في مشهد سياسي مشحون بالتوقعات والتكهنات، يكتنف الغموض تشكيل حكومة رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو.
ورغم مرور أكثر من عشرة أيام على تعيينه، وتأجيلات متتالية، لم يتم الكشف عن التشكيلة الحكومية الجديدة، ما أثار تساؤلات حول أسباب هذا التأخير، ومدى إمكانية أن تزيد هذه الأزمة من التعقيدات السياسية في البلاد.
ورغم التوقعات باقتراب الإعلان، لن تُعرف تركيبة الحكومة الفرنسية الجديدة إلا اليوم الاثنين، أو غدًا الثلاثاء، بعد يوم حافل بالمفاوضات والمشاورات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الجديد فرانسوا بايرو.
وزار بايرو قصر الإليزيه، مساء الأحد، عقب يوم كامل من النقاشات مع ماكرون حول تركيبة الفريق الوزاري.
وبعد عشرة أيام من تعيينه في منصبه، يضع بايرو اللمسات الأخيرة على تشكيلة الحكومة المرتقبة.
وكان رئيس نواب حزب الحركة الديمقراطية (مودم)، مارك فيسنو، قد صرح بأن القائمة ستُعلن "دفعة واحدة" وقبل عيد الميلاد.
ومع ذلك، يزداد ضيق الوقت مع حلول يوم الاثنين، الذي تم تخصيصه ليوم حداد وطني تكريمًا لضحايا إعصار شيدو في مايوت.
وتتضمن المفاوضات تحديات كبيرة، حيث يسعى بايرو إلى ضم شخصيات ذات ثقل سياسي من مختلف الاتجاهات، إذ ترددت أسماء مثل إليزابيث بورن وجيرالد دارمانان، إلى جانب زعماء آخرين مثل فرانسوا ريبسامين وزافييه برتراند، لكن هذه الاختيارات تواجه انتقادات من بعض الأحزاب السياسية.
من جهة أخرى، يسعى بايرو لتشكيل حكومة "متوازنة" تضم شخصيات من اليمين واليسار والوسط لتجنب احتمال التصويت بحجب الثقة في البرلمان.
ومع ذلك، تبرز التحديات الكبيرة في إقناع الأطراف المختلفة بالانضمام إلى الحكومة الجديدة.
وبهذا الصدد، قال المحلل السياسي في مركز أبحاث باريس، الدكتور أنطوان دوريل، إن التأخير في الإعلان عن حكومة بايرو يعكس صراعًا داخليًا على النفوذ بين الأحزاب السياسية الرئيسية.
وأوضح دوريل، لـ"إرم نيوز"، أن "محاولة بايرو تشكيل حكومة متوازنة تضم شخصيات من اليمين واليسار والوسط تواجه مقاومة شديدة من الأطراف المتعارضة، وهو ما يؤدي إلى تعقيد الأمور".
بدورها، قالت الخبيرة في الشؤون الفرنسية بالمعهد الأوروبي للدراسات السياسية، كلير مارتينو، إن التأخير يرجع إلى "صعوبة تحقيق التوازن المطلوب بين الأطراف السياسية".
وأضافت مارتينو، لـ"إرم نيوز"، أن "فرانسوا بايرو يسعى لتجنب أي تصويت بحجب الثقة عن حكومته، مما يدفعه للتفاوض بعمق مع مختلف التيارات لضمان دعم برلماني مستقر".
من جهته، قال المحلل السياسي الفرنسي، برونو كورتريه، إن السبب الرئيس للتأخير هو التحديات السياسية الداخلية والتوازنات البرلمانية.
وتابع كورتريه، لـ"إرم نيوز": "فرانسوا بايرو يواجه اختبارًا صعبًا في إرضاء الأطراف المختلفة دون المساس بثقة الناخبين أو إثارة اعتراضات المعارضة".
ورأى أن "غياب الدعم القوي من اليسار يعقد الأمور بشكل كبير، مما يفسر طول المفاوضات والتردد في اتخاذ القرار النهائي".
ويبقى السؤال قائمًا حول ما إذا سيستطيع بايرو تجاوز العقبات وفرض حكومته في الوقت المناسب، أم أن هذه الأزمة ستزيد من تعقيد المشهد السياسي الفرنسي، وهو الأمر الذي سيتضح خلال الساعات أو الأيام المقبلة.