يواجه رئيس الوزراء الفرنسي الجديد فرانسوا بايرو تحديات كبيرة خلال مشاوراته لتشكيل حكومته المرتقبة.
ومن بين هذه التحديات، استقطاب دعم الكتل السياسية المختلفة في الجمعية الوطنية، إلى جانب التصدي للتوترات التي تشهدها الساحة السياسية، والتي تنذر بإمكانية تعقيد مهمته في ضمان استقرار الحكومة.
وقال ويك تريميليه، المحلل السياسي في معهد "مونتاني، "إن فرانسوا بايرو يعتمد على استراتيجية تستند إلى شمولية الحوار السياسي، وهي خطوة ضرورية لتعزيز الشرعية السياسية لحكومته.
وأضاف تريميليه لـ"إرم نيوز" أن "المشكلة الرئيسة تكمن في المشهد السياسي المتأجج، إذ تعتمد الحكومة الجديدة على دعم غير مستقر في البرلمان".
وأردف: "اللقاءات مع زعماء المعارضة مثل إريك سيوتي ومارين لوبان تشير إلى أنه يضع نصب عينيه تحقيق توازن صعب بين إرضاء اليمين المتطرف والجمهوريين، دون أن يخسر دعم الوسط".
واعتبر الخبير السياسي الفرنسي أن نجاح هذه المشاورات يعتمد بشكل كبير على مدى التزام الأطراف بحوار بناء بدلاً من المناورة السياسية".
ومن جانبها، قالت ماريون فيلنوف، خبيرة في الشؤون البرلمانية في مركز الدراسات السياسية بباريس، إن مشاورات بايرو تُبرز إشكالية التوافق في النظام السياسي الفرنسي.
ورأت فيلنوف لـ"إرم نيوز"أن "التحدي الرئيس هو الحفاظ على وحدة الأغلبية البرلمانية، خاصة مع تصريحات معارضة من شخصيات مثل مارين لوبان وإريك سيوتي".
وأضافت: "عليه أن يقدم برنامجًا حكوميًا مقنعًا يُرضي القواعد الشعبية، مع التركيز على القضايا الحساسة مثل الهجرة وإعادة الإعمار في مايوت".
وذكر أن "النجاح في تجاوز هذه المرحلة يتطلب منه تقديم تنازلات محددة لضمان عدم التصادم مع المعارضة البرلمانية".
وأعلن فرانسوا بايرو، رئيس الوزراء الفرنسي الجديد، أن أولوياته تتجه نحو الاستجابة للأزمة الإنسانية في جزيرة مايوت، التي تعرضت أخيرًا لإعصار "تشيدو".
وفي تصريح عبر برنامج خاص على قناة "فرانس 2"، أكد بايرو أنه سيتوجه إلى مايوت فور تشكيل حكومته لمواجهة آثار الكارثة وتعبئة كل موارد الدولة لإعادة الإعمار.
ومع ذلك، تعرض بايرو لانتقادات حادة بسبب قراره ترؤس اجتماع المجلس البلدي في مدينة بو يوم الاثنين الماضي، بينما شارك في اجتماع أزمة حول مايوت عبر تقنية الفيديو.
دافع بايرو عن موقفه قائلاً إنه لا يريد الفصل بين القضايا المحلية والمسؤوليات الوطنية، مبرزًا أهمية تحقيق التوازن بين الأدوار المختلفة.
وبدأ بايرو يوم الأربعاء سلسلة مشاورات مع شخصيات سياسية بارزة من مختلف التوجهات.
وشملت هذه اللقاءات ناتالي ديلاتر رئيسة الحزب الراديكالي، وإريك سيوتي الرئيس السابق لحزب الجمهوريين ورئيس كتلة اتحاد اليمين من أجل الجمهورية في الجمعية الوطنية.
تهدف هذه المشاورات إلى بناء جسور التعاون مع القوى السياسية المختلفة، وتأمين الدعم اللازم للمشاريع الحكومية المستقبلية.
كذلك، أعلن بايرو إطلاق "دعوة لتقديم مشاريع حول تصاميم منازل سريعة البناء ومسبقة الصنع"، لدعم جهود إعادة الإعمار في مايوت. وأكد أهمية وحدة القوى السياسية في مواجهة التحديات الراهنة.
توترات سياسية: تصريحات مارين لوبان وإريك سيوتي
تأتي تعيينات فرانسوا بايرو في ظل تصاعد التوترات السياسية. مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني، أشارت في تصريح لصحيفة لو باريزيان إلى احتمالية إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مستندة إلى "الوضع الهش" الذي يعانيه الرئيس إيمانويل ماكرون.
بدوره، صرح إريك سيوتي لصحيفة لو فيجارو أنه سيحكم على حكومة بايرو بناءً على "أفعالها"، ولم يستبعد التصويت لصالح حجب الثقة إذا لزم الأمر. كما شدد على ضرورة عدم التنازل عن قانون الهجرة، محذرًا من أي اتفاق سياسي قد يُبرم بين الحكومة والحزب الاشتراكي على حساب هذا القانون.
حكومة تحت الضغط
يواجه فرانسوا بايرو تحديات معقدة، من الاستجابة السريعة للأزمة الإنسانية في مايوت إلى تهدئة التوترات السياسية داخل الجمعية الوطنية.
وتعتمد استمرارية حكومته على قدرته في توحيد القوى السياسية خلف أولويات مشتركة، مع تقديم حلول فعالة للأزمات القائمة، لضمان استقرار السلطة التنفيذية تحت قيادة إيمانويل ماكرون.