logo
العالم

حرب باردة جديدة في قلب إفريقيا.. من يربح صراع الساحل بين روسيا والغرب؟

حرب باردة جديدة في قلب إفريقيا.. من يربح صراع الساحل بين روسيا والغرب؟
الرئيس الانتقالي لبوركينا فاسو والرئيس الروسيالمصدر: دويتشه فيليه
30 أغسطس 2025، 11:27 ص

في السنوات الثلاث الأخيرة، أصبحت مالي وبوركينا فاسو والنيجر رموزًا لعودة الحكم العسكري في الساحل الإفريقي

ومع خروج القوات الفرنسية والقوات الغربية وسط مظاهر الابتهاج الشعبي، سارعت موسكو لبسط نفوذها: أرسلت السلاح، والمستشارين، وشبكات الدعاية، لتحل محل الأوروبيين والأمريكيين ضمن موجة تغييرات هزّت المنطقة، بحسب إذاعة "دويتشه فيليه" الألمانية.

الساحل.. أفقر المناطق وساحة للإرهاب والمعاناة

الساحل منطقة قليلة السكان. وهي أيضًا من أفقر بقاع العالم، تعاني شحًا في الفرص وتفاقم آثار تغيّرات المناخ. 

ولا تزال أكثر من نصف الوفيات المرتبطة بالإرهاب في العالم تحدث على أرض الساحل، بحسب أحدث الإحصائيات الدولية.

وتواجه روسيا اتهامات باستخدام المرتزقة من مجموعة فاغنر، لكنها منذ 2024–2025 انتقلت لنموذج أكثر تنظيمًا من الشراكة الأمنية الرسمية، عبر اتفاقيات مباشرة بين وزارات الدفاع وتفعيل "الفيلق الإفريقي" كقوة روسية بعلم الدولة لا بالوكالة فقط. 

أخبار ذات علاقة

عناصر مرتبطة بالقاعدة في مالي

موجة نزوح واسعة في مالي.. القاعدة تكثف هجماتها وتقترب من العاصمة

وذلك يُمكّن الكرملين من حضور عسكري منظم، وتنسيق أمني أسرع وأكثر استدامة في دعم الأنظمة العسكرية، وتعزيز القدرات القتالية ضد الجماعات الإرهابية.

تحوّلات في ميزان القوى الإقليمي والدولي

تكرس روسيا نمطًا جديدًا من الاصطفافات والشراكات العسكرية، على حساب النفوذ الفرنسي والغربي المتراجع. 

كما يربك هذا التحوّل التوازنات الجيوسياسية، خاصة مع اتجاه بعض الأنظمة نحو إبرام تحالفات أمنية واقتصادية مع موسكو دون اشتراطات سياسية أو ديمقراطية، ما يعزز استقلالية القرار المحلي ويهدد مصالح الغرب.

ورغم تقدم النفوذ الروسي، بدأ المحللون يشيرون إلى المخاطر البنيوية لهذا المشروع. يستفيد الكرملين من فراغ القوى الغربية ودعم الأنظمة الانتقالية، لكن الحضور الروسي يظل هشًّا ويعتمد غالباً على علاقات مع سلطات غير مستقرة أو تحالفات متقلبة قابلة للانهيار بفعل الانقلابات أو المنافسة الدولية المستمرة. 

وتحذّر تقارير استقصائية من أن إيكال الملف الأمني الروسي لجهات محلية أو لوكلاء محدودي الخبرة قد يؤدي إلى نتائج عكسية: تصاعد العنف، تآكل بنية الدولة، وتفاقم الانقسام المحلي بدلاً من الاستقرار.

أهداف موسكو النهائية

لا تخفي روسيا سعيها المحموم لبسط سيطرتها على الموارد الطبيعية الثمينة، من الذهب والمعادن النادرة إلى الطاقة. 

أخبار ذات علاقة

فلاديمير بوتين

من "فاغنر" إلى "كاسبرسكي".. استراتيجية روسية لاحتلال الفضاءين الواقعي والرقمي

وفي خلفية المشهد، تهدف موسكو لإعادة تنظيم خريطة النفوذ العالمي بعد فقدانها أوراق قوة في مناطق أخرى من العالم، وتوظيف الرابعة الإفريقية ساحة في تنافسها مع واشنطن وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي.

وتعمل الآلة الإعلامية الروسية على دعم الأنظمة العسكرية ونشر السردية المناهضة للغرب، وترويج صورة روسيا كصديق "يحترم السيادة"، في حين تتزايد الاتهامات بانتهاكات لحقوق الإنسان من قبل العناصر المرتزقة المرتبطة بفاغنر.

ويضع التمدد الروسي دولاً مثل موريتانيا أمام خيارات دقيقة؛ فبحكم الجوار الجغرافي، تضطر إلى تحقيق توازن بين الشراكة الغربية والحذر من روسيا؛ خشية الوقوع في قبضة الضغوط الدولية المتقاطعة مع تصاعد الحرارة في ساحات الجوار.

ورغم الترحيب الشعبي بالدعم الروسي في البداية، سرعان ما تصطدم الشعوب بالحقيقة: لعبة القوى التي يمارسها بوتين وأمثاله لا تُفضي بالضرورة إلى الأمن أو الازدهار، بل إلى مرحلة جديدة من الغموض الاستراتيجي لم تُكتب نهايتها بعد.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC