logo
العالم

إمبراطورية "بوتين السيبرانية".. كيف أحكم الكرملين قبضته التكنولوجية حول العالم؟

إمبراطورية "بوتين السيبرانية".. كيف أحكم الكرملين قبضته التكنولوجية حول العالم؟
تعبيريةالمصدر: منصة إكس
26 أغسطس 2025، 4:56 ص

في أواخر أبريل 2024، استضافت مدينة سانت بطرسبرغ الروسية اجتماعاً مهماً ترأسه نيكولاي باتروشيف، رئيس مجلس الأمن الروسي، بحضور سيرغي ناريشكين، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي. 

في ذلك الاجتماع حضر كبار مسؤولي الأمن من دول في أفريقيا، آسيا، أمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط، لمناقشة مفهوم "سيادة المعلومات"، وهو المصطلح الذي يستخدمه الكرملين للإشارة إلى التقنيات السيبرانية التي تحمي الدول من المراقبة والتأثير الغربي.

أخبار ذات علاقة

اتهامات نارية من طهران لموسكو

اتهامات صادمة.. هل كشفت روسيا لإسرائيل مواقع إيرانية حساسة؟ (فيديو إرم)

 لكن الاجتماع حمل رسالة أعمق، وفق تقرير لمجلة "فورين أفيرز"، إذ عرض باتروشيف قدرات شركات الأمن السيبراني الروسية لدعم الحكومات في السيطرة على فضاء المعلومات الوطني، في خطوة تعكس طموح الكرملين لتوسيع نفوذه التكنولوجي عالمياً.

بداية حملة سيبرانية

لم يحظَ الاجتماع باهتمام كبير في الغرب، حيث كانت الولايات المتحدة منشغلة بالموافقة على حزمة مساعدات بقيمة 60 مليار دولار لأوكرانيا، وأوروبا بإعداد جولتها الرابعة عشرة من العقوبات ضد روسيا.

 لكن بالنسبة للدول المشاركة، كان العرض الروسي مغرياً، فالعديد من هذه الدول، التي شهدت اضطرابات مثل "ثورات تويتر"، تشارك الكرملين رؤيته بأن وسائل التواصل الاجتماعي الغربية تُستخدم كأداة لزعزعة الاستقرار، كما أن علاقاتها التجارية مع روسيا، التي استمرت رغم الحرب في أوكرانيا، جعلتها أكثر تقبلًا للنفوذ الروسي.

أخبار ذات علاقة

اندلاع النيران بمصفاة نفط في طهران

هجمات سيبرانية وحرائق غامضة.. تصاعد "الحرب الخفية" بين إسرائيل وإيران

 وروسيا، التي ورثت تفوقاً تقنياً من الحقبة السوفيتية، ترى في التكنولوجيا السيبرانية أداة استراتيجية لتعزيز وجودها العالمي، ليعكس ذلك الاجتماع استراتيجية الكرملين الأوسع للتنافس مع الغرب في مناطق مثل إفريقيا، الشرق الأوسط، آسيا، وأمريكا اللاتينية، عبر أدوات القوة الناعمة والصلبة، بما في ذلك نشر جماعات مثل فاغنر العسكرية وافتتاح "بيوت روسيا" الثقافية التي تروج لروايات الكرملين.

الشركات السيبرانية الروسية

تُعد شركات الأمن السيبراني الروسية، مثل "بوزيتيف تكنولوجيز" و"كاسبرسكي لاب"، ركائز أساسية في هذه الحملة، لكن علاقاتها المزعومة مع أجهزة الأمن والاستخبارات الروسية أثارت قلق الغرب. 

في أبريل 2021، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على "بوزيتيف تكنولوجيز" لدعمها أجهزة مثل جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB)، بينما استهدفت عقوبات يونيو 2024 "كاسبرسكي لاب" بسبب تعاونها المزعوم مع الاستخبارات الروسية.

 كذلك اتخذ الاتحاد الأوروبي ودول مثل ألمانيا وإيطاليا وبولندا خطوات مماثلة لتقييد هذه الشركات، التي نفت بدورها هذه الاتهامات ووصفتها بأنها "لا أساس لها من الصحة"، ورغم هذه العقوبات، تواصل روسيا توسيع نفوذها السيبراني، مستفيدة من شراكات جديدة في أفريقيا، آسيا الوسطى، والشرق الأوسط.

 وتمنح هذه الصفقات الشركات الروسية وصولاً واسعاً إلى البنية التحتية الرقمية للدول الشريكة، مما يثير مخاوف من استغلالها لأغراض استخباراتية، ومع تخفيف إدارة ترامب لمراقبة التهديدات السيبرانية الخارجية، تجد روسيا مجالاً أوسع لتوسيع هذا النفوذ دون رادع.

كما تتوسع روسيا في أفريقيا والشرق الأوسط، إذ وقّعت "كاسبرسكي لاب" اتفاقيات مع مبادرة "سمارت أفريقا" والشبكة الإفريقية لهيئات الأمن السيبراني، مما عزز مكانة موسكو كلاعب رئيس في صناعة الأمن السيبراني بالقارة.

ولا تقتصر هذه الشراكات وغيرها على توفير تقنيات، بل تشمل تدريب المسؤولين المحليين، مما يمنح روسيا تأثيراً طويل الأمد على البنية التحتية الرقمية لهذه الدول. 

أخبار ذات علاقة

قوات روسية في القامشلي

"بانتسير" ومعدات حرب سيبرانية.. ماذا تريد موسكو من مطار القامشلي؟

 أما في إطار تحالفات عسكرية مثل منظمة معاهدة الأمن الجماعي، فتعمل روسيا على تعزيز التنسيق السيبراني مع دول مثل أرمينيا وكازاخستان.

مخاطر النفوذ الروسي

ترى مجلة "فورين أفيرز" أن هذا التوسع السيبراني يحمل مخاطر كبيرة، فالشركات الروسية لا تحصل فقط على وصول واسع إلى البنية التحتية الرقمية، بل تؤثر أيضاً على تصورات التهديدات السيبرانية لدى الدول الشريكة.

 والكرملين، الذي يعرّف "تهديدات المعلومات" بشكل واسع ليشمل وسائل الإعلام الأجنبية، قد يستغل هذه العلاقات لتعزيز رواياته السياسية، كما تضيف المجلة التي ترى أن التقنيات الروسية قد تُستخدم كمداخل خلفية لأجهزة الاستخبارات، كما أظهرت تسريبات سابقة لوكالة الأمن القومي الأمريكية.

ومن المفارقات أن العقوبات الغربية ربما عززت انتشار التكنولوجيا الروسية في العالم النامي، حيث تجد هذه الشركات أسواقاً بديلة، ومع تراجع النفوذ الأمريكي في هذه المناطق، قد تكتسب موسكو ميزة استراتيجية، مما يعزز قدرتها على شنّ هجمات سيبرانية ضد الغرب في المستقبل. 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC