logo
العالم

الكرملين يحذر من "تصعيد دراماتيكي".. هل تتغير ملامح حرب أوكرانيا بالكامل؟

لقطة من جبهات القتال في الحرب الأوكرانيةالمصدر: رويترز

بينما لا تزال أصوات المدافع تتردد في شرق أوكرانيا، تتجه الأنظار مجددًا إلى السماء، حيث تلوّح واشنطن بورقة صواريخ "توماهوك" في وجه موسكو، لتتعالى التحذيرات الروسية من "تصعيد دراماتيكي" قد يغير ملامح الحرب بالكامل. 

وجاء هذا التحذير الروسي بعد تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكد فيها أنه قد يسمح بتزويد كييف بتلك الصواريخ إذا لم تنهِ روسيا حربها، واصفًا صواريخ "توماهوك" بأنها سلاح مذهل وهجومي للغاية.

في المقابل، سارع الكرملين إلى الرد، مؤكدًا أن مجرد التفكير في تسليم هذه الصواريخ إلى أوكرانيا يمثل خطوة بالغة الخطورة، لأنها قادرة على حمل رؤوس نووية يصل مداها إلى 2500 كيلومتر. 

ومع أن موسكو شددت على أن صواريخ "توماهوك" لن تغير الواقع الميداني لصالح كييف، فإنها لم تُخف قلقها من أن إدخالها إلى ساحة الحرب قد يفتح الباب أمام مواجهة أوسع لا يمكن التكهن بنتائجها.

ويرى خبراء أن تحذيرات الكرملين من "تصعيد دراماتيكي" في الحرب الأوكرانية تأتي في سياق الحرب النفسية أكثر منها تهديدًا فعليًا، خاصة أن روسيا اعتادت إطلاق تحذيرات مماثلة عند كل خطوة غربية لدعم كييف، لكنها لم تقدم على أي تصعيد حقيقي رغم تجاوز عشرات "الخطوط الحمراء" التي رسمتها بنفسها. 

وأشاروا إلى أن روسيا، رغم خطابها المتشدد، تدرك محدودية قدرتها على الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة أو حلف الناتو، في ظل إنهاك مواردها واستمرار تعثرها في تحقيق نصر حاسم داخل أوكرانيا.

وأضاف الخبراء أن الحديث عن صواريخ "توماهوك" أثار مخاوف روسية واقعية تتعلق بقدرتها على حمل رؤوس نووية، وهو ما تعتبره موسكو تهديدًا مباشرًا  لأمنها القومي، خاصة إذا وصلت إلى أوكرانيا. 

ويرى الخبراء أن إدخال منظومات بهذا المدى إلى ساحة الصراع يُعد خطوة خطيرة قد تشعل سباق تسلح جديد، مستبعدين في الوقت نفسه أن تقدم روسيا على رد عسكري واسع. 

أخبار ذات علاقة

قوات أمريكية بخرية تطلق صاروخ توماهوك

الخط الأحمر الأمريكي.. كيف تُغيّر "توماهوك" وجه الحرب في أوكرانيا؟

مصداقية تحذيرات الكرملين

بهذا الصدد، أكد مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكرانية، إيفان يواس، أن تجربة أوكرانيا خلال أكثر من 3 سنوات ونصف من الحرب الشاملة تقدم دليلًا عمليًا على نمط سلوك موسكو. 

وقال يواس، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن روسيا لطالما تحذّر من أن أي دعم خارجي لأوكرانيا سيُقابل بردٍ منها، وأن هذا الرد سيكون تصعيدًا كبيرًا، لكن الواقع الميداني يُظهر عكس تلك التهديدات. 

وأوضح أن روسيا خلال هذه الفترة، تعدّت على نحو 36 "خطًا أحمر"، كانت قد رسمتها بنفسها، دون أن تتخذ تجاه ذلك أي إجراءات رادعة أو تصعيد فعلي يُغيّر المعادلة.

وبين يواس أن هذا التاريخ من الانتهاكات المتكرّرة يضع علامات استفهام حول مصداقية تحذيرات الكرملين الحالية، خاصة عندما تتعلق بتهديدات بشأن إرسال منظومات مثل "توماهوك" إلى أوكرانيا. 

وقال إن تنفيذ تصعيد ذي تأثير حقيقي يتطلب موارد ضخمة، مشيرًا إلى أن روسيا بعد كل هذه السنوات لم تتمكن من تحقيق نصر حاسم، مما يجعل احتمال دخولها في مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة أو حتى مع حلف الناتو أمرًا بعيد الاحتمال. 

ولفت إلى أن الخلافات الداخلية داخل حلف الناتو لا تعني بالضرورة أن روسيا ستكون مستعدة لمواجهة هذا التحالف عسكريًا، بل على العكس، فقد شهدنا سابقًا تهديدات روسية متكررة في مناسبات عدة قبل إرسال مساعدات، مثل: منظومات "هيمارس"، وخيارات دبابات "أبرامز" و"ليوبارد"، ومؤخرًا بشأن مقاتلات "إف-16" دون أن تترجم هذه التهديدات إلى ردود عملية.

وأوضح يواس أنه حتى في حال وصول منظومة "توماهوك" إلى أوكرانيا، لا يتوقع أن تُفضي إلى رد روسي حقيقي يغير سير الحرب، ومع ذلك، ستعمل هذه المنظومة على رفع القدرات الدفاعية الأوكرانية، وربما تحسين موقف كييف التفاوضي. 

أخبار ذات علاقة

المتحدث بإسم الكرملين دميتري بيسكوف

الكرملين يحذر الغرب من "لحظة تصعيد دراماتيكي" في الحرب الأوكرانية

 

"لعب بالنار" على مستوى الأمن الدولي

من جانبه، أكد المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، د. محمود الأفندي، أن مخاوف روسيا من صواريخ "توماهوك" الأمريكية لا تُعد تخمينات عاطفية، بل تستند إلى معطيات واستنتاجات إستراتيجية واضحة. 

وقال الأفندي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "إحدى أخطر هذه الوقائع هي قدرة بعض نسخ هذه الصواريخ على حمل رؤوس نووية، وهو عامل يشكّل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الروسي، إذا ما وصلت مثل هذه القدرات إلى ساحة قريبة من الأراضي الروسية".

وأشار إلى أن أوكرانيا تمتلك بنية تحتية نووية صارت جزءًا من سياق القلق الإستراتيجي، فوجود مفاعلات ومراكز نووية على أرض أوكرانيا يمنح إمكانية فنية لإنتاج ما يُعرف بالقنبلة القذرة، حتى وإن كانت أوكرانيا لا تملك، حاليًا، وسائل إيصال متطورة لهذه الأنواع من الأسلحة. 

وأكد الأفندي أن مدى صاروخ "توماهوك"، الذي يصل إلى نحو 2500 كيلومتر، يجعله مُرشّحًا لأن يكون ناقلًا مناسبًا لسلاح من هذا النوع، وهو ما يفتح بابًا خطيرًا أمام مسارات تصعيد متعاظمة لا يمكن احتواؤها بسهولة.

وأضاف أن إدخال صواريخ ذات قدرة نووية أو حتى صواريخ بمدى بعيد إلى ساحة صراع نشطة مثل أوكرانيا، ليس مجرد خطوة عسكرية تقليدية، بل هو "لعب بالنار" على مستوى الأمن الدولي. 

وحذّر الأفندي من أن استخدام هذه المنظومات ضد العمق الروسي قد يُفضي إلى رد روسي قوي ومزلزل، وربما يشمل استخدام أسلحة نووية تكتيكية، إذا رأت موسكو أن وجودها القومي مهدد بصورة مباشرة.

ويرى الأفندي، أن بعض التصريحات الأوروبية والدعم السياسي لتسليح أوكرانيا تضيف وقودًا لشرعية خطوات قد تحمل طابعًا عسكريًا خطيرًا، فعلى سبيل المثال، زيارة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي إلى كييف وتصريحاتها الداعمة لتزويد أوكرانيا بمنظومات متقدمة، والتي تعد تطورًا بالغ الخطورة لأنه يمنح خطوة تسليحية غطاءً سياسيًا قد يدفع بالمنطقة نحو سيناريو كارثي.

وأشار الأفندي إلى أنه في حال استخدمت أوكرانيا صواريخ "توماهوك" في أي هجوم، فإن الرد الروسي لن يقتصر على كييف فقط، بل قد يمتد ليشمل أطرافًا أوروبية داعمة، من منطلق أن موسكو لن تعتبر التهديد محليًا بل إقليميًا ودوليًا. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC