بعد أيام قليلة من وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، زار وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، بكين، وكشفت تسريبات صحفية عن تعاون نحو تدعيم القدرات الجوية، الهجومية والدفاعية، لـ"الجمهورية الإسلامية" التي ظهرت بحالة هشة ومزرية في حرب الـ12 يومًا.
وتلقت تل أبيب تلك الأنباء بقلق كبير، خصوصًا بعدما كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم"، يوم الجمعة، عن معلومات تفيد باحتمال حصول إيران على طائرات مقاتلة صينية، وهو ما تزامن مع إعلان وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، إصدار تعليماته للجيش بإعداد خطة تنفيذية تضمن الحفاظ على تفوق إسرائيل الجوي.
وتساءلت الصحيفة العبرية إن كانت إسرائيل ستخوض قريبًا معركة ضد سلاح الجو الإيراني المُطوّر بفضل الصين، خصوصًا بعدما أعلنت وسائل إعلام دفاعية في وقت سابق من الأسبوع الجاري أن مسؤولين إيرانيين أعربوا من جديد عن اهتمامهم بشراء طائرة مقاتلة صينية متطورة من طراز J-10C خلال زيارة زاده إلى بكين.
وشوهد الوزير الإيراني جالسًا في قمرة قيادة الطائرة المقاتلة، وإن لم تكن من أحدث الطرازات المُنتجة في الصين، فقد خضعت أخيرًا لاختبار أثبت قدراتها على بعض أفضل الطائرات التي يُقدمها الغرب، بحسب "إسرائيل هيوم".
وأظهرت حرب قصيرة مدى هشاشة وتهالك قدرات إيران الجوية، الدفاعية والهجومية، وبحسب المحلل وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور محمد خير الجروان، فإن تحديث المنظومة الجوية العسكرية لطهران شكّل "مأزقًا استراتيجيًا عانت منه قواتها طوال العقود الماضية بعد الثورة".
ويؤكد محمد خير الجروان في تصريح لـ"إرم نيوز" أن الحرب الأخيرة مع إسرائيل كشفت عن "ضعف كبير لم يكن متصورًا في قوة إيران ومنظومتها الجوية ومدى فعاليتها"، وذلك "رغم الاستعراضات والمحاولات التي كشف عنها القادة الإيرانيون فيما يتعلق بتحديث تلك المنظومة".
كذلك، يشير المحلل وأستاذ العلوم السياسية، الدكتور محمد القطاطشة، إلى أن القدرات الجوية "المتواضعة" التي ظهرت عليها إيران أثناء حرب الـ12 يومًا، تعد مأزقًا قديمًا ومزمّنًا، وهو يعود بالدرجة الأولى إلى العقوبات الغربية المفروضة على النظام منذ عشرات السنين.
لكن الدكتور محمد القطاطشة يقول في تصريح لـ"إرم نيوز" إن هذا الضعف كان مبالغًا فيه في الحرب الأخيرة، وفاجأ المحللين الاستراتيجيين لتواضع القدرات الإيرانية الجوية، الدفاعية والهجومية، حتى إنها بدت وهي عاجزة عن حماية سمائها "مثل منظمة مسلحة وليس دولة".
وقبل المواجهة العسكرية مع إسرائيل، حاولت إيران بالفعل تحديث أسطول طائراتها الحربية عبر حلفائها وشركائها، مثل روسيا، فقد بذلت جهودًا كبيرة لاستيراد المقاتلات سوخي-35، إلا أن الأخيرة "تتلكأ حتى الآن" في توريد هذا النوع من الطائرات لطهران، وفق الجروان.
كما دخلت في مفاوضات مع الصين منذ العام 2015 لاستيراد عدد من طائرات J-10C، إلا أن الصفقة فشلت في ذلك الوقت، ويعود ذلك بشكل رئيس، بحسب الجروان، إلى أن "طبيعة تحالفات طهران مع موسكو وبكين تعبّر عن مصالح مؤقّتة ومواقف غير موحدة".
ويشكك أيضًا المحلل والخبير الاستراتيجي، الدكتور عامر السبايلة، بقدرة إيران على تدعيم وتطوير قدراتها الجوية، معتبرًا أن ما لم تستطع فعله خلال أربعين عامًا، لن يتحقق خلال أشهر.
ويقول الدكتور عامر السبايلة في تصريح لـ"إرم نيوز" إن قدرة إيران على ترميم سمائها تكاد تكون معدومة، مشيرًا إلى أن هذا الضعف كان ظاهرًا ومعروفًا لديها قبل الحرب، ولن تستطيع تفاديه بعدها، كما أن الصين لا تبدو مستعدة لتقديم هذا الدعم.
ويتفق الجروان على أن الصين "غير مستعدة للتضحية بعلاقاتها ومصالحها التجارية المنتشرة في العالم، مقابل تطوير حدود تعاونها العسكري مع إيران ليشمل توريد الطائرات المقاتلة والتكنولوجيا العسكرية للجيش الإيراني"، مؤكدًا أن بكين تعتمد تاريخيًا على الدبلوماسية وعلاقتها الاقتصادية في علاقاتها الخارجية، وتنأى بشكل كبير عن التدخلات والالتزامات العسكرية.
أما القطاطشة، فيعتقد أن الحل الوحيد الذي قد تُقدم فيه الصين على مساعدة إيران، هو السماح لها بإنشاء قواعد عسكرية، رغم استبعاده قبول طهران، لكنه يشير في المقابل إلى أن إيران بحاجة أيضًا إلى كوادر مدرّبة، وتكنولوجيا حديثة، تفتقر إليها بشكل كبير.
كذلك ينوّه إلى أن التعاون بين بكين وتل أبيب والمصالح بينهما، لن تدفع الصين للتضحية واختيار إيران، مؤكدًا أن هناك توافقًا على أن تبقى إسرائيل "متفوقة جويًا في المنطقة".
ويشير القطاطشة إلى أن رغبة طهران في تحديث منظومتها الجوية، دفاعيًا وهجوميًا، تصطدم أيضًا بـ"الاختراق الكبير" الذي تتعرض له البلاد، والذي يتيح لإسرائيل معرفة أي خطوة قد تُقدم عليها، وتستبقها.