نفى الحرس الثوري الإيراني صحة ما ورد، في التصريحات المثيرة للجدل، التي أدلى بها الجنرال محسن رفيق دوست، أحد كبار قادته، بشأن تورط الحرس في عمليات اغتيال معارضين خارج الأراضي الإيرانية.
وقال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، العميد علي محمد نائيني، إن "تصريحات ومواقف الجنرال محسن رفيق دوست غير واقعية، ومضللة"، على حد وصفه.
وأكد نائيني، في بيان صحفي، أن "رفيق دوست لم يكن له أي دور أو مسؤولية في الشؤون الاستخباراتية أو الأمنية أو العملياتية للحرس الثوري الإيراني"، مشيراً إلى أن "مهامه تركزت على توفير الإمدادات والدعم خلال الحرب الإيرانية - العراقية".
ويأتي هذا البيان بعد المقابلة التي أجراها رفيق دوست مع موقع "ديده بان إيران"، والتي تحدث فيها عن تعاونه مع منظمة "باسك" الإسبانية الانفصالية في تنفيذ اغتيالات لمعارضين إيرانيين بارزين في الخارج.
وكان الجنرال دوست قد كشف عن تورطه في اغتيال شخصيات مثل: شابور بختيار، وفريدون فرخزاد، والجنرال غلام علي أويسي، وشهريار شفيق، نجل أشرف بهلوي، شقيقة الشاه الإيراني السابق محمد رضا بهلوي.
بدوره، أصدر مكتب رفيق دوست بياناً توضيحياً نفى فيه صحة تصريحاته، موضحاً أنه خضع لعملية جراحية في الدماغ في السنوات الماضية، مما أدى إلى مضاعفات أثرت على ذاكرته، وقد تجعله يستذكر بعض الأسماء والأحداث بشكل خاطئ.
وأضاف البيان أن تصريحاته لا يمكن الاعتماد عليها من الناحيتين القانونية أو التاريخية.
وبعد الجدل الذي أثارته مقابلة دوست، وتصريحاته بشأن الاغتيالات التي نُفذت خارج إيران، أعرب حسين موسويان، السفير الإيراني السابق في ألمانيا والمقيم، حالياً، في الولايات المتحدة، عن ذهوله ودهشته من هذه التصريحات.
وكتب موسويان في منشور عبر منصة "إكس": "شعرت بالذهول والصدمة عند قراءة هذه المقابلة!"، موضحاً أن المغنّي والمعارض الإيراني فريدون فرخزاد كان على تواصل مع السفارة الإيرانية، حيث كان يرغب في العودة إلى إيران.
وبحسب موسويان، فقد وافقت السلطات الإيرانية على عودته بعد عدة أشهر من المتابعة، إلا أن تصريحات رفيق دوست تكشف أن عملية اغتياله نُفذت في نفس تلك الفترة.
وأضاف: "قرأنا خبر اغتيال فرخزاد في وسائل الإعلام الألمانية! أنا وزملائي في السفارة صُدمنا وتأثرنا بالحادثة، وعندما تابعنا الأمر، أكدت لنا الجهات المعنية في طهران أنه قُتل على يد المعارضة الإيرانية في الخارج، وبناءً على ذلك، نقلنا هذه الرواية إلى المسؤولين الألمان ووسائل الإعلام، ولكن بعد 32 عاماً، اكتشفت الحقيقة لأول مرة من خلال مقابلة السيد رفيق دوست!".
من جانبه، أصدر محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري، وعضو "مجمع تشخيص مصلحة النظام"، بياناً، الثلاثاء، نفى فيه أي تورط في عمليات الاغتيال التي نفذتها إيران خارج البلاد، مؤكداً أن "هذه العمليات لم تكن من تنفيذ طهران".
وقال رضائي: "بعد انتشار مقابلة دوست، التي تضمنت مزاعم حول الاغتيالات والتعاون مع جماعات انفصالية، نؤكد بشدة أن هذه الادعاءات غير صحيحة ويتم نفيها بالكامل".
وفي ردّها على تصريحات محسن رفيق دوست، أكدت وكالة "تسنيم"، المقربة من الحرس الثوري، أن هذه القضايا تُعدّ "سرية للغاية".
وقالت: "إذا كانت هذه الادعاءات صحيحة، وكان دوست مسؤولاً عن هذه العمليات، فلا شك أنها من الملفات ذات التصنيف فائق السرية".
وأشارت الوكالة إلى أن المقابلة التي أجراها دوست قد حُذفت من الموقع الذي نشرها، لكنها لا تزال تثير تفاعلات واسعة.
وشككت "تسنيم" في مصداقية تصريحات دوست، مشيرة إلى أنه لم يذكر هذه التفاصيل في أي من رواياته السابقة.
وتساءلت الوكالة: "إذا كانت هذه الادعاءات صحيحة، فهل تم رفع السرية عن هذه الوثائق؟ وإن لم يكن الأمر كذلك، فلماذا أفصح عنها دوست؟".
من جانبه، انتقد أحمد بخشایش أردستاني، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، تصريحات دوست، معتبراً أنه "رجل مسن يحاول استعراض بطولات وهمية".
وقال: "لطالما كنا نقول إن إيران لم تكن وراء اغتيال بختيار، وإن المعارضة هي المسؤولة عن ذلك. لكن، الآن، يأتي دوست ليقول العكس، ويؤكد أن إيران متورطة فعلياً في هذه العمليات".
وأضاف: "تصريحات دوست جاءت في توقيت سيئ للغاية، لأنه كان وزيراً للحرس، وهذا يعني أن الدول الأجنبية قد تعتبر كلامه دليلاً رسمياً على أن إيران دولة إرهابية، ما سيزيد من عزلتها الدولية".
وختم بالقول: "بهذه التصريحات، يبدو أن الغرب كان محقاً في جميع الاتهامات التي وجهها لإيران".