الخارجية الإيرانية: طهران تخفض مستوى العلاقات الثنائية مع أستراليا
في قلب الأسواق المزدحمة في نيروبي وداكار ولاغوس، أصبح تأثير الصين على حياة الناس اليومية ملموسًا أكثر من أي وقت مضى؛ فالبضائع الصينية لم تعُد مجرد سلعٍ مستوردة، بل أداةً تُغيّر أنماط حياة ملايين الأفارقة، من العمال في المصانع إلى الأسر التي تبحث عن أدوات الطاقة المتجددة لبيوتها الصغيرة.
وبحسب "بيزنس إنسايدر أفريكا"، فإن صادرات الصين إلى إفريقيا في العام 2025، بلغت 122 مليار دولار، بزيادة 25% مقارنة بالعام الماضي، متجاوزة إجمالي صادرات 2020 في نصف العام فقط، لكن ما يجعل هذه الأرقام أكثر من مجرد أرقام هو أثرها المباشر على المجتمعات المحلية؛ فالأجهزة المنزلية تُباع بأسعار مقبولة، وكذلك البطاريات والمحوّلات التي توفر الكهرباء للمناطق النائية، ومكونات الحديد والفولاذ التي تُستخدم في بناء المدارس والمستشفيات.
يعتقد مُراقبون أن هذا التوسع لم يكن مصادفةً؛ فمع تضاعف الرسوم الجمركية الأمريكية على أكثر من 30 دولة إفريقية، أدركت بكين أن هناك فرصة سانحة لتعزيز نفوذها، ولذلك فإن الإعفاءات الجمركية على صادرات الدول الأفريقية ذات العلاقات الدبلوماسية مع الصين جعلت المنتجات الزراعية والصناعية تصِل إلى الأسواق بسهولة، من أثيوبيا والكونغو إلى غامبيا وملاوي، الأمر الذي منح المزارعين والمصنعين المحليين فرصة لزيادة دخلهم وفتح آفاق جديدة للتصدير.
وعلى المستوى التكنولوجي، تبرز زيادة الطلب على مكونات الطاقة المتجددة كجزء من حياة الناس اليومية، ليس فقط كمشروعٍ صناعي، فالمحوّلات الكهربائية الجديدة تُساعد القرى على الاعتماد على الطاقة الشمسية؛ ما يُخفِّف من الانقطاعات الكهربائية ويُتيح للطلبة الدراسة ليلاً، وللعائلات ممارسة أعمالها اليومية دون انقطاع.
وتذكر مصادر مُطّلعةٌ أنه في الأسواق الأفريقية، يُمكن ملاحظة أثر هذه التجارة على الأرض؛ فالبائعون يروّجون للبطاريات الصينية بأسعار معقولة، والمزارعون يستثمرون في أدوات الري المستوردة من الصين، والأسر الصغيرة تتحصل على سلع منزلية كانت يومًا بعيدة المنال، لكن بعيدًا عن الأرقام، هناك قصص شخصية عن تحسّن نوعية الحياة، وعن آمال جديدة للأطفال الذين لم يعرفوا الاستقرار الكهربائي إلا مؤخرًا.
ويُحذّر الخبراء من مغبَّة هذا النمو السريع؛ إذ تُواجه الدول الأفريقية تحديًا مزدوجًا يتمثَّل في كيفية المحافظة على استقلالها الاقتصادي في مواجهة قوةٍ عالمية مثل الصين، وكيف تضمن أن يستفيد الناس العاديون من هذا الانفتاح التجاري، لا أن يظلَّ مجرد أرقام على ورق، وما يظهر اليوم هو أن التجارة لم تعُد مجرد تجارة، بل أضحت عامل تغييرٍ اجتماعي ملموس في حياة الناس، يُشكِّل طريقةً جديدة لتجربة التنمية.