً.

وأكد أيوب أن روسيا لا تزال تستبعد إقدام واشنطن، فعليًا، على تسليم الصواريخ، رغم أن الأسلحة الأمريكية السابقة، مثل: "هيمارس" و"ستورم شادو" و"أتاكمز" شقت طريقها في النهاية إلى ساحات القتال الأوكرانية، بعد أن كانت مجرد حديث إعلامي. 

ولفت إلى أن هناك دوراً أمريكياً مباشراً في توجيه تلك الصواريخ عبر الأقمار الصناعية وتكنولوجيا الاستهداف، بدليل ما نشرته الصحافة الأمريكية أخيرًا.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تزود كييف بمعلومات استخباراتية دقيقة حول مواقع النفط والطاقة الروسية لاستهدافها، رغم إدراكها أن "توماهوك" لن تغير ميزان القوى ميدانيًا، لكنها قادرة على ضرب منشآت استراتيجية أو مدنية كـ"محطات الطاقة النووية"، وهو ما قد يدفع موسكو إلى رد قوي.

أخبار ذات علاقة

لقطة من جبهات القتال في الحرب الأوكرانية

الكرملين يحذر من "تصعيد دراماتيكي".. هل تتغير ملامح حرب أوكرانيا بالكامل؟

وكشف أيوب أن روسيا عدلت، أخيرًا، عقيدتها النووية بحيث يعد إطلاق أي صاروخ من أراضي دولة معادية تهديداً مباشراً يستدعي الرد، حتى إن لم تكن تلك الدولة هي المصنعة، ما يعني أن أي طرف يشارك أو يمول أو يوجّه الهجوم لن يكون بمنأى عن الرد الروسي.

وحذّر د. سمير أيوب، من أن صواريخ "توماهوك" قد تشعل حرباً إقليمية واسعة تمتد إلى مواجهة عالمية، معتبرًا أن العالم يعيش اليوم حالة فوضى غير مسبوقة في ميزان القوى. 

وقال إن روسيا، اليوم، ليست الاتحاد السوفيتي، وحلف الناتو يتمتع بتفوق عسكري واضح، وهو ما يعزز هشاشة الاستقرار الدولي.

واعتبر أيوب أن الاستقرار العالمي لن يتحقق إلا بتحالف إستراتيجي شامل بين روسيا والصين، رغم شكوكه في إقدام بكين على هذه الخطوة، لأنها تفضّل التركيز على الاقتصاد، والطاقة، والتجارة، بدل الانخراط في حروب.

وأكد أن الصين تخوض حرباً اقتصادية باردة ضد الغرب، فيما تواجه روسيا سباق تسلح عنيفاً مع الناتو في أوكرانيا، ما يدفعها إلى زيادة استخدام الصواريخ والمعدات العسكرية لتحقيق التقدم الميداني.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC